[النبإ : 36] جَزَاء مِّن رَّبِّكَ عَطَاء حِسَابًا
36 - (جزاء من ربك) أي جزاهم الله بذلك جزاء (عطاء) بدل من جزاء (حسابا) أي كثيرا من قولهم أعطاني فاحسبني أي أكثر علي حتى قلت حسبي
يعني جل ثناؤه : " جزاء من ربك عطاء " أعطى الله هؤلاء المتقين ما وصفت في هذه الآيات ثواباً من ربك بأعمالهم ، على طاعتهم إياه في الدنيا .
وقوله " عطاء " يوقل : تفضلاً من الله عليهم بذلك الجزاء ، وذلك أنه جزاهم بالواحد عشراً في بعض ، وفي بعض بالواحد سبع مئة ، فهذه الزيادة جزاء فعطاء من الله .
وقوله : " حسابا " يقول : محاسبة لهم بأعمالهم لله في الدنيا .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " جزاء من ربك عطاء حسابا " قال : عطاء منه حساباً لما عملوا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " جزاء من ربك عطاء حسابا " أي عطاء كثيراً ، فجزاهم بالعمل اليسير الخير الجسيم ، الذي لا انقطاع له .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " عطاء حسابا " قال : عطاء كثيراً ، وقال مجاهد : عطاء من الله حساباً بأعمالهم .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : سمعت ابن زيد يقول في قول الله " جزاء من ربك عطاء حسابا " فقرأ " إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا " ... إلى " عطاء حسابا " قال : فهذه جزاء بأعمالهم عطاء الذي أعطاهم ، عملوا له واحدة ، فجزاهم عشراً ، وقرأ قول الله " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " [ الأنعام : 160 ] ، وقرأ قول الله " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " [ البقرة : 261 ] ، قال : يزيد من يشاء ، كان هذا كله عطاء ، ولم يكن أعمالاً يحسبه لهم ، فجزاهم به حتى كأنهم عملوا له ، قال : ولم يعملوا إنما عملواً عشراً ، فأعطاهم مئة ، وعملوا مئة ، فأعطاهم ألفاً ، هذا كله عطاء ، والعمل الأول ، ثم حسب ذلك حتى كأنهم عملوا ، فجزاهم كما جزاهم بالذي عملوا .
قوله تعالى:" جزاء من ربك" نصب على المصدر. لأن المعنى جزاهم بما تقدم ذكرهن جزاءه وكذلك " عطاء" لأن معنى أعطاهم وجزاهم واحد. أي أعطاهم عطاء. " حسابا" أي كثيراً، قاله قتادة، يقال: أحسبت فلاناً: أي كثرت له العطاء حتى قاله حسبي. قال :
ونقفي وليد الحي إن كان جائعاً ونحسبه إن كان ليس بجائع
وقال القتبي: ونرى أصل هذا أن يعطيه حتى يقول حسبي. وقال الزجاج : ((حساباً)) أي ما يكفيهم. وقاله الأخفش. يقال: أحسبني كذا: أي كفاني. وقال الكلبي: حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشراً. ومجاهد: حساباً لما علموا، فالحساب بمعنى العد. أي بقدر ما وجب له في وعد الرب، فإنه وعد للحسنة عشراً، ووعد لقوم بسبعمائة ضعف، وقد وعد لقوم جزاء لا نهاية له ولا مقدار، كما قال تعالى: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" [ الزمر:10] وقرأ أبو هاشم ((عطاء حساباً)) بفتح الحاء، وتشديد السين، على وزن فعال أي كفافاً، قال الأصمعي: تقول العرب: حسبت الرجل بالتشديد: إذا أكرمته، وأنشد قول الشاعر:
إذا اتاه ضيفه يحسبه
وقرأ ابن عباس ((حساناً)) بالنون.
