[الأنفال : 50] وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ
50 - (ولو ترى) يا محمد (إذ يتوفى) بالياء والتاء (الذين كفروا الملائكة يضربون) حال (وجوههم وأدبارهم) بمقامع من حديد ويقولون لهم (وذوقوا عذاب الحريق) أي النار ، وجواب لو : لرأيت أمراً عظيماً
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولو تعاين، يا محمد، حين يتوفى الملائكة أرواح الكفار، فتنزعها من أجسادهم، تضرب الوجوه منهم والأستاه، ويقولون لهم: ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم يوم ورودكم جهنم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: " إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم "، قال: يوم بدر.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سليم، عن إسمعيل بن كثير، عن مجاهد : " يضربون وجوههم وأدبارهم "، قال: وأستاههم، ولكن الله كريم يكني.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، حدثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد في قوله: " يضربون وجوههم وأدبارهم "، قال: وأستاههم، ولكنه كريم يكني.
حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، أخبرنا شعبة، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير في قوله: " يضربون وجوههم وأدبارهم "، قال: إن الله كنى، ولو شاء لقال: ((أستاههم))، وإنما عنى بـ((أدبارهم))، أستاههم.
حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد قال: أستاههم، يوم بدر. قال ابن جريج ، قال ابن عباس: إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين، ضربوا وجوههم بالسيوف. وإذا ولوا، أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم.
حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا عباد بن راشد، عن الحسن قال: " قال رجل: يا رسول الله، إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك! قال: ما ذاك؟ قال: ضرب الملائكة ".
حدثنا محمد قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل، عن منصور، عن مجاهد : " أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني حملت على رجل من المشركين فذهبت لأضربه، فندر رأسه؟ فقال: سبقك إليه الملك ".
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، حدثني حرملة: أنه سمع عمر مولى غفرة يقول: إذا سمعت الله يقول: " يضربون وجوههم وأدبارهم "، فإنما يريد: أستاههم.
قال أبو جعفر: وفي الكلام محذوف، استغني بدلالة الظاهر عليه من ذكره، وهو قوله: ((ويقولون))، " ذوقوا عذاب الحريق "، حذفت ((يقولون))، كما حذفت من قوله: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا " [السجدة: 21]، بمعنى: يقولون: ربنا أبصرنا.
قيل: أراد من بقي ولم يقتل يوم بدر. وقيل: هي فيمن قتل ببدر. وجواب لو محذوف، تقديره: لرأيت أمراً عظيماً. "يضربون" في موضع الحال. "وجوههم وأدبارهم" أي استاههم، كنى عنها بالأدبار، قاله مجاهد و سعيد بن جبير. الحسن: ظهورهم، وقال:
"إن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك؟ قال: ذاك ضرب الملائكة". وقيل: هذا الضرب يكون عند الموت. وقد يكون يوم القيامة حين يصيرون بهم إلى النار. "وذوقوا عذاب الحريق" قال الفراء: المعنى ويقولون ذوقوا، فحذف. وقال الحسن: هذا يوم القيامة، تقول لهم خزنة جهنم: ذوقوا عذاب الحريق. وروي أن بعض التفاسير: أنه كان مع الملائكة مقامع من حديد، كلما ضربوا التهبت النار في الجراحات، فذلك قوله: "وذوقوا عذاب الحريق". والذوق يكون محسوساً ومعنى. وقد يوضع موضع الابتلاء والاختبار، تقول: اركب هذا الفرس فذقه. وانظر فلاناً فذق ما عنده. قال الشماخ يصف فرساً:
فذاق فأعطته من اللين جانباً كفى ولها أن يغرق السهم
وأصله من الذوق بالفم.
يقول تعالى: ولو عاينت يا محمد حال توفي الملائكة أرواح الكفار, لرأيت أمراً عظيماً هائلاً فظيعاً منكراً, إذ "يضربون وجوههم وأدبارهم" ويقولون لهم "وذوقوا عذاب الحريق", قال ابن جريج: عن مجاهد "أدبارهم" أستاههم, قال يوم بدر. قال ابن جريج: قال ابن عباس: إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين, ضربوا وجوههم بالسيوف, وإذا ولوا أدركتهم الملائكة يضربون أدبارهم. وقال ابن أبي نجيح: عن مجاهد, في قوله "إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" يوم بدر, وقال وكيع: عن سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن مجاهد, وعن شعبة عن يعلى بن مسلم, عن سعيد بن جبير, يضربون وجوههم وأدبارهم قال وأستاههم, ولكن الله يكنى, وكذا قال عمر مولى عفرة. وعن الحسن البصري قال: قال رجل يا رسول الله: إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشوك, قال "ذاك ضرب الملائكة" رواه ابن جرير وهو مرسل, وهذا السياق وإن كان سببه وقعة بدر, ولكنه عام في حق كل كافر, ولهذا لم يخصصه تعالى بأهل بدر, بل قال تعالى: "ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم" وفي سورة القتال مثلها, وتقدم في سورة الأنعام قوله تعالى: " ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم " أي باسطو أيديهم بالضرب فيهم بأمر ربهم, إذ استصعبت أنفسهم, وامتنعت من الخروج من الأجساد أن تخرج قهراً, وذلك إذ بشروهم بالعذاب والغضب من الله, كما في حديث البراء أن ملك الموت إذا جاء الكافر عند احتضاره في تلك الصورة المنكرة, يقول: اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى سموم وحميم وظل من يحموم, فتتفرق في بدنه فيستخرجونها من جسده, كما يخرج السفود من الصوف المبلول, فتخرج معها العروق والعصب, ولهذا أخبر تعالى: أن الملائكة تقول لهم ذوقوا عذاب الحريق, وقوله تعالى: "ذلك بما قدمت أيديكم" أي هذا الجزاء بسبب ما عملتم من الأعمال السيئة في حياتكم الدنيا, جازاكم الله بها هذا الجزاء "وأن الله ليس بظلام للعبيد" أي لا يظلم أحداً من خلقه, بل هو الحكم العدل الذي لا يجور تبارك وتعالى, وتقدس وتنزه الغني الحميد, ولهذا جاء في الحديث الصحيح, عند مسلم رحمه الله, من رواية أبي ذر رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, إن الله تعالى يقول "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا, يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه" ولهذا قال تعالى .
