[المطففين : 6] يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
6 - (يوم) بدل من محل ليوم فناصبه مبعوثون (يقوم الناس) من قبورهم (لرب العالمين) الخلائق لأجل أمره وحسابه وجزائه
وقوله : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " فيوم يقوم تفسير عن اليوم الأول المخفوض ، ولكنه لما لم يعد عليه اللام ، رد إلى مبعوثون ، فكأنه قال : ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون يوم يقوم الناس ؟ وقد يجوز نصبه وهو بمعنى الخفض ، لأنها إضافة محضة ، ولو خفض رداً على اليوم الأول لم يكن لحناً ، ولو رفع جاز ، كما قال الشاعر :
وكنت كذي رجلين : رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلت
وذكر أن الناس يقومون لرب العالمين يوم القيامة ، حتى يلجمهم العرق ، فبعض يقول مقدار ثلاث مئة عام ، وبعض يقول : مقدار أربعين عاماً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي بن سعيد الكندي ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : يقوم أحدكم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا ابن عون ، عن نافع ، قال : قال ابن عمر : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " حتى يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا جرير ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الناس يوقفون يوم القيامة لعظمة الله ، حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم ".
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " يقوم القيامة لعظمة الرحمن ، ثم ذكر مثله .
حدثني محمد بن خلف العسقلاني ، قال : ثنا آدم ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : يقومون حتى يبلغ الرشح إلى أنصاف آذانهم .
حدثنا أحمد بن محمد بن حبيب ، قال : ثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا أبي ، عن صالح ، قال : ثنا نافع ، عن ابن عمر ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية " يوم يقوم الناس لرب العالمين " : يوم القيامة حتى يغيب أحدهم إلى أنصاف أذنيه في رشحه " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة بن سعيد ، عن محارب بن دثار ، عن ابن عمر ، قوله " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : يقومون مئة سنة .
حدثنا تميم بن المنتصر ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن نافع ، " عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " يوم القيامة ، حتى إن العرق ليلجم الرجل إلى أنصاف أذنيه " .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .
حدثنا ابن المثنى ، و ابن وكيع ، قالا : ثنا يحيى ، عن عبد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، " عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقوم الناس لرب العالمين حتى يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه " .
حدثني محمد بن إبراهيم السليمي المعروف بـ ابن صدران ، قال : ثنا يعقوب بن إسحاق ، قال : ثنا عبد السلام بن عجلان ، قال : ثنا يزيد المدني ، عن أبي هريرة ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبشير الغفاري : كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس لرب العالمين مقدار ثلاث مئة سنة من أيام الدنيا ، لا يأتيهم خبر من السماء ، ولا يؤمر فيهم بأمر ؟ قال بشير : المستعان الله يا رسول الله ، قال : إذا أنت أويت إلى فراشك فتعوذ بالله من كرب يوم القيامة وسوء الحساب " .
حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي ، قال : ثنا شريك ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن عبد الله بن مسعود : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال: يمكثون أربعين عاماً رافعي رؤوسهم إلى السماء ، لا يكلمهم أحد ، قد ألجم العرق كل بر وفاجر ، قال : فينادي مناد أليس عدلاً من ربكم أن خلقكم ثم صوركم ، ثم رزقكم ، ثم توليتم غيره ، أن يولي كل عبد منكم ما تولى في الدنيا ؟ قالوا : بلى ثم ذكر الحديث بطوله .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن قيس بن سكن ، قال : حدث عبد الله ، وهو عند عمر " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : إذا كان يوم القيامة يقوم الناس بين يدي رب العالمين أربعين عاماً ، شاخصة أبصارهم إلى السماء ، حفاة عراة يلجمهم العرق ، ولا يكلمهم بشر أربعين عاماً ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : ذكر لنا أن كعباً كان يقول : يقومون ثلاث مئة سنة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران و سعيد ، عن قتادة " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : كان كعب يقول : يقومون مقدار ثلاث مئة سنة .
قال قتادة : وحدثنا العلاء بن زياد العدوي ، قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن ، حتى يكون كإحدى صلاته المكتوبة .
