[الأعراف : 92] الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ
92 - (الذين كذبوا شعيبا) مبتدأ خبره (كأن) مخففة واسمها محذوف أي كأنهم (لم يغنوا) يقيموا (فيها) في ديارهم (الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين) التأكيد بإعادة الموصول وغيره للرد عليهم في قولهم السابق
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فأهلك الذين كذبوا شعيباً فلم يؤمنوا به، فأبادهم، فصارت قريتهم منهم خاوية خلاءً، " كأن لم يغنوا فيها "، يقول: كأن لم ينزلوا قط ولم يعيشوا بها حين هلكوا.
يقال: غني فلان بمكان كذا،، فهو يغنى به غنىً وغنياً))، إذا نزل به وكان به، كما قال الشاعر:
ولقد يغنى بها جيرانك الـ ممسكو منك بعهد ووصال
وقال رؤبة:
وعهد مغنى دمنة بضلفعا
إنما هو ((مفعل)) من ((غنى)).
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر، عن قتادة : " كأن لم يغنوا فيها "، كأن لم يعيشوا، كأن لم ينعموا.
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: " كأن لم يغنوا فيها "، يقول: كأن لم يعيشوا فيها.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " كأن لم يغنوا فيها "، كأن لم يكونوا فيها قط.
وقوله: " الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين "، يقول تعالى ذكره: لم يكن الذين اتبعوا شعيباً الخاسرين، بل الذين كذبوه كانوا هم الخاسرين الهالكين. لأنه أخبر عنهم جل ثناؤه: أن الذين كذبوا شعيباً قالوا للذين أرادوا اتباعه: ((لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون))، فكذبهم الله بما أحل بهم من عاجل نكاله، ثم قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ما خسر تباع شعيب، بل كان الذين كذبوا شعيباً لما جاءت عقوبة الله، هم الخاسرين، دون الذين صدقوا وآمنوا به.
قوله تعالى: "الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها" قال الجرجاني: قيل هذا كلام مستأنف، أي الذين كذبوا شعيبا صاروا كأنهم لم يزالوا موتى. ويغنوا يقيموا، يقال: غنيت بالمكان إذا أقمت به. وغني القوم في دارهم أي طال مقامهم فيها. والمغنى: المنزل، والجمع المغاني. قال لبيد:
وغنيت ستاً قبل مجرى داحس لو كان للنفس اللجوج خلود
وقال حاتم طي:
غنينا زمانا بالتصعلك والغنى كما الدهر في أيامه العسر واليسر
كسبنا صروف الدهر ليناً وغلظة وكلاً سقاناه بكأسهما الدهر
فما زادنا بغياً على ذي قرابة غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر
"الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين" ابتداء خطاب، وهو مبالغة في الذم والتوبيخ وإعادة لتعظيم الأمر وتفخيمه. ولما قالوا: من اتبع شعيباً خاسر قال الله الخاسرون هم الذين قالوا هذا القول.
يخبر تعالى عن شدة كفرهم وتمردهم وعتوهم وما هم فيه من الضلال وما جبلت عليه قلوبهم من المخالفة للحق ولهذا أقسموا وقالوا "لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون" فلهذا عقبه بقوله "فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين" أخبر تعالى هنا أنهم أخذتهم الرجفة وذلك كما أرجفوا شعيباً وأصحابه وتوعدهم بالجلاء كما أخبر عنهم في سورة هود فقال " ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين " والمناسبة هناك والله أعلم أنهم لما تهكموا به في قولهم "أصلاتك تأمرك" الاية فجاءت الصيحة فأسكتتهم, وقال تعالى إخباراً عنهم في سورة الشعراء "فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم" وما ذاك إلا لأنهم قالوا له في سياق القصة "فأسقط علينا كسفاً من السماء" الاية.
فأخبر أنه أصابهم عذاب يوم الظلة, وقد اجتمع عليهم ذلك كله " فأخذهم عذاب يوم الظلة " وهي سحابة أظلتهم فيها شرر من نار ولهب ووهج عظيم, ثم جاءتهم صيحة من السماء ورجفة من الأرض شديدة من أسفل منهم فزهقت الأرواح وفاضت النفوس وخمدت الأجسام " فأصبحوا في دارهم جاثمين " ثم قال تعالى: "كأن لم يغنوا فيها" أي كأنهم لما أصابتهم النقمة لم يقيموا بديارهم التي أرادوا إجلاء الرسول وصحبه منها ثم قال تعالى مقابلاً لقيلهم "الذين كذبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين".
قوله: 92- "الذين كذبوا شعيباً كأن لم يغنوا فيها" هذه الجملة مستأنفة مبينة لما حل بهم من النقمة، والموصول مبتدأ، وكأن لم يغنوا خبره: يقال، غنيت بالمكان إذا أقمت به، وغني القوم في دارهم أي طال مقامهم فيها والمغني: المنزل، والجمع المغاني. قال حاتم الطائي:
غنينا زماناً بالتصعلك والغنى وكلا سقاناه بكاسيهما الدهـر
فما زادنا بغياً على ذي قرابة غناناً ولا أزرى بإحساننا الفقر
ومعنى الآية: الذين كذبوا شعيباً كأن لم يقيموا في دارهم، لأن الله سبحانه استأصلهم بالعذاب، والموصل في "الذين كذبوا شعيباً" مبتدأ خبره " كانوا هم الخاسرين "، وهذه الجملة مستأنفة كالأولى متضمنة لبيان خسران القوم المكذبين.
92- قوله تعالى : " الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها " ، أي : لم يقيموا ولم ينزلوا فيها ، من قولهم : غنيت بالمكان إذا قمت به ، والمغاني المنازل واحدها مغنى ، وقيل : كأن لم يتنعموا فيها . " الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين " ، لا المؤمنين كما زعموا .
92. " الذين كذبوا شعيبا " مبتدأ خبره " كأن لم يغنوا فيها" أي استؤصلوا كأن لم يقيموا بها والمغنى المنزل . " الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين " دينا ودنيا لا الذين صدقوه واتبعوه كما زعموا ، فإنهم الرابحون في الدارين . وللتنبيه على هذا والمبالغة فيه كرر الموصول واستأنف بالجملتين وأتى بهما اسميتين .
92. Those who denied Shueyb became as though they had not dwelt there. Those who denied Shueyb, they were the losers.
92 - The men who rejected shu'aib became as if they had never been in the homes where they had flourished: the men who rejected shu'aib it was they who were ruined