[الأنفال : 75] وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
75 - (والذين آمنوا من بعد) أي بعد السابقين إلى الإيمان والهجرة (وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم) أيها المهاجرون والأنصار (وأولوا الأرحام) ذوو القرابات (بعضهم أولى ببعض) في الإرث من التوراث في الإيمان والهجرة المذكورة في الآية السابقة (في كتاب الله) اللوح المحفوظ (إن الله بكل شيء عليم) ومنه حكمة الميراث
قوله تعالى وأولوا الأرحام الآية أخرج ابن جرير عن ابن الزبير قال كان الرجل يعاقد الرجل ترثني وأرثك فنزلت وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله الآية واخرج ابن سعد من طريق هاشم ابن عروة عن أبيه قال آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الزبير بن العوام وبين كعب بن مالك قال الزبير لقد رأيت كعبا أصابته الجراحة بأحد فقلت لو مات فانقطع عن الدنيا وأهلها لورثته فنزلت هذه الآية وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله فصارت المواريث بعد للأرحام والقرابات وانقطعت تلك المواريث في المؤاخاة
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: " والذين آمنوا "، بالله ورسوله، بعد تبياني ما بينت من ولاية المهاجرين والأنصار بعضهم بعضاً، وانقطاع ولايتهم ممن آمن ولم يهاجر حتى يهاجر، " وهاجروا "، دار الكفر الى دار الإسلام، " وجاهدوا معكم "، أيها المؤمنون، " فأولئك منكم "، في الولاية، يجب عليكم لهم من الحق والنصرة في الدين والموارثة، مثل الذي يجب لكم عليهم، ولبعضكم على بعض، كما:
حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحق ، قال: ثم رد المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم، إلى الأرحام التي بينهم، فقال: " والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "، أي بالميراث، " إن الله بكل شيء عليم ".
القول في تأويل قوله: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم ".
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والمتناسبون بالأرحام، " بعضهم أولى ببعض "، في الميراث، إذا كانوا ممن قسم الله له منه نصيباً وحظاً، من الحليف والولي، " في كتاب الله "، يقول: في حكم الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ والسابق من القضاء، " إن الله بكل شيء عليم "، يقول: إن الله عالم بما يصلح عباده، في توريثه بعضهم من بعض في القرابة والنسب، دون الحلف بالعقد، وبغير ذلك من الأمور كلها، لا يخفى عليه شيء منها.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا المعتمر بن سليمان قال، حدثنا أبي قال، حدثنا قتادة أنه قال: كان لا يرث الأعرابي المهاجر، حتى أنزل الله: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ".
حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا معاذ قال، حدثنا ابن عون، عن عيسى بن الحارث: أن أخاه شريح بن الحارث كانت له سرية، فولدت منه جارية، فلما شبت الجارية زوجت، فولدت غلاماً، ثم ماتت السرية، واختصم شريح بن الحارث والغلام إلى شريح القاضي في ميراثها، فجعل شريح بن الحارث يقول:ليس له ميراث في كتاب الله! قال: فقضى شريح بالميراث للغلام. قال: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "، فركب ميسرة بن زيد إلى ابن الزبير، فأخبره بقضاء شريح وقوله، فكتب ابن الزبير إلى شريح: ((إن ميسرة أخبرني أنك قضيت بكذا وكذا، وقلت: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "، وإنه ليس كذلك، إنما نزلت هذه الآية: أن الرجل كان يعاقد الرجل يقول: ((ترثني وأورثك))، فنزلت: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله "))، فجاء بالكتاب إلى شريح، فقال شريح: أعتقها حيتان بطنها! وأبى أن يرجع عن قضائه.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية، عن ابن عون قال، حدثني عيسى بن الحارث قال: كانت لشريح بن الحارث سرية، فذكر نحوه، إلا أنه قال في حديثه: كان الرجل يعاقد الرجل يقول: ((ترثني وأورثك))، فلما نزلت ترك ذلك.