قال : ثنا مهران ، قال : ثنا العمري ، عن نافع ، عن " ابن عمر ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " يوم يقوم الناس لرب العالمين " قال : يقوم الرجل في رشحه إلى أنصاف أذنيه ".
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : " يقوم الناس لرب العالمين " حتى يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
قال يعقوب ، قال : إسماعيل ، قلت لـ ابن عون : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ؟ قال : نعم إن شاء الله .
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن ، قال : ثني عمي ، قال : أخبرني مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر ، " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يقوم الناس لرب العالمين ، حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه إلى نصف أذنيه " .
قوله تعالى: " يوم يقوم الناس لرب العالمين" فيه أربع مسائل:
الأولى - العامل في ((يوم)) فعل مضمر، دل عليه ((مبعوثون)). والمعنى يبعثون ((يوم يقوم الناس لرب العالمين)). ويجوز أن يكون بدلاً من يوم في ((ليوم عظيم))، وهو مبني. وقيل: هو في موضع خفض، لأنه أضيف إلى غير متمكن. وقيل: هو منصوب على الظرف أي في يوم، ويقال: أقم إلى يوم يخرج فلان، فتنصب يوم، فإن أضافوا إلى الاسم فحينئذ يخفضون ويقولون: أقم إلى يوم خروج فلان. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، التقدير: إنهم مبعوثون يوم يقوم الناس لرب العالمين ليوم عظيم.
الثانية - وعن عبد الملك بن مروان: أن أعرابياً قال له: قد سمعت ما قال الله تعالى في المطففين، أراد بذلك أن المطففين قد توجه عليهم هذا الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن. وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظيم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين، بيان بليغ لعظم الذنب، وتفاقم الإثم في التطفيف، وفيما كان في مثل حاله من الحيف، وترك القيام بالقسط، والعمل على التسوية والعدل، في كل اخذ وإعطاء بل في كل قول وعمل.
الثالثة - قرأ ابن عمر:
" ويل للمطففين " حتى بلغ " يوم يقوم الناس لرب العالمين" فبكى حتى سقط، وامتنع من قراءة ما بعده، ثم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول((يوم يقوم الناس لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فمنهم من يبلغ العرق كعبيه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ حقويه، ومنهم من يبلغ صدره، ومنهم من يبلغ أذنيه، حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه كما يغيب الضفدع)). وروى ناس عن ابن عباس قال: يقومون مقدار ثلثمائة سنة. قال: ويهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة. وروي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((يقومون ألف عام في الظلة)) و"روى مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((يوم يقوم الناس لرب العالمين، حتى إن أحدهم ليقوم في رشحه إلى أنصاف أذنيه))" ، " وعنه ايضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((يقوم مائة سنة)) " . و" قال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري:
((كيف انت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خير، ولا يؤمر في بأمر)) قال بشير: المستعان الله " .
قلت: قد ذكرناه مرفوعاً - من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم:
((إنه ليخفف عن المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا)) - في ((سأل سائل)). وعن ابن عباس: يهون على المؤمنون قدر صلاتهم الفريضة. وقيل: إن ذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس، والدليل على هذا من الكتاب قوله الحق: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" [ يونس :62] ثم وصفهم فقال:" الذين آمنوا وكانوا يتقون" [ يونس :63] جعلنا الله منهم بفضله وكرمه وجوده. ومنه آمين. وقيل: المراد بالناس جبريل عليه السلام يقوم لرب العالمين، قاله ابن جبير. وفيه بعد، لما ذكرنا من الأخبار في ذلك، وهي صحيحة ثابتة، وحسبك بما في صحيح مسلم والبخاري والترمذي من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( يوم يقوم الناس لرب العالمين)) قال: يقوم احدهم في رشحه إلى نصف أذنيه)). ثم قيل : هذا القيام يوم يقومون من قبورهم. وقيل في الآخرة بحقوق عبادة في الدنيا. وقال يزيد الرشك: يقومون بين يديه للقضاء.
