[المطففين : 28] عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ
28 - (عينا) فنصبه بأمدح مقدرا (يشرب بها المقربون) منها أو ضمن يشرب معنى يلتذ
قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق " عينا يشرب بها المقربون " قال : يشرب بها المقربون صرفاً ، وتمزج لأصحاب اليمين .
حدثني طلحة بن يحيى اليربوعي ، قال : ثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مالك بن الحارث ، في قوله " ومزاجه من تسنيم " قال : في الجنة عين يشرب منها المقربون صرفاً ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو حمزة ، عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قوله " ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون " صرفاً ، ويمزج فيها لمن دونهم .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن مالك بن الحارث ، في قوله " ومزاجه من تسنيم " قال : التسنيم : عين في الجنة يشربها المقربون صرفاً ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا يحيى بن واضح ، قال : ثنا أبو حمزة ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن عباس ، قوله " ومزاجه من تسنيم " قال : عين يشرب بها المقربون ، ويمزج فيها لمن دونهم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " ومزاجه من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون " عيناً من ماء الجنة ، تمزج به الخمر .
حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن علية ، عن أبي رجاء ، عن الحسن ، في قوله " ومزاجه من تسنيم " قال : خفايا أخفاها الله لأهل الجنة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا عمران بن عيينة ، عن إسماعيل ، عن أبي صالح ، في قوله " ومزاجه من تسنيم " قال : هو أشرف شراب في الجنة ، هو للمقربين صرف ، وهو لأهل الجنة مزاج .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ومزاجه من تسنيم " شراب شريف ، عين في الجنة يشربها المقربون صرفاً ، وتمزج لسائر أهل الجنة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " من تسنيم * عينا يشرب بها المقربون " قال : بلغنا أنها عين تخرج من تحت العرش ، وهي مزاج هذه الخمر : يعني مزاج الرحيق .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " من تسنيم " شراب اسمه تسنيم ، وهو من أشرف الشراب ، فتأويل الكلام : ومزاج الرحيق من عين تسنم عليهم من فوقهم ، فتنصب عليهم " يشرب بها المقربون " من الله صرفاً ، وتمزج لأهل الجنة .
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله " عينا " فقال بعض نحويي البصرة : إن شئت جعلت نصبه على يسقون عيناً ، وإن شئت جعلته مدحاً ، فيقطع من أول الكلام ، فكأنك تقول : أعني عيناً .
وقال بعض نحويي الكوفة : نصب العين على وجهين : أحدهما : أن ينوي من تسنيم عين ، فإذا نونت نصبت ، كما قال : " أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما " [ البلد : 14 - 15 ] ، وكما قال : " ألم نجعل الأرض كفاتا * أحياء " [ المرسلات : 25- 26 ] ، والوجه الآخر : أن ينوي من ماء سنم عيناً ، كقولك : رفع عيناً يشرب بها ، قال : وإن لم يكن التسنيم اسماً للماء ، فالعين نكرة ، والتسنيم معرفة ، وإن كان اسماً للماء ، فالعين نكرة ، فخرجت نصباً ، وقال آخر من البصريين : " من تسنيم " معرفة ، ثم قال " عينا " فجاءت نكرة ، فنصبتها صفة لها وقال آخر : نصبت بمعنى : من ماء يتسنم عيناً .
والصواب من القول في ذلك عندنا : أن التسنيم اسم معرفة ، والعين نكرة ، فنصبت لذلك إذ كانت صفة له .
وإنما قلنا : ذلك هو الصواب ، لما قد قدمنا من الرواية عن أهل التأويل ، أن التسنيم هو العين ، فكان معلوماً بذلك أن العين إذ كانت منصوبة وهي نكرة ، أن التسنيم معرفة .
قوله تعالى:"عينا يشرب بها المقربون" أي يشرب منها أهل جنة عدن، هم أفاضل أهل الجنة، صرفاً، وهي لغيرهم مزاج. و((عينا)) نصب على المدح. وقال الزجاج : نصب على الحال من فـ((ـعينا)) نصب، لأنه مفعول به، كقوله تعالى:" أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما" [البلد:14] وهذا قول الفراء إنه منصوب بتسنيم. وعند الأخفش بـ((ـيسقون)) أي يسقون عيناً أو من عين. وعند المبرد بإضمار أعني على المدح.