يقول تعالى مخبراً عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم فقال تعالى: "إن للمتقين مفازاً" قال ابن عباس والضحاك : متنزهاً. وقال مجاهد وقتادة : فازوا فنجوا من النار. والأظهر ههنا قول ابن عباس لأنه قال بعده "حدائق" والحدائق البساتين من النخيل وغيرها " وأعنابا * وكواعب أترابا " أي وحوراً كواعب, قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد "كواعب" أي نواهد, يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب أي في سن واحد كما تقدم بيانه في سورة الواقعة. قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدستكي , حدثني أبي عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد الله بن تيم , حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي عن أبي أمامة أنه سمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم يا أهل الجنة ماذا تريدون أن أمطركم ؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب" وقوله تعالى: "وكأساً دهاقاً" قال ابن عباس : مملوءة ومتتابعة. وقال عكرمة : صافية, وقال مجاهد والحسن وقتادة وابن زيد "دهاقاً" الملأى المترعة, وقال مجاهد وسعيد بن جبير هي المتتابعة. وقوله تعالى: "لا يسمعون فيها لغواً ولا كذاباً" كقوله: "لا لغو فيها ولا تأثيم" أي ليس فيها كلام لاغ عار عن الفائدة ولا إثم كذب, بل هي دار السلام وكل ما فيها سالم من النقص وقوله: "جزاءً من ربك عطاء حساباً" أي هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه بفضله ومنه وإحسانه ورحمته عطاء حساباً أي كافياً وافياً شاملاً كثيراً, تقول العرب: أعطاني فأحسبني أي كفاني ومنه حسبي الله أي الله كافي.
36- "جزاء من ربك" أي جازاهم بما تقدم ذكره جزاءً. قال الزجاج: المعنى جزاهم جزاء، وكذا "عطاء" أي وأعطاهم عطاءً "حساباً" قال أبو عبيدة: كافياً. وقال ابن قتيبة: كثيراً، يقال أحسبت فلاناً: أي أكثرت له العطاء، ومنه قول الشاعر:
ونعطي وليد الحي إن كان جائعاً ونحسبه إن كان ليس بجائع
قال ابن قتيبة: أي نعطيه حتى يقول حسبي. قال الزجاج: حساباً: أي ما يكفيهم. قال الأخفش: يقال أحسبني كذا: أي كفاني. قال الكلبي: حاسبهم فأعطاهم بالحسنة عشراً. وقال مجاهد: حساباً لما عملوه، فالحساب بمعنى القدر: أي يقدر ما وجب له في وعد الرب سبحانه، فإنه وعد للحسنة عشراً، ووعد لقوم سبعمائة ضعف، وقد وعد لقوم جزاءً لا نهاية له ولا مقدار كقوله: "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" وقرأ أبو هاشم حساباً بفتح الحاء وتشديد السين: أي كفافاً. قال الأصمعي: تقول العرب: حسبت الرجل بالتشديد: إذا أكرمته، ومنه قول الشاعر:
إذا أتاه ضيفه يحسبه
وقرأ ابن عباس حساناً بالنون.
36- "جزاءً من ربك عطاءً حساباً"، أي جازاهم جزاء وأعطاهم عطاء "حساباً" أي: كافياً وافياً، يقال: أحسبت فلاناً، أي أعطيته ما يكفيه حتى قال حسبي. وقال ابن قتيبة: "عطاءً حساباً" أي كثيراً. وقيل: هو جزاء بقدر أعمالهم.
36-" جزاءً من ربك " . بمقتضى وعده . " عطاءً " تفضلاً منه إذ لا يجب عليه شيء، وهو بدل من " جزاء " ، وقيل منتصب به نصب المفعول به ." حساباً " كافياً من أحسبه الشيء إذا كفاه حتى قال حسبي ، أو على حسب أعمالهم وقرئ حساباً أي محسباً كالدراك بمعنى المدرك .
36. Requital from thy Lord a gift in payment
36 - Recompense from thy Lord, a Gift, (amply) sufficient,