الرابعة - القيام لله رب العالمين سبحانه حقير بالإضافة إلى عظمته وحقه، فأما قيام الناس بعضهم لبعض فاختلف فيه الناس، فمنهم من أجازه ومنهم من منعه. وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تيب عليه. و"قول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار حين طلع عليه سعد بن معاذ: ((قوموا إلى سيدكم)) " . وقال أيضاً:"(( من سره أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار)) " . وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته، فإن انتظر ذلك واعتقده لنفسه، فهو ممنوع، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة فإنه جائز، وخاصة عند الأسباب، كالقدوم من السفر ونحوه. وقد مضى في آخر سورة((يوسف)) شيء من هذا.
قال النسائي وابن ماجه : أخبرنا محمد بن عقيل , زاد ابن ماجه وعبد الرحمن بن بشر قالا: حدثنا علي بن الحسين بن واقد , حدثني أبي عن يزيد وهو ابن أبي سعيد النحوي مولى قريش عن عكرمة عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً فأنزل الله تعالى: "ويل للمطففين" فحسنوا الكيل بعد ذلك. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا جعفر بن النضر بن حماد , حدثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن هلال بن طلق قال: بينما أنا أسير مع ابن عمر فقلت: من أحسن الناس هيئة وأوفاهم كيلاً أهل مكة أو أهل المدينة قال: حق لهم, أما سمعت الله تعالى يقول: "ويل للمطففين" وقال ابن جرير : حدثنا أبو السائب , حدثنا ابن فضيل عن ضرار عن عبد الله المكتب عن رجل عن عبد الله قال: قال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل, قال: وما يمنعهم أن يوفوا الكيل وقد قال الله تعالى: " ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم * يوم يقوم الناس لرب العالمين " والمراد بالتطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان إما بالإزدياد إن اقتضى من الناس وإما بالنقصان إن قضاهم, ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك وهو الويل بقوله تعالى: "الذين إذا اكتالوا على الناس" أي من الناس "يستوفون" أي يأخذون حقهم بالوافي والزائد "وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" أي ينقصون, والأحسن أن يجعل كالوا ووزنوا متعدياً ويكون هم في محل نصب, ومنهم من يجعلها ضميراً مؤكداً للمستتر في قوله كالوا ووزنوا ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه, وكلاهما متقارب.
وقد أمر الله تعالى بالوفاء في الكيل والميزان فقال تعالى: " وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا " وقال تعالى: "وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها" وقال تعالى: "وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان" وأهلك الله قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال ثم قال تعالى: متوعداً لهم: "ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم ؟" أي ما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر في يوم عظيم الهول كثير الفزع جليل الخطب, من خسر فيه أدخل ناراً حامية ؟ وقوله تعالى: "يوم يقوم الناس لرب العالمين" أي يقومون حفاة عراة غرلاً في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه.
قال الإمام مالك عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه" رواه البخاري من حديث مالك وعبد الله بن عون كلاهما عن نافع به,ورواه مسلم من الطريقين أيضاً, وكذلك رواه أيوب بن يحيى وصالح بن كيسان وعبد الله وعبيد الله ابنا عمر ومحمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر به. ولفظ الإمام أحمد : حدثنا يزيد , أخبرنا ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يوم يقوم الناس لرب العالمين لعظمة الرحمن عز وجل يوم القيامة حتى إن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف آذانهم".
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق , حدثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر , حدثني سليم بن عامر , حدثني المقداد يعني ابن الأسودالكندي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين ـ قال ـ فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم, منهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه, ومنهم من يأخذه إلى حقويه, ومنهم من يلجمه إلجاماً" رواه مسلم عن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة والترمذي عن سويد عن ابن المبارك , كلاهما عن ابن جابر به.
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا الحسن بن سوار , حدثنا الليث بن سعد عن معاوية بن صالح أن أبا عبد الرحمن حدثه عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تدنو الشمس يوم القيامة على قدر ميل ويزاد في حرها كذا كذا, تغلي منها الهوام كما تغلي القدور يعرقون فيها على قدر خطاياهم, منهم من يبلغ إلى كعبيه ومنهم من يبلغ إلى ساقيه, ومنهم من يبلغ إلى وسطه, ومنهم من يلجمه العرق". انفرد به أحمد .
