[الحاقة : 36] وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ
36 - (ولا طعام إلا من غسلين) صديد أهل النار أو شجر فيها
" ولا طعام إلا من غسلين " يقول جل ثناؤه : ولا له طعام كما كان لا يحض في الدنيا على طعام المسكين ، إلا طعام من غسلين ، وذلك ما يسيل من صديد أهل النار .
وكان بعض أهل العربية من أهل البصرة يقول : كل جرح غسلته فخرج منه شيء فهو غسلين ، فعلين من الغسل من الجرح والدبر ، وزيد فيه الياء والنون بمنزلة عفرين .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ولا طعام إلا من غسلين " صديد أهل النار .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " ولا طعام إلا من غسلين " قال : ما يخرج من لحومهم .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله " ولا طعام إلا من غسلين " شر الطعام وأخبثه وأبشعه .
وكان ابن زيد ، يقول في قوله في ذلك ما :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ولا طعام إلا من غسلين " قال : الغسلين والزقوم لا يعلم أحد ما هو .
والغسلين فعلين من الغسل، فكأنه ينغسل من أدبانهم، وهو صديد أهل النار السائل من جروحهم وفروجهم، عن ابن عباس. وقال الضحاك والربيع بن أنس: هو شجر يأكله أهل النار. والغسل بالكسر: ما يغسل به الرأس من خطمي وغيره. والأخفش: ومنه الغسلين، وهو ما انغسل من لحوم أهل النار ودمائهم. وزيد فيه الياء والنون كما زيد في عفرين. وقال قتادة : هو شر الطعام وأبشعه. ابن زيد: لا يعلم ما هو ولا الزقوم. وقال في موضع آخر: "ليس لهم طعام إلا من ضريع" الغاشية:6 يجوز أن يكون الضريع من الغسلين. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى فليس له اليوم ها هنا حميم إلا من غسلين، ويكون الماء الحار."ولا طعام" أي وليس لهم طعام ينتفعون به.
وهذا إخبار عن حال الأشقياء إذا أعطي أحدهم كتابه في العرصات بشماله, فحينئذ يندم غاية الندم "فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه * ولم أدر ما حسابيه * يا ليتها كانت القاضية" قال الضحاك : يعني موتة لاحياة بعدها, وكذا قال محمد بن كعب والربيع والسدي , وقال قتادة : تمنى الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره إليه منه "ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانيه" أي لم يدفع عني مالي ولا جاهي عذاب الله وبأسه, بل خلص الأمر إلي وحدي فلا معين لي ولا مجير, فعندها يقول الله عز وجل: "خذوه فغلوه * ثم الجحيم صلوه" أي يأمر الزبانية أن تأخذه عنفاً من المحشر فتغله أي تضع الأغلال في عنقه ثم تورده إلى جهنم فتصليه إياها أي تغمره فيها. قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج , حدثنا أبو خالد عن عمرو بن قيس عن المنهال بن عمرو قال: إذا قال الله تعالى خذوه ابتدره سبعون ألف ملك, إن الملك منهم ليقول هكذا فيلقي سبعين ألفاً في النار. وروى ابن أبي الدنيا في الأهوال أنه يبتدره أربعمائة ألف ولا يبقى شيء إلا دقه, فيقول: ما لي ولك ؟ فيقول: إن الرب عليك غضبان فكل شيء غضبان عليك, وقال الفضيل بن عياض : إذا قال الرب عز وجل خذوه فغلوه ابتدره سبعون ألف ملك أيهم يجعل الغل في عنقه "ثم الجحيم صلوه" أي اغمروه فيها.
وقوله تعالى: "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه" قال كعب الأحبار : كل حلقة منها قدر حديد الدنيا, وقال العوفي عن ابن عباس وابن جريج : بذراع الملك, وقال ابن جريج : قال ابن عباس "فاسلكوه" تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود حين يشوى. وقال العوفي عن ابن عباس : يسلك في دبره حتى يخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه. وقال الإمام أحمد : حدثنا علي بن إسحاق , أخبرنا عبد الله , أخبرنا سعيد بن يزيد عن أبي السمح عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو أن رصاصة مثل هذه ـ وأشار إلى جمجمة ـ أرسلت من السماء إلى الأرض, وهي مسيرة خمسمائة سنة, لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفاً الليل والنهار قبل أن تبلغ قعرها أو أصلها" وأخرجه الترمذي عن سويد بن نصر عن عبد الله بن المبارك به, وقال: هذا حديث حسن.
وقوله تعالى: "إنه كان لا يؤمن بالله العظيم * ولا يحض على طعام المسكين" أي لا يقوم بحق الله عليه من طاعته وعبادته ولا ينفع خلقه ويؤدي حقهم, فإن لله على العباد أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئاً, وللعباد بعضهم على بعض حق الإحسان والمعاونة على البر والتقوى, ولهذا أمر الله بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة, وقبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الصلاة وما ملكت أيمانكم" وقوله تعالى: " فليس له اليوم هاهنا حميم * ولا طعام إلا من غسلين * لا يأكله إلا الخاطئون " أي ليس له اليوم من ينقذه من عذاب الله تعالى لا حميم وهو القريب, ولا شفيع يطاع, ولا طعام له ههنا إلا من غسلين, قال قتادة : هو شر طعام أهل النار. وقال الربيع والضحاك : هو شجرة في جهنم, وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي , حدثنا منصور بن أبي مزاحم , حدثنا أبو سعيد المؤدب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم. وقال شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس قال: الغسلين الدم والماء يسيل من لحومهم. وقال علي بن أبي طلحة عنه: الغسلين صديد أهل النار.
36- "ولا طعام إلا من غسلين" أي وليس له طعام يأكله إلا من صديد أهل النار، وما ينغسل من أبدانهم من [القيح] والصديد، وغسلين فعلين من الغسل. وقال الضحاك والربيع بن أنس: هو شجر يأكله أهل النار. وقال قتادة: هو شر الطعام. وقال ابن زيد: لا يعلم ما هو ولا ما الزقوم إلا الله تعالى. وقال سبحانه في موضع آخر: "ليس لهم طعام إلا من ضريع" فيجوز أن يكون الضريع هو الغسلين، وقيل في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى فليس له اليوم هاهنا حميم إلا من غسلين على أن الحميم هو الماء الحار "ولا طعام" أي ليس لهم طعام يأكلونه. ولا ملجىء لهذا التقديم والتأخير.
36- "ولا طعام إلا من غسلين"، وهو صديد أهل النار، مأخوذ من الغسل، كأنه غسالة جروحهم وقروحهم. قال الضحاك والربيع: هو شجر يأكله أهل النار.
36-" ولا طعام إلا من غسلين " غسالة أهل النار وصديدهم فعلين من الغسل .
36. Nor any food save filth
36 - Nor hath he any food except the corruption from the washing of wounds,