[الأنفال : 71] وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
71 - (وإن يريدوا) أي الأسرى (خيانتك) بما أظهروا من القول (فقد خانوا الله من قبل) قبل بدر بالكفر (فأمكن منهم) ببدر قتلاً وأسراً فليتوقعوا مثل ذلك إن عادوا (والله عليم) بخلقه (حكيم) في صنعه
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن يرد هؤلاء الأسارى الذين في أيديكم، " خيانتك "، أي الغدر بك والمكر والخداع، بإظهارهم لك بالقول خلاف ما في نفوسهم، " فقد خانوا الله من قبل "، يقول: فقد خالفوا أمر الله من قبل وقعة بدر، وأمكن منهم ببدر المؤمنين، " والله عليم "، بما يقولون بألسنتهم ويضمرونه في نفوسهم، " حكيم "، في تدبيرهم وتدبير أمور خلقه سواهم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس: " وإن يريدوا خيانتك "، يعني العباس وأصحابه في قولهم: ((آمنا بما جئت به، ونشهد إنك رسول الله لننصحن لك على قومنا))، يقول: إن كان قولهم خيانة، " فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم "، يقول: قد كفروا وقاتلوك، فأمكنك الله منهم.
حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: " وإن يريدوا خيانتك "، الآية، قال: ذكر لنا " أن رجلاً كتب لنبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم عمد فنافق، فلحق بالمشركين بمكة، ثم قال: ((ما كان محمد يكتب إلا ما شئت))!، فلما سمع ذلك رجل من الأنصار، نذر لئن أمكنه الله منه ليضربنه بالسيف. فلما كان يوم الفتح، أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ومقيس بن صبابة، وابن خطل، وامرأة كانت تدعو على النبي صلى الله عليه وسلم كل صباح. فجاء عثمان بن أبي سرح، وكان رضيعه- أو: أخاه من الرضاعة- فقال: يا رسول الله، هذا فلان أقبل تائباً نادماً! فأعرض نبي الله صلى الله عليه وسلم. فلما سمع به الأنصاري أقبل متقلداً سيفه فأطاف به، وجعل ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يومئ إليه. ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم يده فبايعه فقال: أما والله لقد تلومتك فيه لتوفي نذرك! فقال: يا نبي الله، إني هبتك، فلولا أومضت الي! فقال: إنه لا ينبغي لنبي أن يومض".
حدثني محمد بن الحسن قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي : " وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم "، يقول: قد كفروا بالله ونقضوا عهده، فأمكن منهم ببدر.
الثالثة- قال ابن العربي: لما أسر من أسر من المشركين تكلم قوم منهم بالإسلام ولم يمضوا فيه عزيمة ولا اعترفوا به اعترافاً جازما. ويشبه أنهم أرادوا أن يقربوا من المسلمين ولا يبعدوا من المشركين. قال علماؤنا: إن تكلم الكافر بالإيمان في قلبه وبلسانه ولم يمض فيه عزيمة لم يكن مؤمناً. وإذا وجد مثل ذلك من المؤمن كان كافراً، إلا ما كان من الوسوسة التي لا يقدر على دفعها فإن الله قد عفا عنها وأسقطها. وقد بين الله لرسوله صلى الله عليه وسلم الحقيقة فقال: "وإن يريدوا خيانتك" أي إن كان هذا القوم منهم خيانة ومكراً "فقد خانوا الله من قبل" بكفرهم ومكرهم بك وقتالهم لك. وإن كان هذا القول منهم خيراً ويعلمه الله فيقبل منهم ذلك ويعوضهم خيراً مما خرج عنهم ويغفر لهم ما تقدم من كفرهم وخيانتهم ومكرهم. وجمع خيانة خيائن، وكان يجب أن يقال: خوائن لأنه من ذوات الواو، إلا أنهم فرقوا بينه وبين جمع خائنة. ويقال: خائن وخوان وخونة وخانة.
