[المرسلات : 11] وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ
11 - (وإذا الرسل أقتت) بالواو وبالهمزة بدلا منها أي جمعت لوقت
قوله تعالى : " وإذا الرسل أقتت " يقول تعالى ذكره : وإذا الرسل أجلت للاجتماع لوقتها يوم القيامة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وإذا الرسل أقتت " يقول : جمعت .
حدثني محمد بن عمرو ن قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله " أقتت " قال : أجلت .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران ، عن سفيان ، قال : مجاهد " وإذا الرسل أقتت " قال : أجلت .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا وكيع ، وحدثنا ابن حميد ، قال : ثنا مهران جميعاً ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم " وإذا الرسل أقتت " قال : أوعدت .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " وإذا الرسل أقتت " قال : أقتت ليوم القيامة ، وقرأ " يوم يجمع الله الرسل " [ المائدة : 109 ] ، قال : والأجل : الميقات ، وقرأ " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " [ البقرة : 189 ] ، وقرأ " إلى ميقات يوم معلوم " [ الواقعة : 50 ] ، إلى يوم القيامة ، قال : لهم أجل إلى ذلك اليوم حتى يبلغوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، في قوله " وإذا الرسل أقتت " قال : وعدت .
واختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدينة غير أبي جعفر وعامة قراء الكوفة " أقتت " بالألف وتشديد القاف ، وقرأه بعض قراء البصرة بالواو وتشديد القاف ( وقتت ) وقرأه أبو جعفر ( وقتت ) بالواو وتخفيف القاف .
والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن كل ذلك قراءات معروفات ولغات مشهورات بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب ، وإنما هو فعلت من الوقت ، غير أن من العرب من يستثقل ضمة الواو ، كما يستثقل كسرة الياء في أول الحرف فيهمزها فيقول : هذه أجوه حسان بالهمزة ، وينشد بعضهم :
يحل أحيده ويقال بعل ومثل تمول منه افتقار
قوله تعالى:" وإذا الرسل أقتت" أي جمعت لوقتها ليوم القيامة ، والوقت الاجل الذي يكون عنده الشىء المؤخر اليه ، فالمعنى : جعل لها وقت واجل للفصل والقضاء بينهم وبين الامم ، كما قال تعالى : " يوم يجمع الله الرسل " [النساء:109]. وقيل : هذا في الدنيا أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبه بأن الكفار ممهلون. وإنما تزول الشكوك يوم القيامة. و الأول أحسن، لأن التوقيت قبل يوم القيامة. قال أبو علي: أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتاً. وقيل: أقتت وعدت وأجلت. وقيل: " أقتت " أي أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد. والهمزة في " أقتت" بدل من الواو، قاله الفراء والزجاج. قال الفراء: وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز ان يبدل منها همزة، تقول : صلى القوم إحدانا تريد وحدانا، ويقولون هذه وجوه حسان وأوجوه. وهذا لأن ضمة الواو. ولم يجز البدل في قوله: " ولا تنسوا الفضل بينكم" [ البقرة:237] لأن الضمة غير لازمة. وقرأ أبو عمرو وحيد والحسن ونصر. وعن عاصم ومجاهد (( وقتت)) بالواو وتشديد القاف على الأصل. وقال أبو عمر: وإنما يقرأ ((أقتت)) من قال في وجوه اجوه. وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج ((وقتت)) بالواو وتشديد القاف على الأصل. وقال أبو عمرو: وإنما يقرأ ((أقتت )) من قال في وجوه أجوه. وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج ((وقتت)) بالواو وتخفيف القاف. وهو فعلت من الوقت ومنه " كتاباً موقوتاً " [ النساء:103] وعن الحسن أيضا: (( ووقتت)) بواوين، وهو فوعلت من الوقت أيضاً مثل عوهدت. ولو قبلت الواو في هاتين القراءتين الفا لجاز. وقرأ يحي وأيوب وخالد بن الياس وسلام ((أقتت)) بالهمزة والتخفيف، لأنها مكتوبة في المصحف بالألف.
