[المدثر : 42] مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ
42 - (ما سلككم) أدخلكم (في سقر)
قوله تعالى : " ما سلككم في سقر " .
قوله تعالى:" في سقر" كما تقول : سلكت الخيط في كذا أي ادخلته فيه. قال الكلبي: فيسأل الرجل من اهل الجنة الرجل من اهل النار باسمه، فيقول له: يا فلان وفي قراءة عبد الله بن الزبير(( يا فلان ما سلكك في سقر))؟ وعنه قال: قرأ عمر بن الخطاب(( يا فلان ما سلككم في سقر)) وهي قراءة على التفسير، لا انها قرآن كما زعم من طعن في القرآن، قاله ابو بكر بن الأنباري. وقيل: ان المؤمنين يسألون الملائكة عن اقربائهم، فتسأل الملائكة المشركين فيقولون لهم: " ما سلككم في سقر" قال الفراء: في هذا ما يقوي ان اصحاب اليمين الولدان، لأنهم لا يعرفون الذنوب.
يقول تعالى مخبراً أن "كل نفس بما كسبت رهينة" أي معتقلة بعملها يوم القيامة قاله ابن عباس وغيره "إلا أصحاب اليمين" فإنهم " في جنات يتساءلون * عن المجرمين " أي يسألون المجرمين وهم في الغرفات وأولئك في الدركات قائلين لهم: " ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين " أي ما عبدنا الله ولا أحسنا إلى خلقه من جنسنا "وكنا نخوض مع الخائضين" أي نتكلم فيما لا نعلم. وقال قتادة : كلما غوى غاو غوينا معه " وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين " يعني الموت كقوله تعالى: "واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما هو ـ يعني عثمان بن مظعون ـ فقد جاءه اليقين من ربه" قال الله تعالى: "فما تنفعهم شفاعة الشافعين" أي من كان متصفاً بمثل هذه الصفات فإنه لا تنفعه يوم القيامة شفاعة شافع فيه لأن الشفاعة إنما تنجع إذا كان المحل قابلاً, فأما من وافى الله كافراً يوم القيامة فإنه له النار لا محالة خالداً فيها, ثم قال تعالى: "فما لهم عن التذكرة معرضين" أي فما لهؤلاء الكفرة الذين قبلك مما تدعوهم إليه وتذكرهم به معرضين " كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة " أي كأنهم في نفارهم عن الحق وإعراضهم عنه حمر من حمر الوحش إذا فرت ممن يريد صيدها من أسد, قاله أبو هريرة وابن عباس في رواية عنه وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن , أو رام, وهو رواية عن ابن عباس وهو قول الجمهور. وقال حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس : الأسد بالعربية, ويقال له بالحبشية قسورة, وبالفارسية شير, وبالنبطية أوبا.
وقوله تعالى: " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة " أي بل يريد كل واحد من هؤلاء المشركين أن ينزل عليه كتاب كما أنزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم, قاله مجاهد وغيره, كقوله تعالى: " وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته " وفي رواية عن قتادة : يريدون أن يؤتوا براءة بغير عمل, فقوله تعالى: " كلا بل لا يخافون الآخرة " أي إنما أفسدهم عدم إيمانهم بها وتكذيبهم بوقوعها.
ثم قال تعالى: "كلا إنه تذكرة" أي حقاً إن القرآن تذكرة " فمن شاء ذكره * وما يذكرون إلا أن يشاء الله " كقوله: " وما تشاؤون إلا أن يشاء الله ". وقوله تعالى: "هو أهل التقوى وأهل المغفرة" أي هو أهل أن يخاف منه وهو أهل أن يغفر ذنب من تاب إليه وأناب. قاله قتادة . وقال الإمام أحمد : حدثنا زيد بن الحباب , أخبرني سهيل أخو حزم , حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية "هو أهل التقوى وأهل المغفرة" وقال :قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقى أن يجعل معي إلهاً كان أهلاً أن أغفر له" ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب , و النسائي من حديث المعافى بن عمران , كلاهما عن سهيل بن عبد الله القطعي به, وقال الترمذي : حسن غريب وسهيل ليس بالقوي, ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن هدبة بن خالد عن سهيل به, وهكذا رواه أبو يعلى والبزار والبغوي وغيرهم من حديث سهيل القطعي به. آخر تفسير سورة المدثر, ولله الحمد والمنة.
وقوله: 42- "ما سلككم في سقر" هو على تقدير القول: أي يتساءلون عن المجرمين يقولون لهم: ما سلككم في سقر، أو يسألونهم قائلين لهم: ما سلككم في سقر، والجملة على كلا التقديرين في محل نصب على الحال، والمعنى: ما أدخلكم في سقر، تقول سلكت الخيط في كذا: إذا دخلته فيه. قال الكلبي: يسأل الرجل من أهل الجنة الرجل من أهل النار باسمه، فيقول له: يا فلان ما سلكك في النار. وقيل إن الملائكة عن أقربائهم، فتسأل الملائكة المشركين يقولون لهم: ما سلككم في سقر. قال الفراء: في هذا ما يقوي أن أصحاب اليمين هم الولدان، لأنهم لا يعرفون الذنوب.
42- "ما سلككم"، أدخلكم، "في سقر"، فأجابوا.
42-" ما سلككم في سقر " بجوابه حكاية لما جرى بين المسؤولين والمجرمين أجابوا بها .
42. What hath brought you to this burning?
42 - What led you into Hell Fire?