[المرسلات : 48] وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ
48 - (وإذا قيل لهم اركعوا) صلوا (لا يركعون) لا يصلون
أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون قال نزلت في ثقيف
وقوله : " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " يقول تعالى ذكره : وإذا قيل لهؤلاء المجرمين المكذبين بوعيد الله أهل التكذيب به : اركعوا ، لا يركعون .
واختلف أهل التأويل في الحين الذي يقال لهم فيه ، فقال بعضهم : يقال ذلك في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني ابي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " يقول : يدعون يوم القيامة إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في الدنيا .
وقال آخرون : بل قيل ذلك لهم في الدنيا .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال ثنا قتادة ، قوله " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " عليكم بحسن الركوع ، فإن الصلاة من الله بمكان ، وقل قتادة عن ابن مسعود : أنه رأى رجلاً يقبل الله صلاته ، وأما الآخرة فلا ينظر الله إليه .
وقيل : عني بالركوع في هذا الموضع الصلاة .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " قال : صلوا .
وأولى الأقوال في ذلك أن يقال : إن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم المجرمين أنهم كانوا له مخالفين في أمره ونهيه ، لا يأتمرون بأمره ، ولا ينتهون عما نهاهم عنه .
قوله تعالى:" وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " أي إذا قيل لهؤلاء المشركين: " اركعوا" أي صلوا " لا يركعون" أي لا يصلون، قاله مجاهد. وقال مقاتل:" نزلت في ثقيف، امتنعوا من الصلاة فنزل ذلك فيهم. قال مقاتل:
قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : ((أسلموا)) وأمرهم بالصلاة فقالوا: لا ننحني فإنها مسبة علينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود)) " يذكر أن مالكاً رحمه الله دخل المسجد بعد صلاة العصر، وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر، فجلس ولم يركع، فقال له صبي: يا شيخ قم فاركع. فقام فركع ولم يحاجه بما يراه مذهباً، فقيل له في ذلك، فقال: خشيت ان أكون من الذين " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون". وقال ابن عباس: إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون. قتادة: هذا في الدنيا. ابن العربي: هذه الآية حجة على وجوب الركوع وإنزاله ركناً في الصلاة وقد انعقد الإجماع عليه، وظن قوم أن هذا إنما يكون في القيامة وليست بدار تكليف الدنيا، فمن كان لله يسجد يمكن من السجود، ومن كان يسجد رثاء لغيره صار ظهره طبقاً واحداً. وقيل: أ ي إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون؟، فهو عام في الصلاة وغيرها وإنما ذكر الصلاة، لأنها أصل الشرائع بعد التوحيد. وقيل: الأمر بالإيمان، لأنها لاتصح من غير إيمان.
يقول تعالى مخبراً عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات, وترك المحرمات, أنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون أي بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه من ظلل اليحموم وهو الدخان الأسود المنتن, وقوله تعالى: " وفواكه مما يشتهون " أي ومن سائر أنواع الثمار مهما طلبوا وجدوا "كلوا واشربوا هنيئاً بما كنتم تعملون" أي يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم ثم قال تعالى مخبراً خبراً مستأنفاً: "إنا كذلك نجزي المحسنين" أي هذا جزاؤنا لمن أحسن العمل "ويل يومئذ للمكذبين". وقوله تعالى: "كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون" خطاب للمكذبين بيوم الدين وأمرهم أمر تهديد ووعيد فقال تعالى: "كلوا وتمتعوا قليلاً" أي مدة قليلة قريبة قصيرة "إنكم مجرمون" أي ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها "ويل يومئذ للمكذبين" كما قال تعالى: "نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ" : وقال تعالى: "إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون * متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون" وقوله تعالى: "وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون" أي إذاأمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبرواعنه, ولهذا قال تعالى: "ويل يومئذ للمكذبين" ثم قال تعالى: " فبأي حديث بعده يؤمنون ".
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية : سمعت رجلاً أعرابياً بدوياً يقول: سمعت أبا هريرة يرويه إذا قرأ والمرسلات عرفاً ـ فقرأ ـ فبأي حديث بعده يؤمنون ؟ فليقل آمنت بالله وبما أنزل. وقد تقدم هذا الحديث في سورة القيامة. آخر تفسير سورة المرسلات, ولله الحمد والمنة, وبه التوفيق والعصمة.
48- "وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون" أي وإذا أمروا بالصلاة لا يصلون. قال مقاتل: نزلت في ثقيف امتنعوا من الصلاة بعد أن أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بها فقالوا: لا ننحني فإنها مسبة علينا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود. وقيل إنما يقال لهم ذلك في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون. وقيل المعني بالركوع: الطاعة والخشوع.
48- "وإذا قيل لهم اركعوا" صلوا، "لا يركعون"، لا يصلون، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنما يقال لهم هذا يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون.
48-" وإذا قيل لهم اركعوا " أطيعوا واخضعوا أو صلوا أو اركعوا في الصلاة . إذ روي : " أنه نزل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثقيفاً بالصلاة فقالوا : لانجبي أي لا نركع فإنها مسبة " . وقيل هو يوم القيامة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون . " لا يركعون " لا يمتثلون واستدل به على أن الأمر للوجوب وأن الكفار مخاطبون بالفروع .
48. When it is said unto them: Bow down, they bow not down!
48 - And when it is said to them, Prostrate yourselves! They do not so.