آخر تفسير سورة الأنفال
الخامسة- قوله تعالى: "والذين آمنوا من بعد وهاجروا" يريد من بعد الحيبية وبيعة الرضوان. وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة الأولى. والهجرة الثانية هي التي وقع فيها الصلح، ووضعت الحرب أوزارها نحو عامين ثم كان فتح مكة. ولهذا قال عليه السلام:
"لا هجرة بعد الفتح". فبين أن من آمن وهاجر من بعد يلتحق بهم. ومعنى منكم أي مثلكم في النصر والموالاة.
السادسة- قوله تعالى: "وأولو الأرحام" ابتداء. والواحد ذو، والرحم مؤنثة، والجمع أرحام. والمراد بها ههنا العصبات دون المولود بالرحم. وما يبين أن المراد بالحرم العصبات قول العرب: وصلتك رحم. لا يريدون قرابة الأم. قالت قتيلة بنت الحارث -أخت النضر بن الحارث- كذا قال ابن هشام. قال السهيلي: الصحيح أنها بنت النضر لا أخته، كذا وقع في كتاب الدلائل -ترثي أباها حين قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبراً- بالصفراء:
يا راكباً إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتاً بأن تحية ما إن تزال بها النجائب تخفق
مني إليك وعبرة مسفوحة جادت بواكفها وأخرى تخنق
هل يسمعني النضر إن ناديته أم كيف يسمع ميت لا ينطق
أمحمد يا خير ضنء كريمة في قومها والفحل فحل معرق
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
لو كنت قابل فدية لفديته بأعز ما يفدى به ما ينفق
فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق
صبراً يقاد إلى المنية متعباً رسف المقيد وهو عان موثق
السابعة- واختلف السلف ومن بعدهم في توريث ذوي الأرحام -وهو من لا سهم له في الكتاب- من قرابة الميت وليس بعصبة، كأولاد البنات، وأولاد الأخوات، وبنات الأخ، والعمة والخالة، والعم أخ الأب للأم، والجد أبي الأم، والجدة أم الأم، ومن أدلى بهم. فقال قوم: لا يرث من لا فرض له من ذوي الأرحام. وروي عن أبي بكر الصديق وزيد بن ثابت وابن عمر، ورواية عن علي، وهو قول أهل المدينة، وروي عن مكحول والأوزاعي، وبه قال الشافعي رضي الله عنه. وقال بتوريثهم: عمر بن الخطاب وابن مسعود ومعاذ وأبو الدرداء وعائشة وعلي في رواية عنه، وهو قول الكوفيين وأحمد وإسحاق. واحتجوا بالآية، وقالوا: وقد اجتمع في ذوي الأرحام سببان القرابة والإسلام، فهم أولى ممن له سبب واحد هو الإسلام. أجاب الأولون فقالوا: هذه آية مجملة جامعة، والظاهر بكل رحم قرب أو بعد، وآيات المواريث مفسرة والمفسر قاض على المجمل ومبين. قالوا: وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الولاء سبباً ثابتاً، أقام المولى فيه مقام العصبة فقال:
"الولاء لمن أعتق".
ونهى عن بيع الولاء وعن هبته احتج الآخرون بما روى أبو داود والدارقطني عن المقدام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من ترك كلاً فإلي -وربما قال فإلى الله وإلى رسوله- ومن ترك مالاً فلورثته فأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرثه، والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه". وروى الدارقطني عن طاوس قال قالت عائشة رضي الله عنها:
الله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له. موقوف. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"الخال وارث". وروي عن أبي هريرة قال:
"سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ميراث العمة والخالة فقال لا أدري حتى يأتيني جبريل ثم قال: أين السائل عن ميراث العمة والخالة؟ قال: فأتى الرجل فقال: سارني جبريل أنه لا شيء لهما". قال الدارقطني: لم يسنده غير مسعدة عن محمد بن عمرو وهو ضعيف، والصواب مرسل. وروي عن الشعبي قال قال زياد بن أبي سفيان لجليسه: هل تدري كيف قضى عمر في العمة والخالة؟ قال لا. قال: إني لأعلم خلق الله كيف قضى فيهما عمر، جعل الخالة بمنزلة الأم، والعمة بمنزلة الأب.