قال محمد بن إسحاق: حدثني العباس بن عبد الله بن مغفل عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: "إني قد عرفت أن أناساً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحداً منهم ـ أي من بني هاشم ـ فلا يقتله, ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله, ومن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله, فإنه إنما أخرج مستكرهاً" فقال أبو حذيفة بن عتبة أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشائرنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب "يا أبا حفص ـ قال عمر والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا حفص ـ أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ؟" فقال عمر يا رسول الله ائذن لي فأضرب عنقه فوالله لقد نافق, فكان أبو حذيفة يقول بعد ذلك والله ما آمن من تلك الكلمة التي قلت ولا أزال منها خائفاً إلا أن يكفرها الله تعالى عني بشهادة, فقتل يوم اليمامة شهيداً رضي الله عنه. وبه عن ابن عباس قال: لما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر, والأسارى محبوسون بالوثاق, بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهراً أول الليل فقال له أصحابه يا رسول الله ما لك لا تنام ؟ وقد أسر العباس رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سمعت أنين عمي العباس في وثاقه فأطلقوه" فسكت فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال محمد بن إسحاق: وكان أكثر الأسارى يوم بدر فداء العباس بن عبد المطلب وذلك أنه كان رجلا موسراً فافتدى نفسه بمائة أوقية ذهباً, وفي صحيح البخاري من حديث موسى بن عقبة قال ابن شهاب حدثنا أنس بن مالك أن رجالاً من الأنصار قالوا يا رسول الله ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه. قال "لا والله لا تذرون منه درهماً" وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة عن الزهري عن جماعة سماهم قالوا: بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا, وقال العباس يا رسول الله قد كنت مسلماً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فإن الله يجزيك وأما ظاهرك فقد كان علينا فافتد نفسك وابني اخيك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب, وحليفك عتبة بن عمرو أخي بني الحارث بن فهر": قال ما ذاك عندي يا رسول الله قال: "فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل ؟ فقلت لها إن أصبت في سفري هذا, فهذا المال الذي دفنته لبني الفضل وعبد الله وقثم" قال: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك رسول الله إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك" ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه فأنزل الله عز وجل "يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم" قال العباس فأعطاني الله مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبداً كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل, وقد روى ابن إسحاق أيضاً عن ابن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس في هذه الاية بنحو مما تقدم. وقال أبو جعفر بن جرير: حدثنا ابن وكيع حدثنا ابن إدريس عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال العباس: في نزلت "ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض" فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامي وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقية التي أخذت مني فأبى فأبدلني الله بها عشرين عبداً كلهم تاجر مالي في يده, وقال ابن إسحاق أيضاً حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما عن جابر بن عبد الله بن رباب قال كان العباس بن عبد المطلب يقول في نزلت والله حين ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إسلامي ثم ذكر نحو الحديث كالذي قبله. وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس "يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى" عباس وأصحابه قال: قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: آمنا بما جئت به ونشهد أنك رسول الله لننصحن لك على قومنا. فأنزل الله "إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم" إيماناً وتصديقاً يخلف لكم خيراً مما أخذ منكم "ويغفر لكم" الشرك الذي كنتم عليه قال فكان العباس يقول ما أحب أن هذه الاية لم تنزل فينا وإن لي الدنيا لقد قال "يؤتكم خيراً مما أخذ منكم" فقد أعطاني خيراً مما أخذ مني مائة ضعف وقال "ويغفر لكم" وأرجو أن يكون قد غفر لي, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الاية كان العباس أسر يوم بدر فافتدى نفسه بأربعين أوقية من ذهب فقال العباس حين قرئت هذه الاية لقد أعطاني الله عز وجل خصلتين ما أحب أن لي بهما الدنيا: إني أسرت يوم بدر ففديت نفسي بأربعين أوقية فآتاني أربعين عبداً وإني لأرجو المغفرة التي وعدنا الله عز وجل فقال قتادة في تفسير هذه الاية: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفاً وقد توضأ لصلاة الظهر فما أعطى يومئذ شاكياً ولا حرم سائلاً وما صلى يومئذ حتى فرقه, فأمر العباس أن يأخذ منه ويحتثي فكان العباس يقول: هذا خير مما أخذ منا وأرجو المغفرة وقال يعقوب بن سفيان: حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال بعث ابن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البحرين ثمانين ألفاً ما أتاه مال أكثر منه لا قبل ولا بعد. قال فنثرت على حصير ونودي بالصلاة. قال وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثل قائماً على المال وجاء أهل المسجد فما كان يومئذ عدد ولا وزن ما كان إلا فيضاً وجاء العباس بن عبد المطلب فحثا في خميصة عليه وذهب يقوم فلم يستطع قال فرفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ارفع علي. قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى خرج ضاحكه أو نابه وقال له: "أعد من المال طائفة وقم بما تطيق" قال ففعل وجعل العباس يقول: وهو منطلق أما إحدى اللتين وعدنا الله فقد أنجزنا, وما ندري ما يصنع الله في الأخرى "يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى" الاية ثم قال: هذا خير مما أخذ منا وما أدري ما يصنع الله في الأخرى فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماثلاً على ذلك المال حتى ما بقي منه درهم وما بعث إلى أهله بدرهم ثم أتى الصلاة فصلى .