(حديث آخر) قال الإمام أحمد : حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة , حدثنا أبو عشانة حيي بن يؤمن أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق, ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه ومنهم من يبلغ العجز ومنهم من يبلغ الخاصرة, ومنهم من يبلغ منكبيه, ومنهم من يبلغ وسط فيه ـ وأشار بيده فألجمها فاه, رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده هكذا ومنهم من يغطيه عرقه" وضرب بيده إشارة, انفرد به أحمد , وفي حديث أنهم يقومون سبعين سنة لا يتكلمون, وقيل يقومون ثلاثمائة سنة, وقيل يقومون أربعين ألف سنة ويقضي بينهم في مقدار عشرة آلاف سنة كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعاً "في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة".
وقد قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا أبو عون الزيادي , أخبرنا عبد السلام بن عجلان , سمعت أبا يزيد المدني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري : "كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه ثلاثمائة سنة لرب العالمين من أيام الدنيا لا يأتيهم فيه خبر من السماء ولا يؤمر فيهم بأمر ؟" قال بشير : المستعان الله, قال "فإذا أويت إلى فراشك فتعوذ بالله من كرب يوم القيامة وسوء الحساب" ورواه ابن جرير من طريق عبد السلام به. وفي سنن أبي داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة. وعن ابن مسعود يقومون أربعين سنة رافعي رؤوسهم إلى السماء لا يكلمهم أحد قد ألجم العرق برهم وفاجرهم. وعن ابن عمر : يقومون مائة سنة رواهما ابن جرير . وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح عن أزهر بن سعيد الحواري عن عاصم بن حميد عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح قيام الليل: يكبر عشراً ويحمد عشراً, ويسبح عشراً ويستغفر عشراً ويقول: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة ".
ثم أخبر عن ذلك اليوم فقال: 6- "يوم يقوم الناس لرب العالمين" انتصاب الظرف بمبعوثون المذكور قبله، أو بفعل مقدر يدل عليه مبعوثون. أي يبعثون يوم يقوم الناس، أو على البدل من محل ليوم، أو بإضمار أعني، أو هو في محل رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أو في محل جر على البدل من لفظ ليوم، وإنما بني على الفتح في هذين الوجهين لإضافته إلى الفعل. قال الزجاج: يوم منصوب بقوله مبعوثون، المعنى: ألا يظنون أنهم يبعثون يوم القيامة، ومعنى يوم يقوم الناس: يوم يقومون من قبورهم لأمر رب العالمين، أو لجزائه، أو لحسابه، أو لحكمه وقضائه. وفي وصف اليوم بالعظم مع قيام الناس لله خاضعين فيه ووصفه سبحانه بكونه رب العالمين دلالة على عظم ذنب الطفيف، ومزيد إئمه وفظاعة عقابه. وقيل المراد بقوله: "يوم يقوم الناس" قيامهم في رشحهم إلى أنصاف آذانهم، وقيل المراد قيامهم بما عليهم من حقوق العباد، وقيل المراد قيام الرسل بين يدي الله للقضاء، والأول أولى.
6- "يوم يقوم الناس"، من قبورهم، "لرب العالمين"، أي لأمره ولجزائه ولحسابه.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا إبراهيم بن المنذر، أخبرنا معن، حدثني مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه".
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث، حدثنا محمد بن يعقوب الكسائي، حدثنا عبد الله بن محمود، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الخلال، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثني سليم بن عامر، حدثني المقداد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر / ميل أو اثنين -قال سليم: لا أدري أي الميلين يعني مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين؟- قال: فتصهرهم الشمس فيكون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يشير بيده إلى فيه يقول: ألجمه إلجاماً".
6-" يوم يقوم الناس " نصب بمبعوثون أو بدل من الجار والمجرور ويؤيده القراءة بالجر " لرب العالمين " لحكمه .
وفي هذا الإنكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم ، وقيام الناس فيه لله ، والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه .
6. The day when (all) mankind stand before the Lord of the Worlds?
6 - A Day when (all) mankind will stand before the Lord of the Worlds?