لما ذكر تعالى حكم المؤمنين في الدنيا عطف بذكر مالهم في الاخرة, فأخبر عنهم بحقيقة الإيمان كما تقدم في أول السورة وأنه سبحانه سيجازيهم بالمغفرة والصفح عن الذنوب إن كانت, وبالرزق الكريم وهو الحسن الكثير الطيب الشريف دائم مستمر أبداً لا ينقطع ولا ينقضي ولا يسأم ولا يمل لحسنه وتنوعه. ثم ذكر أن الأتباع لهم في الدنيا على ما كانوا عليه من الإيمان والعمل الصالح فهم معهم في الاخرة, كما قال "والسابقون الأولون" الاية وقال " والذين جاؤوا من بعدهم " الاية. وفي الحديث المتفق عليه بل المتواتر من طرق صحيحة, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "المرء مع من أحب" وفي الحديث الاخر "من أحب قوماً فهو منهم" وفي رواية "حشر معهم". وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن شريك عن عاصم عن أبي وائل عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء لبعض, والطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة" قال شريك: فحدثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله, تفرد به أحمد من هذين الوجهين. وأما قوله تعالى: "وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" أي في حكم الله وليس المراد بقوله: "وأولو الأرحام" خصوصية ما يطلقه علماء الفرائض على القرابة الذين لا فرض لهم ولا هم عصبة, بل يدلون بوارث كالخالة والخال والعمة وأولاد البنات وأولاد الأخوات ونحوهم, كما قد يزعمه بعضهم ويحتج بالاية ويعتقد ذلك صريحاً في المسألة بل الحق أن الاية عامة تشمل جميع القرابات, كما نص عليه ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن وقتادة وغير واحد على أنها ناسخة للإرث بالحلف والإخاء اللذين كانوا يتوارثون بهما أولاً, وعلى هذا فتشمل ذوي الأرحام بالاسم الخاص, ومن لم يورثهم يحتج بأدلة من أقواها حديث "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" قالوا: فلو كان ذا حق لكان ذا فرض في كتاب الله مسمى فلما لم يكن كذلك لم يكن وارثاً, والله أعلم .
آخر تفسير سورة الأنفال . ولله الحمد والمنة، وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل .
ثم أخبر سبحانه بأن من هاجر بعد هجرتهم وجاهد مع المجاهدين الأولين والأنصار فهو من جملتهم: أي من جملة المهاجرين الأولين والأنصار في استحقاق ما استحقوه من الموالاة والمناصرة وكمال الإيمان والمغفرة والرزق الكريم، ثم بين سبحانه بأن أولي الأرحام بعضهم أولى ببعض من غيرهم ممن لم يكن بينه وبينهم رحم في الميراث، والمراد بهم القرابات فيتناول كل قرابة، وقيل المراد بهم هنا العصبات، قالوا: ومنه قول العرب: وصلتك رحم فإنهم لا يريدون قرابة الأم. قالوا: ومنه قول قتيلة:
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحــام هناك تشقق
ولا يخفاك أنه ليس في هذا ما يمنع من إطلاقه على غير العصبات، وقد استدل بهذه الآية من أثبت ميراث ذوي الأرحام، وهم من ليس بعصبة ولا ذي سهم على حسب اصطلاح أهل علم المواريث، والخلاف في ذلك معروف مقرر في مواطنه، وقد قيل: إن هذه الآية ناسخه للميراث بالموالاة والنصرة عند من فسر ما تقدم من قوله: "بعضهم أولياء بعض" وما بعده بالتوارث، وأما من فسرها بالنصرة والمعونة فيجعل هذه الآية إخباراً منه سبحانه وتعالى بأن القرابات 75- " بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " أي في حكمه أو في اللوح المحفوظ أو في القرآن، ويدخل في هذه الأولوية الميراث دخولاً أولياً لوجود سببه، أعني القرابة "إن الله بكل شيء عليم" لا يخفى عليه شيء من الأشياء كائناً ما كان، ومن جملة ذلك ما تضمنته هذه الآيات.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: "إن الذين آمنوا وهاجروا" الآية قال: إن المؤمنين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاث منازل، منهم المؤمن المهاجر المباين لقومه، وفي قوله: "والذين آووا ونصروا" قال: آووا ونصروا وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة وشهروا السيوف على من كذب وجحد، فهذان مؤمنان جعل الله بعضهم أولياء بعض، وفي قوله: "والذين آمنوا ولم يهاجروا" قال: كانوا يتوارثون بينهم إذا توفي المؤمن المهاجر بالولاية في الدين، وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر، فبرأ الله المؤمنين المهاجرين من ميراثهم، وهي الولاية التي قال: "ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق" كان حقاً على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قوتلوا إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق، فلا نصر لهم عليهم إلا على العدو الذي لا ميثاق