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا زكريا بن سهل المروزي , حدثنا علي بن الحسن بن شقيق , حدثنا الحسين بن واقد , حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة "والمرسلات عرفاً" قال: الملائكة, وروي عن مسروق وأبي الضحى ومجاهد في إحدى الروايات والسدي والربيع بن أنس مثل ذلك وروي عن أبي صالح أنه قال: هي الرسل, وفي رواية عنه أنها الملائكة, وهكذا قال أبو صالح في العاصفات والناشرات والفارقات والملقيات أنها الملائكة. وقال الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن أبي العبيدين قال: سألت ابن مسعود عن المرسلات عرفاً قال: الريح, وكذا قال في " العاصفات عصفا * والناشرات نشرا " إنها الريح, وكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح في رواية عنه وتوقف ابن جرير في "والمرسلات عرفاً" هل هي الملائكة إذا أرسلت بالعرف أو كعرف الفرس يتبع بعضهم بعضاً, أو هي الرياح إذا هبت شيئاً فشيئاً ؟ وقطع بأن العاصفات عصفاً الرياح كما قاله ابن مسعود ومن تابعه, وممن قال ذلك في العاصفات عصفاً أيضاً علي بن أبي طالب والسدي وتوقف في الناشرات نشراً هل هي الملائكة أو الريح كما تقدم ؟ وعن أبي صالح أن الناشرات نشراً هي المطر, والأظهر أن المرسلات هي الرياح كما قال تعالى: "وأرسلنا الرياح لواقح" وقال تعالى: "وهو الذي يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته" وهكذا العاصفات هي الرياح, يقال عصفت الرياح إذا هبت بتصويت, وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحاب في آفاق السماء كما يشاء الرب عز وجل.
وقوله تعالى: " فالفارقات فرقا * فالملقيات ذكرا * عذرا أو نذرا " يعني الملائكة. قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري , ولا خلاف ههنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل تفرق بين الحق والباطل, والهدى والغي, والحلال والحرام, وتلقي إلى الرسل وحياً فيه إعذار إلى الخلق وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره. وقوله تعالى: "إنما توعدون لواقع" هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام أي ما وعدتم به من قيام الساعة والنفخ في الصور وبعث الأجساد وجمع الأولين والاخرين في صعيد واحد ومجازاة كل عامل بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر, إن هذا كله لواقع أي لكائن لامحالة. ثم قال تعالى: "فإذا النجوم طمست" أي ذهب ضوؤها كقوله تعالى: "وإذا النجوم انكدرت" وكقوله تعالى: "وإذا الكواكب انتثرت" "وإذا السماء فرجت" أي انفطرت وانشقت وتدلت أرجاؤها ووهت أطرافها.
"وإذا الجبال نسفت" أي ذهب بها فلا يبقى لها عين ولا أثر كقوله تعالى: "ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً" الاية. وقال تعالى: "ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً" وقوله تعالى: "وإذا الرسل أقتت" قال العوفي عن ابن عباس : جمعت. وقال ابن زيد : وهذه كقوله تعالى: "يوم يجمع الله الرسل" وقال مجاهد : "أقتت" أجلت. وقال الثوري عن منصور عن إبراهيم "أقتت" أوعدت وكأنه يجعلها كقوله تعالى: "وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون". ثم قال تعالى: " لأي يوم أجلت * ليوم الفصل * وما أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين " يقول تعالى لأي يوم أجلت الرسل وأرجىء أمرها حتى تقوم الساعة كما قال تعالى: "فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام * يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" وهو يوم الفصل كما قال تعالى: "ليوم الفصل" ثم قال تعالى معظماً لشأنه: "وما أدراك ما يوم الفصل * ويل يومئذ للمكذبين" أي ويل لهم من عذاب الله غداً وقد قدمنا في الحديث أن ويل واد في جهنم ولا يصح.
11- "وإذا الرسل أقتت" الهمزة في أقتت بدل من الواو المضمومة، وكل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة يجوز إبدالها بالهمزة، وقد قرأ بالواو أبو عمرو وشيبة والأعرج وقرأ الباقون بالهمزة، والوقت: الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه، والمعنى: جعل لها وقت للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم كما في قوله سبحانه "يوم يجمع الله الرسل" وقيل هذا في الدنيا: أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب بها في إنزال العذاب بمن كذبها، والأول أولى، قال أبو علي الفارسي: أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتاً، وقيل أقتت: أرسلت لأوقات معلومة على ما علم الله به.
11- "وإذا الرسل أقتت" قرأ أهل البصرة وقتت بالواو، وقرأ أبو جعفر بالواو وتخفيف القاف، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف، وهما لغتان. والعرب تعاقب بين الواو والهمزة كقولهم: وكدت وأكدت، وورخت وأرخت، ومعناهما: جمعت لميقات يوم معلوم، وهو يوم القيامة ليشهدوا على الأمم.
11-" وإذا الرسل أقتت " عين لها وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على الأمم بحصوله ،فإنه لا يتعين لهم قبله ، أو بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره ، وقرأ أبو عمرو وقتت على الأصل .
11. And when the messengers are brought unto their time appointed
11 - And when the apostles are (all) appointed a time (to collect);