قوله: 50- "ولو ترى" الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أو لكل من يصلح له كما تقدم تحقيقه في غير موضع، والمعنى: ولو رأيت، لأن لو تقلب المضارع ماضياً، و "إذ" ظرف لترى، والمفعول محذوف: أي ولو ترى الكافرين وقت توفي الملائكة لهم، قيل: أراد بالذين كفروا من لم يقتل يوم بدر، وقيل: هي فيمن قتل ببدر وجواب لو محذوف تقديره لرأيت أمراً عظيماً، وجملة "يضربون وجوههم" في محل نصب على الحال، والمراد بأدبارهم أستاههم، كنى عنها بالأدبار، وقيل: ظهورهم، قيل: هذا الضرب يكون عند الموت كما يفيده ذكر التوفي، وقيل: هو يوم القيامة حين يسيرون بهم إلى النار. قوله: "وذوقوا عذاب الحريق" قاله الفراء، المعنى: ويقولون ذوقوا عذاب الحريق، والجملة معطوفة على يضربون، وقيل: إنه يقول لهم هذه المقالة خزنة جهنم، والذوق قد يكون محسوساً، وقد يوضع موضع الابتلاء والاختبار، وأصله من الذوق بالفم.
50 - " ولو ترى " ، يا محمد ، " إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون " ، أي : يقبضون أرواحهم . اختلفوا فيه ، قيل : هذا عند الموت ، تضرب الملائكة وجوه الكفار وأدبارهم بسياط النار .
وقيل : أراد الذين قتلوا من المشركين ببدر كانت الملائكة يضربون ،" وجوههم وأدبارهم " ، قال سعيد بن جبير و مجاهد : يريد أستاههم ، ولكن الله حيي يكني . قال ابن عباس : كان المشركون إذا أقبلوا بوجوههم إلى المسلمين ضربت الملائكة وجوههم بالسيوف ، وإذا ولوا أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم .
وقال ابن جريج : يريد ما أقبل منهم وما أدبر ، أي : يضربون أجسادهم كلها ، والمراد بالتوفي : القتل . " وذوقوا عذاب الحريق " ، أي : وتقول الملائكة : ذوقوا عذاب الحريق . وقيل : كان مر الملائكة مقامع من حديد يضربون بها الكفار ، فتلتهب النار في جراحاتهم ، فذلك قوله تعالى : " وذوقوا عذاب الحريق " . وقال الحسن : هذا يوم القيامة تقول لهم خزنة جهنم : ذوقوا عذاب الحريق . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يقولون لهم ذلك بعد الموت .
50. " ولو ترى "ولو رأيت فإن لو تجعل المضارع ماضياً عكس إن . " إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة " ببدر ، وإذ ظرف ترى والمفعول محذوف أي ولو ترى الكفرة أو حالهم حينئذ ، والملائكة فاعل يتوفى ويدل عليه قراءة ابن عامر بالتاء ويجوز أن يكون الفاعل ضمير الله عز وجل وهو مبتدأ خبره " يضربون وجوههم " والجملة حال من الذين كفروا ، واستغني فيه الضمير عن الواو وهو على الأول حال منهم أو من الملائكة أو منهما لاستماله على الضميرين ." وأدبارهم " ظهورهم أو أستاههم ، ولعل المراد تعميم الضرب أي يضربون ما أقبل منهم وما أدبر . " وذوقوا عذاب الحريق " عطف على يضربون بإضمار القول أي يقولون ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة . وقيل كانت معهم مقامع من حديد كلما ضربوا التهبت النار منها. وجواب " لو " محذوف لتقطيع الأمر وتهويله .
50. If thou couldst see how the anguish receive those who disbelieve, smiting their faces and their backs and (saying): Taste the punishment of burning!
50 - If thou couldst see, when the angels take the souls of the unbelievers (at death), (how) they smite their faces and their backs, (saying): taste the penalty of the blazing fire