لهم، ثم أنزل الله بعد ذلك أن ألحق كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين آمنوا "والذين آمنوا ولم يهاجروا" فجعل لكل إنسان من المؤمنين نصيباً مفروضاً لقوله: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض " الآية، وفي رواية لابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: " أولئك بعضهم أولياء بعض " قال: يعني في الميراث جعل الله الميراث للمهاجرين والأنصار دون الأرحام "والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء" ما لكم من ميراثهم من شيء "حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين" يعني إن استنصر الأعراب المسلمون المهاجرين والأنصار على عدو لهم فعليهم أن ينصروهم إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق، فكانوا يعملون على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض " فنسخت الآية التي قبلها، وصارت المواريث لذوي الأرحام. وأخرج أبو عبيد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً في هذه الآيات قال: كان المهاجر لا يتولى الأعرابي ولا يرثه وهو مؤمن، ولا يرث الأعرابي المهاجر، فنسختها هذه الآية: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ". وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عنه أيضاً قال: قال رجل من المسلمين: لنورثن ذوي القربى منا من المشركين، فنزلت: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ". وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المهاجرون بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة، والطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة". وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتوارث أهل ملتين، ولا يرث مسلم كافراً، ولا كافراً مسلماً، ثم قرأ: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض" الآية". وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن الزبير بن العوام قال: أنزل الله فينا خاصة معشر قريش: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " وذلك أنا معشر قريش لما قدمنا المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعم الإخوان. فواخيناهم ووارثناهم فآخونا، فآخى أبو بكر خارجة بن زيد، وآخى عمر فلاناً، وآخى عثمان بن عفان رجلاً من بني زريق بن سعد الزرقي، قال الزبير: وآخيت أنا كعب بن مالك، ووارثونا ووارثناهم فلما كان يوم أحد قيل لي: قد قتل أخوك كعب بن مالك، فجئته فانتقلته فوجدت السلاح قد ثقلته فيما يرى، فوالله يا بني لو مات يومئذ عن الدنيا ما ورثه غيري، حتى أنزل الله هذه الآية فينا معشر قريش والأنصار فرجعنا إلى مواريثنا. وأخرج أبو داود الطيالسي والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وورث بعضهم من بعض، حتى نزلت هذه الآية: " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض " فتركوا ذلك وتوارثوا بالنسب.
75 - قوله : " والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم " أي : معكم ، يريد : أنتم منهم وهم منكم ، " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض " ، وهذا نسخ التوارث بالهجرة ورد الميراث إلى ذوي الأرحام .
قوله " في كتاب الله " أي : في حكم الله عز وجل . وقيل : أراد بكتاب الله القرآن ، يعني : القسمة التي بينها في سورة النساء ، " إن الله بكل شيء عليم ".
75."والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم"أي من جملتكم أيها المهاجرون والأنصار." وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض "في التوارث من الأجانب." في كتاب الله " في حكمه أو في اللوح أو في القرآن واستدل به على توريث ذوي الأرحام ."إن الله بكل شيء عليم"من المواريث والحكمة في إناطتها بنسبة الإسلام والمظاهرة، أولاً واعتبار القرابة ثانياً . عن النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له يوم القيامة، وشاهد أنه بريء من النفاق، وأعطي حسنات بعدد كل منافق ومنافقة، وكان العرش وحملته يستغفرون له أيام حياته".
75. And those who afterwards believed and left their homes and strove along with you, they are of you; and those who are akin are nearer one to another in the ordinance of Allah. Lo! Allah is Knower of all things.
75 - And those who accept faith subsequently, and adopt exile, and fight for the faith in your company, they are of you. but kindred by blood have prior rights against each other in the book of God. verily God is well acquainted with all things.