[النازعات : 18] فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى
18 - (فقل هل لك) أدعوك (إلى أن تزكى) وفي قراءة بتشديد االزاي بإدغام التاء الثانية في الأصل فيها تتطهر من الشرك بأن تشهد أن لا إلاه إلا الله
وقوله : " فقل هل لك إلى أن تزكى " يقول : فقل له : هل لك إلى أن تتطهر من دنس الكفر ، وتؤمن بربك ؟
كما حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " هل لك إلى أن تزكى " قال : إلى أن تسلم ، قال : والتزكي في القرآن كله : الإسلام ، وقرأ قول الله " وذلك جزاء من تزكى " [ طه : 76 ] ، قال : من أسلم ، وقرأ " وما يدريك لعله يزكى " [ عبس : 3 ] ، قال : يسلم ، وقرأ " وما عليك أن لا يزكى " [ عبس : 7 ] ، أن لا يسلم .
حدثني سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : ثنا حفص بن عمر العدني ، عن الحكم بن أبان ، عن عكرمة ، قوله موسى لفرعون " هل لك إلى أن تزكى " هل لك إلى أن تقول لا إله إلا الله .
واختلفت القراء في قراءة قوله " تزكى " فقرأته عامة قراء المدينة ( تزكى ) بتشديد الزاي ، وقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة " إلى أن تزكى " بتخفيف الزاي ، وكان أبو عمرو يقول : فيما ذكر عنه : ( تزكى ) بتشديد الزاي ، بمعنى : تتصدق بالزكاة ، فتقول : تزكى ، ثم تدغم ، وموسى لم يدع فرعون إلى أن يتصدق وهو كافر ، إنما دعاه إلى الإسلام ، فقال : تزكى : أي تكون زاكياً مؤمناً ، والتخفيف في الزاي هو أفصح القراءتين في العربية .
قوله تعالى:" فقل هل لك إلى أن تزكى" أي تسلم فتطهر من الذنوب. وروى الضحاك عن ابن عباس قال: هل لك أن تشهد أن لا إله إلا الله.
يخبر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم عن عبده ورسوله موسى عليه السلام أنه ابتعثه إلى فرعون, وأيده الله بالمعجزات, ومع هذا استمر على كفره وطغيانه حتى أخذه الله أخذ عزيز مقتدر, وكذلك عاقبة من خالفك وكذب بما جئت به, ولهذا قال في آخر القصة: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" فقوله تعالى: "هل أتاك حديث موسى" أي هل سمعت بخبره "إذ ناداه ربه" أي كلمه نداء "بالواد المقدس" أي المطهر "طوى" وهو اسم الوادي على الصحيح كما تقدم في سورة طه, فقال له: "اذهب إلى فرعون إنه طغى" أي تجبر وتمرد وعتا "فقل هل لك إلى أن تزكى" أي قل له هل لك أن تجيب إلى طريقة ومسلك تزكى به وتسلم وتطيع "وأهديك إلى ربك" أي أدلك إلى عبادة ربك "فتخشى" أي فيصير قلبك خاضعاً له مطيعاً خاشعاً بعدما كان قاسياً خبيثاً بعيداً من الخير " فأراه الآية الكبرى " يعني فأظهر له موسى مع هذه الدعوة الحق حجة قوية ودليلاً واضحاً على صدق ما جاءه به من عند الله "فكذب وعصى" أي فكذب بالحق وخالف ما أمره به من الطاعة, وحاصله أنه كفر بقلبه فلم ينفعل لموسى بباطنه ولا بظاهره وعلمه بأن ما جاء به حق لا يلزم منه أنه مؤمن به, لأن المعرفة علم القلب والإيمان عمله وهو الانقياد للحق والخضوع له.
وقوله تعالى: "ثم أدبر يسعى" أي في مقابلة الحق بالباطل وهو جمعه السحرة ليقابلوا ما جاء به موسى عليه السلام من المعجزات الباهرات "فحشر فنادى" أي في قومه "فقال أنا ربكم الأعلى" قال ابن عباس ومجاهد : وهذه الكلمة قالها فرعون بعد قوله ما علمت لكم من إله غيري بأربعين سنة قال الله تعالى: " فأخذه الله نكال الآخرة والأولى " أي انتقم الله منه انتقاماً جعله به عبرة ونكالاً لأمثاله من المتمردين في الدنيا "ويوم القيامة بئس الرفد المرفود" كما قال تعالى: "وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون" وهذا هو الصحيح في معنى الاية أن المراد بقوله: " نكال الآخرة والأولى " أي الدنيا والاخرة, وقيل المراد بذلك كلمتاه الأولى والثانية, وقيل كفره وعصيانه والصحيح الذي لا شك فيه الأول, وقوله: "إن في ذلك لعبرة لمن يخشى" أي لمن يتعظ وينزجر.
18- "فقل" له "هل لك إلى أن تزكى" أي قوله بعد وصولك إليه هل لك رغبة إلى التزكي وهو التطهر من الشرك، وأصله تتزكى فحذفت إحدى التاءين. وقرأ الجمهور "تزكى" بالتخفيف. وقرأ نافع وابن كثير بتشديد الزاي على إدغام التاء في الزاي. قال أبو عمرو بن العلاء معنى قراءة التخفيف تكون زكياً مؤمناً ومعنى قراءة التشديد الصدقة، وفي الكلام مبتدأ مقدر يتعلق به إلى، والتقدير: هل لك رغبة أو هل لك توجه أو هل لك سبيل إلى التزكي، ومثل هذا قولهم هل لك في الخير؟ يريدون هل لك رغبة في الخير، ومن هذا قول الشاعر:
فهل لكم فيها إلي فانني بصير بما أعيا النطاسي جذيما
18- "فقل هل لك إلى أن تزكى"، قرأ أهل الحجاز ويعقوب بتشديد الزاي: أي تتزكى وتتطهر من الشرك، وقرأ الآخرون بالتخفيف وأصله تتزكى فأدغمت التاء الثانية في الزاي في القراءة الأولى، وحذفت في الثانية، ومعناه تتطهر من الشرك أي: تسلم وتصلح، قال ابن عباس: تشهد أن لا إله إلا الله.
18-" فقل هل لك إلى أن تزكى " هل لك ميل إلى أن تتطهر من الكفر والطغيان ،وقرأ الحجازيان و يعقوب تزكى بالتشديد .
18. And say (unto him): Hast thou (will) to grow (in grace)?
18 - And say to him, Wouldst thou that thou shouldst be purified (from sin)?