[الأعراف : 124] لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ
124 - (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلافٍ) أي يد كل واحد اليمنى ورجله اليسرى (ثم لأصلبنكم أجمعين)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبراً عن قيل فرعوهن للسحرة إذ آمنوا بالله وصدقوا رسوله موسى: " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف "، وذلك أن يقطع من أحدهم يده اليمنى ورجله اليسرى، أو يقطع يده اليسرى ورجله اليمنى، فيخالف بين العضوين في القطع، فمخالفته في ذلك بينهما هو ((القطع من خلاف)).
ويقال: إن أول من سن هذا القطع فرعون، " ثم لأصلبنكم أجمعين "، وإنما قال هذا فرعون، لما رأى من خذلان الله إياه، وغلبة موسى عليه السلام وقهره له.
حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو داود الحفري، وحبويه الرازي، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين "، قال: أو من صلب، وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف، فرعون.
قال ابن عباس: كان فرعون أول من صلب، وقطع الأيدي والأرجل من خلاف، الرجل اليمنى واليد اليسرى، واليد اليمنى والرجل اليسرى، عن الحسن.
يخبر تعالى عما توعد به فرعون لعنه الله السحرة لما آمنوا بموسى عليه السلام وما أظهره للناس من كيده ومكره في قوله "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها" أي إن غلبته لكم في يومكم هذا إنما كان عن تشاور منكم ورضاً منكم لذلك كقوله في الاية الأخرى "إنه لكبيركم الذي علمكم السحر" وهو يعلم وكل من له لب أن هذا الذي قاله من أبطل الباطل فإن موسى عليه السلام بمجرد ما جاء من مدين دعا فرعون إلى الله وأظهر المعجزات الباهرة والحجج القاطعة على صدق ما جاء به فعند ذلك أرسل فرعون في مدائن ملكه ومعاملة سلطنته فجمع سحرة متفرقين من سائر الأقاليم ببلاد مصر ممن اختار هو والملأ من قومه وأحضرهم عنده ووعدهم بالعطاء الجزيل ولهذا قد كانوا من أحرص الناس على ذلك وعلى الظهور في مقامهم ذلك والتقدم عند فرعون. وموسى عليه السلام لا يعرف أحداً منهم ولا رآه ولا اجتمع به وفرعون يعلم ذلك وإنما قال هذا تستراً وتدليساً على رعاع دولته وجهلتهم كما قال تعالى: "فاستخف قومه فأطاعوه" فإن قوماً صدقوه في قوله "أنا ربكم الأعلى" من أجهل خلق الله وأضلهم.
وقال السدي في تفسيره بإسناده المشهور عن ابن مسعود وابن عباس وغيرهما من الصحابة في قوله تعالى: "إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة" قال: التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق. قال الساحر لاتين غداً بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأومنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهما قالوا فلهذا قال ما قال, وقوله "لتخرجوا منها أهلها" أي تجتمعوا أنتم وهو وتكون لكم دولة وصولة وتخرجوا منها الأكابر والرؤساء وتكون الدولة والتصرف لكم "فسوف تعلمون" أي ما أصنع بكم ثم فسر هذا الوعيد بقوله "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" يعني يقطع يد الرجل اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس "ثم لأصلبنكم أجمعين" وقال في الاية الأخرى "في جذوع النخل" أي على الجذوع.
قال ابن عباس وكان أول من صلب وأول من قطع الأيدي والأرجل من خلاف فرعون وقول السحرة "إنا إلى ربنا منقلبون" أي قد تحققنا أنا إليه راجعون وعذابه أشد من عذابك ونكاله على ما تدعونا إليه اليوم وما أكرهتنا عليه من السحر أعظم من نكالك فلنصبرن اليوم على عذابك لنخلص عن عذاب الله ولهذا قالوا "ربنا أفرغ علينا صبراً" أي عمنا بالصبر على دينك والثبات عليه "وتوفنا مسلمين" أي متابعين لنبيك موسى عليه السلام وقالوا لفرعون " فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى * إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا * ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى " فكانوا في أول النهار سحرة, فصاروا في آخره شهداء بررة, قال ابن عباس وعبيد بن عمير وقتادة وابن جريج كانوا في أول النهار سحرة وفي آخره شهداء .
ثم لم يكتف بهذا الوعيد المجمل بل فصله فقال: 124- "لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" أي الرجل اليمنى واليد اليسرى، أو الرجل اليسرى واليد اليمنى، ثم لم يكتف عدو الله بهذا، بل جاوزه إلى غيره فقال: "ثم لأصلبنكم" في جذوع النخل: أي أجعلكم عليها مصلوبين زيادة تنكيل بهم وإفراطاً في تعذيبهم.
124 - " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف " ، وهو أن يقطع من كل شق طرفاً . قال الكلبي : لأقطعن أيديكم اليمنى وأرجلكم اليسرى ، " ثم لأصلبنكم أجمعين " ، على شاطئ ( نهر ) مصر .
124. " لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف" من كل شق طرفا ز " ثم لأصلبنكم أجمعين " تفضيحا لكم وتنكيلا لأمثالكم . قيل إنه أول من سن ذلك فشرعه الله للقطاع تعظيما لجرمهم ولذلك سماه محاربة لله ورسوله ،ولكن على التعاقب لفرط رحمته .
124. Surely I shall have your hands and feet cut off upon alternate sides. Then I shall crucify you every one.
124 - Be sure I will cut off your hands and your feet on opposite sides, and I will cause you all to die on the cross.