يقول تعالى: حقاً "إن كتاب الأبرار" وهم بخلاف الفجار "لفي عليين" أي مصيرهم إلى عليين وهو بخلاف سجين. قال الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر عن سجين قال: هي الأرض السابعة وفيها أرواح الكفار, وسأله عن عليين فقال: هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين, وهكذا قال غير واحد: إنها السماء السابعة, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: "كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين" يعني الجنة. وفي رواية العوفي عنه أعمالهم في السماء عند الله وكذا قال الضحاك , وقال قتادة : عليون ساق العرش اليمنى, وقال غيره: عليون عند سدرة المنتهى, والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو, وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع, ولهذا قال تعالى معظماً أمره ومفخماً شأنه "وما أدراك ما عليون" ثم قال تعالى مؤكداً لما كتب لهم " كتاب مرقوم * يشهده المقربون " وهم الملائكة قاله قتادة , وقال العوفي عن ابن عباس : يشهده من كل سماء مقربوها.
ثم قال تعالى: "إن الأبرار لفي نعيم" أي يوم القيامة هم في نعيم مقيم وجنات فيها فضل عميم "على الأرائك" وهي السرر تحت الحجال ينظرون قيل: معناه ينظرون في ملكهم وما أعطاهم الله من الخير والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد وقيل: معناه "على الأرائك ينظرون" إلى الله عز وجل, وهذا مقابل لما وصف به أولئك الفجار "كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون" فذكر عن هؤلاء أنهم يباحون النظر إلى الله عز وجل وهم على سررهم وفرشهم, كما تقدم في حديث ابن عمر "إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه, وإن أعلاهم لمن ينظر إلى الله في اليوم مرتين" وقوله: "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" أي تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم نضرة النعيم أي صفة الترافة والحشمة والسرور والدعة والرياسة مما هم فيه من النعيم العظيم.
وقوله تعالى: "يسقون من رحيق مختوم" أي يسقون من خمر من الجنة, والرحيق من أسماء الخمر, قاله ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وابن زيد , قال الإمام أحمد : حدثنا حسن , حدثنا زهير عن سعد أبي المجاهد الطائي عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري أراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما مؤمن سقى مؤمناً شربة ماء على ظمأ سقاه الله تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم, وأيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة, وأيما مؤمن كسا مؤمناً ثوباً على عري كساه الله من خضر الجنة" وقال ابن مسعود في قوله: "ختامه مسك" أي خلطه مسك, وقال العوفي عن ابن عباس : طيب الله لهم الخمر فكان آخر شيء جعل فيها مسك ختم بمسك, وكذا قال قتادة والضحاك , وقال إبراهيم والحسن ختامه مسك أي عاقبته مسك.
وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد , حدثنا يحيى بن وضاح , حدثنا أبو حمزة عن جابر عن عبد الرحمن بن سابط , عن أبي الدرداء "ختامه مسك" قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم, ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها, وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد "ختامه مسك" قال: طيبه مسك. وقوله تعالى: "وفي ذلك فليتنافس المتنافسون" أي وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون وليتباهى ويكاثر ويستبق إلى مثله المستبقون, كقوله تعالى: "لمثل هذا فليعمل العاملون", وقوله تعالى: "ومزاجه من تسنيم" أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم أي من شراب يقال له تسنيم, وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه, قاله أبو صالح والضحاك , ولهذا قال: "عيناً يشرب بها المقربون" أي يشربها المقربون صرفاً وتمزج لأصحاب اليمين مزجاً, قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم.
ثم بين ذلك فقال: 28- "عينا يشرب بها المقربون" وانتصاب عينا على المدح. وقال الزجاج: على الحال، وإنما جاز أن تكون عينا حالاً مع كونها جامدة غير مشتقة لاتصافها بقوله: "يشرب بها" وقال الأخفش: إنها منصوبة بيسقون: أي يسقون عيناً، أو من عين. وقال الفراء: إنها منصوبة بتسنيم على أنه مصدر مشتق من السنام كما في قوله: " أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيما " والأول أولى، وبه قال المبرد. قيل والباء في بها زائدة: أي يشربها، أو بمعنى من: أي يشرب منها. قال ابن زيد: بلغنا أنها عين تجري من تحت العرش، قيل يشرب بها المقربون صرفاً، ويمزج بها كأس أصحاب اليمين.
28- "عيناً" نصب على الحال، "يشرب بها" أي منها، وقيل: يشرب بها المقربون صرفاً.
28-" عيناً يشرب بها المقربون " فإنهم يشربونها صرفاً لأنهم لم يشتغلوا بغير الله ، وتمزج لسائر أهل الجنة وانتصاب " عيناً " على المدح أو الحال " من تسنيم " والكلام في الباء كما في " يشرب بها عباد الله " .
28. A spring whence those brought near to Allah drink
28 - A spring, from (the waters) whereof drink those Nearest to God.