(حديث آخر في ذلك) ـ قال الحافظ أبو بكر البيهقي: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني أبو الطيب محمد بن محمد بن عبد الله السعيدي حدثنا محمد بن عصام حدثنا حفص بن عبد الله حدثنا إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال "انثروه في مسجدي" قال وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الصلاة ولم يلتفت إليه فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فما كان يرى أحداً إلا أعطاه إذ جاءه العباس فقال يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي, وفاديت عقيلاً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "خذ" فحثا في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال مر بعضهم يرفعه إلي قال "لا" قال فارفعه أنت علي, قال "لا" فنثر منه ثم احتمله على كاهله ثم انطلق فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره حتى خفي عنه عجباً من حرصه, فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثم منها درهم, وقد رواه البخاري في مواضع من صحيحه تعليقاً بصيغة الجزم يقول: وقال إبراهيم بن طهمان ويسوقه وفي بعض السياقات أتم من هذا.
وقوله "وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل" أي "وإن يريدوا خيانتك" فيما أظهروا لك من الأقوال "فقد خانوا الله من قبل" أي من قبل بدر بالكفر به "فأمكن منهم" أي بالأسارى يوم بدر "والله عليم حكيم" أي عليم بفعله حكيم فيه. قال قتادة نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح الكاتب حين ارتد ولحق بالمشركين, وقال ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: نزلت في عباس وأصحابه حين قالوا: لننصحن لك على قومنا وفسرها السدي على العموم وهو أشمل وأظهر والله أعلم.
ولما ذكر ما ذكره من العوض لمن علم في قلبه خيراً ذكر من هو على ضد ذلك منهم فقال: 71- "وإن يريدوا خيانتك" بما قالوه لك بألسنتهم من أنهم قد آمنوا بك وصدقوك ولم يكن ذلك منهم عن عزيمة صحيحة ونية خالصة، بل هو مماكرة ومخادعة، فليس ذلك بمستبعد منهم فإنهم قد فعلوا ما هو أعظم منه، وهو أنهم خانوا الله من قبل أن تظفر بهم، فكفروا به وقاتلوا رسوله "فأمكن منهم" بأن نصرك عليهم في يوم بدر فقتلت منهم من قتلت وأسرت من أسرت "والله عليم" بما في ضمائرهم "حكيم" في أفعاله بهم.
وقد أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة قالت:" لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة. فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق رقة مباشرة وقال:إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وقال العباس: إني كنت مسلماً يا رسول الله، قال: الله أعلم بإسلامك، فإن تكن كما تقول فالله يجزيك، فافد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمرو، قال: ما ذاك عندي يا رسول الله، قال: فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل؟، فقلت لها: إن أصبت فهذا المال لبني؟ فقال: والله يا رسول الله إن هذا لشيء ما علمه غيري وغيرها، فاحسب لي ما أصبتم مني عشرون أوقية من مال كان معي، قال:لا أفعل، ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه ونزلت: "قل لمن في أيديكم من الأسرى" الآية، فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبداً كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله". وأخرج ابن سعد والحاكم وصححه عن أبي موسى "أن العلاء بن الحضرمي بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين ثمانين ألفاً، فما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مال أكثر منه، فنشر
على حصير، وجاء الناس فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم، وما كان يومئذ عدد ولا وزن، فجاء العباس فقال: يا رسول الله إني أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر أعطني من هذا المال، فقال: خذ، فحثا في خميصته ثم ذهب ينصرف فلم يستطع، فرفع رأسه وقال: يا رسول الله ارفع علي، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب وهو يقول: أما أحد اللذين وعد الله فقد أنجزنا وما ندري ما يصنع في الأخرى " قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم " فهذا خير مما أخذ مني ولا أدري ما يصنع في المغفرة". والروايات في هذا الباب كثيرة. وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس في الآية قال: نزلت في الأسارى يوم بدر منهم العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب. وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عنه في قوله: "وإن يريدوا خيانتك" إن كان قولهم كذباً "فقد خانوا الله من قبل" فقد كفروا وقاتلوك " فأمكن " ـك الله "منهم".
71 - قوله عز وجل " وإن يريدوا خيانتك " ، يعني الأسارى ، " فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم " ، ببدر ، " والله عليم حكيم " ، قال ابن جريج : أراد بالخيانة الكفر ، أي : إن كفروا بك فقد كفروا بالله من قبل فأمكن منهم المؤمنين ببدر حتى قتلوهم وأسروهم ، وهذا تهديد لهم إن عادوا إلى قتال المؤمنين ومعاداتهم .
71." وإن يريدوا " يعني الأسرى . " خيانتك " نقض ما عاهدوك ." فقد خانوا الله " بالكفر ونقض ميثاقه المأخوذ بالعقل . " من قبل فأمكن منهم " أي فأمكنك منهم كما فعل يوم بدر فان أعادوا الخيانة فسيمكنك منهم . " والله عليم حكيم " .
71. And if they would betray thee, they betrayed Allah before, and He gave (thee) power over them. Allah is knower, Wise.
71 - But if they have treacherous designs against thee, (O Apostle), they have already been in treason against God, and so hath he given (thee) power over them. and God is he who hath (full) knowledge and wisdom.