[الأعراف : 168] وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
168 - (وقطعناهم) فرقناهم (في الأرض أمما) فرقا (منهم الصالحون ومنهم) ناس (دون ذلك) الكفار والفاسقون (وبلوناهم بالحسنات) بالنعم (والسيئات) النقم (لعلهم يرجعون) عن فسقهم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وفرقنا بني إسرائيل في الأرض، " أمما "، يعني: جماعات شتى متفرقين، كما:
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحق بن إسمعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " وقطعناهم في الأرض أمما "، قال: في كل أرض يدخلها قوم من اليهود.
حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد : " وقطعناهم في الأرض أمما "، قال: يهود.
وقوله: " منهم الصالحون "، يقول: من هؤلاء القوم الذين وصفهم الله من بني إسرائيل، " الصالحون "، يعني: من يؤمن بالله ورسوله، " ومنهم دون ذلك "، يعني: دون الصالح.
وإنما وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم كانوا كذلك قبل ارتدادهم عن دينهم، وقبل كفرهم بربهم، وذلك قبل أن يبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه.
وقوله: " وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون "، يقول: واختبرناهم بالرخاء في العيش، والخفض في الدنيا والدعة، والسعة في الرزق، وهي ((الحسنات)) التي ذكرها جل ثناؤه، ويعني بـ(( السيئات))، الشدة في العيش، والشظف فيه، والمصائب والرزايا في الأموال، " لعلهم يرجعون "، يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم وينيبوا إليها، ويتوبوا من معاصيه.
قوله تعالى: "وقطعناهم في الأرض أمما" أي فرقناهم في البلاد. أراد به تشتيت أمرهم، فلم تجمع لهم كلمة. "منهم الصالحون" رفع على الابتداء. والمراد من آمن بمحمد عليه السلام، ومن لم يبدل منهم ومات قبل نسخ شرع موسى. أو هم الذين وراء الصين، كما سبق. "ومنهم دون ذلك" منصوب على الظرف. قال النحاس: ولا نعلم أحداً رفعه. والمراد الكفار منهم. "وبلوناهم" أي اختبرناهم. "بالحسنات" أي بالخصب والعافية. "والسيئات" أي الجدب والشدائد. "لعلهم يرجعون" ليرجعوا عن كفرهم.
يذكر تعالى أنه فرقهم في الأرض أمماً أي طوائف وفرقاً كما قال " وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا " "منهم الصالحون ومنهم دون ذلك" أي فيهم الصالح وغير ذلك كقول الجن "وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدداً" "وبلوناهم" أي اختبرناهم "بالحسنات والسيئات" أي بالرخاء والشدة والرغبة والرهبة والعافية والبلاء "لعلهم يرجعون" ثم قال تعالى "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى" الاية يقول تعالى: فخلف من بعد ذلك الجيل الذين فيهم الصالح والطالح خلف آخر لا خير فيهم وقد ورثوا دراسة الكتاب وهو التوراة وقال مجاهد: هم النصارى وقد يكون أعم من ذلك "يأخذون عرض هذا الأدنى" أي يعتاضون عن بذل الحق ونشره بعرض الحياة الدنيا ويسوفون أنفسهم ويعدونها بالتوبة وكلما لاح لهم مثل الأول وقعوا فيه, ولهذا قال "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" وكما قال سعيد بن جبير يعملون الذنب ثم يستغفرون الله منه ويعترفون لله فإن عرض ذلك الذنب أخذوه وقال مجاهد في قوله تعالى: "يأخذون عرض هذا الأدنى" قال لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه حلالاً كان أو حراماً ويتمنون المغفرة "ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه", وقال قتادة في الاية إي والله لخلف سوء "ورثوا الكتاب" بعد أنبيائهم ورسلهم أورثهم الله وعهد إليهم, وقال الله تعالى في آية أخرى "فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة" الاية قال "يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا" تمنوا على الله أماني وغرة يغترون بها "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" لا يشغلهم شيء ولا ينهاهم شيء عن ذلك كلما هف لهم شيء من الدنيا أكلوه لا يبالون حلالاً كان أو حراماً, وقال السدي: قوله "فخلف من بعدهم خلف" إلى قوله "ودرسوا ما فيه" قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضياً إلا ارتشى في الحكم وإن خيارهم اجتمعوا فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا فجعل الرجل منهم إذا استقضى ارتشى فيقال له ما شأنك ترتشي في الحكم ؟ فيقول سيغفر لي, فتطعن عليه البقية الاخرون من بني إسرائيل فيما صنع فإذا مات أو نزع وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه فيرتشي, يقول وإن يأت الاخرين عرض الدنيا يأخذوه قال الله تعالى: "ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق" الاية يقول تعالى منكراً عليهم في صنيعهم هذا مع ما أخذ عليهم من الميثاق ليبينن الحق للناس ولا يكتمونه كقوله "وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمناً قليلاً فبئس ما يشترون" وقال ابن جريج قال ابن عباس "ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق" قال فيما يتمنون على الله من غفران ذنوبهم التي لا يزالون يعودون فيها ولا يتوبون منها, وقوله تعالى " والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون " يرغبهم في جزيل ثوابه ويحذرهم من وبيل عقابه, أي وثوابي وما عندي خير لمن اتقى المحارم وترك هوى نفسه وأقبل على طاعة ربه "أفلا تعقلون" يقول أفليس لهؤلاء الذين اعتاضوا بعرض الدنيا عما عندي عقل يردعهم عما هم فيه من السفه والتبذير, ثم أثنى تعالى على من تمسك بكتابه الذي يقوده إلى اتباع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم كما هو مكتوب فيه فقال تعالى: "والذين يمسكون بالكتاب" أي اعتصموا به واقتدوا بأوامره, وتركوا زواجره "وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين".
168- "وقطعناهم في الأرض" أي فرقناهم في جوانبها، أو شتتنا أمرهم فلم تجتمع لهم كلمة، و "أمماً" منتصب على الحال أو مفعول ثان لقطعنا على تضمينه معنى صيرنا، وجملة "منهم الصالحون" بدل من أمماً، قيل: هم الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن مات قبل البعثة المحمدية غير مبدل، وقيل: هم الذين سكنوا وراء الصين كما تقدم بيانه قبل هذا "ومنهم دون ذلك" أي دون هذا الوصف الذي اتصفت به الطائفة الأولى وهو الصلاح، ومحل "دون ذلك" الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: ومنهم أناس دون ذلك، والمراد بهؤلاء هم من لم يؤمن، بل انهمك في المخالفة لما أمره الله به. قال النحاس "دون" منصوب على الظرف ولا نعلم أحداً رفعه "وبلوناهم بالحسنات والسيئات" أي امتحناهم بالخير والشر رجاء أن يرجعوا مما هم من الكفر والمعاصي.
168 - " وقطعناهم " ، وفرقناهم " في الأرض أمما " ، فرقا فرقهم الله فتشتت أمرهم لوم تجتمع لهم كلمة ، " منهم الصالحون " ، قال ابن عباس و مجاهد : يريد الذين أدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا به " ومنهم دون ذلك " ، يعني الذين بقوا على الكفر .
وقال الكلبي : منهم الصالحون هم الذين وراء نهر أوداف من وراء الصين ، ومنهم دون ذلك ، يعني : من هاهنا من اليهود ، " وبلوناهم بالحسنات " ، بالخصب والعافية ، " والسيئات " ، بالجدب والشدة ، " لعلهم يرجعون " ، لكي يرجعوا إلى طاعة ربهم ويتوبوا .
168." وقطعناهم في الأرض أمماً" وفرقناهم فيها بحيث لا يكاد يخلو قطر منهم تتمة لأدبارهم حتى لا يكون لهم شوكة قط و" أمماً" مفعول ثان أوحال . " ومنهم دون ذلك " تقديره ومنهم أناس دون ذلك أي منحطون عن الصلاح ، وهم كفرتهم وفسقتهم . " وبلوناهم بالحسنات والسيئات " بالنعم والنقم . " لعلهم يرجعون " ينهون فيرجعون عما كانوا عليه .
168. And We have sundered them in the earth as (separate) nations. Some of them are righteous, and some far from that. And We have tried them with good things and evil things that haply they might return.
168 - We broke them up into sections on this earth. there are among them some that are the righteous, and some that are the opposite. we have tried them with both prosperity and adversity: in order that they might turn (to us).