[القلم : 51] وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ
51 - (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك) بضم الياء وفتحها (بأبصارهم) ينظرون إليك نظرا شديدا يكاد أن يصرعك ويسقطك من مكانك (لما سمعوا الذكر) القرآن (ويقولون) حسدا (إنه لمجنون) بسبب القرآن الذي جاء به
وقوله : " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " يقول جل ثناؤه : وإن يكاد الذين كفروا يا محمد ينفذونك بأبصارهم من شدة عداوتهم لك ويزيلونك فيرموا بك عند نظرهم إليك غيظاً عليك ، وقد قيل : إنه عني بذلك : وإن يكاد الذين كفروا مما عانوك بأبصارهم ليرمون بك يا محمد ، ويصرعونك ، كما تقول العرب : كاد فلان يصرعني بشدة نظره إلي ، قالوا : وإنما كانت قريش عانوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوه بالعين ، فنظروا إليه ليعينوه ، وقالوا : ما رأينا رجلاً مثله ، أو إنه لمجنون ، فقال الله لنبيه عند ذلك : وإن يكاد الذين كفروا ليرمونك بأبصارهم " لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون " .
وبنحو الذي قلنا في معنى " ليزلقونك " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن عيينة ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، في قوله " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر " يقول : ينفذونك بأبصارهم من شدة النظر ، يقول ابن عباس : يقل للسهم : زهق السهم أو زلق .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله " ليزلقونك بأبصارهم " يقول : لينفذونك بأبصارهم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " يقول : ليزهقونك بأبصارهم .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : هشيم ، قال : أخبرنا معاوية ، عن إبراهيم ، عن عبد الله أنه كان يقرأ ( وإن يكاد الذين كفروا ليزهقونك ) .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " ليزلقونك " قال : لينفذونك بأبصارهم .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله " ليزلقونك بأبصارهم " قال : ليزهقونك ، وقال الكلبي : ليصرعونك .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ،" وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " لينفذونك بأبصارهم ، معاداة لكتاب الله ولذكر الله .
حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " يقول : ينفذونك بأبصارهم من العداوة والبغضاء .
واختلفت القراء في قراءة قوله " ليزلقونك " فقرأ عامة قراء المدينة ( ليزلقونك ) بفتح الياء من زلقته زلقاً ، وقرأته عامة الكوفة و البصرة " ليزلقونك " بضم الياء من أزلقه يزلقه .
والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان ، ولغتان مشهورتان في العرب متقاربتا المعنى ، والعرب تقول للذي يحلق الرأس : قد أزلقه وزلقه ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب .
وقوله : " لما سمعوا الذكر " يقول : لما سمعوا كتاب الله يتلى " ويقولون إنه لمجنون " يقول تعالى ذكره : يقول هؤلاء المشركون الذين وصف صفتهم إن محمداً لمجنون ، وهذا الذي جاءنا به من الهذيان الذي يهذي به في جنونه .
قوله تعالى:"وإن يكاد الذين كفروا" إن هي المخففة من الثقيلة. "ليزلقونك" أي يعثانوك. "بأبصارهم" أخبر بشدة عداوتهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأرادوا أن يصيبوه بالعين فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه. وقيل: كانت العين في بني أسد، حتى إن البقرة السمينة أو الناقة السمينة تمر بأحدكم فيعاينها ثم يقول: يا جارية، خذي المكتل والدرهم فأتينا بلحم هذه الناقة، فما تبرح حتى تقع للموت فتنحر. وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل شيئاً يومين أو ثلاثة، ثم يرفع جانب الخباء فتمر به الإبل أو الغنم فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه! فما تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة هالكة. فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب لهم النبي صلى الله عليه وسلم بالعين فأجابهم، فلما مر النبي صلى الله عليه وسلم أنشد:
قد كان قومك يحسبونك سيداً وإخال أنك سيد معيـون
فعصم الله نبيه صلى الله عليه وسلم ونزلت: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك". وذكر نحوه الماوردي وأن العرب كانت إذا أراد أحدهم أن يصيب أحداً - يعني في نفسه وماله - تجوع ثلاثة أيام، ثم يتعرض لنفسه وماله فيقول: تالله ما رأيت أقوى منه ولا أشجع ولا أكثر منه ولا أحسن، فيصيبه بعينه فيهلك هو وماله، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال القشيري: وفي هذا نظر، لأن الإصابة بالعين إنما تكون مع الاستحسان والإعجاب لا مع الكراهية والبغض، ولهذا قال: "ويقولون إنه لمجنون" أي ينسبونك إلى المجنون إذا رأوك تقرأ القرآن.
قلت: أقوال المفسرين واللغوين تدل على ما ذكرناه ، وأن مرادهم بالنظر إليه قتله. ولا يمنع كراهة الشيء من أن يصاب بالعين عداوة حتى يهلك. وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش وأبو وائل ومجاهد ليزهقونك أي ليهلكونك. وهذه قراءة على التفسير، من زهقت نفسه وأزهقها. وقرأ أهل المدينة ليزلقونك بفتح الياء. وضمها الباقون، وهما لغتان بمعنى، يقال: زلقه يزلقه وأزلقه يزلقه إزلاقاً إذا نحاه وأبعده. وزلق رأسه يزلقه زلقاً إذا حلقه. وكذلك أزلقه وزلقه تزليقاً. ورجل زلق وزملق - مثال هدبد - وزمالق وزملق - بتشديد الميم - وهو الذي ينزل قبل أن يجامع، حكاه الجوهري وغيره. فمعنى الكلمة إذاً التنحية والإزالة، وذلك لا يكون في حق النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهلاكه وموته. قال الهروي: أراد ليتعانونك بعيونهم فينزيلونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوةً لك. وقال ابن عباس: ينقذونك بأبصارهم، يقال: زلق السهم وزهق إذا نفذ، وهو قول مجاهد. أي ينفذونك من شدة نظرهم. وقال الكلبي: يصرعونك. وعنه أيضاً والسدي وسعيد بن جبير: يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.وقال العوفي: يرمونك. وقال المؤزج: يزيلونك. وقال النضر بن شميل والأخفش: يفتنونك. وقال عبد العزيز بن يحيى: ينظرون إليك نظراً شزراً بتحديق شديد. وقال ابن زيد: ليمسونك. وقال جعفر الصادق: ليأكلونك. وقال الحسن وابن كيسان: ليقتلونك. وهذا كما يقال: صرعني بطرفه، وقتلني بعينه. قال الشاعر:
تـرميك مـزلقة العيون بطـرفها وتكل عنك نصال نبل الـرامي
وقال آخر:
يتقـارضـون إذا التقوا في مجلس نظـراً يـزل مـواطئ الأقدام
وقيل: المعنى أنهم ينظرون إليك بالعداوة حتى كادوا يسقظونك. وهذا كله راجع إلى ما ذكرناه، وأن المعنى الجامع: يصيبونك بالعين. والله أعلم.
يقول تعالى: "فاصبر" يا محمد على أذى قومك لك وتكذيبهم, فإن الله سيحكم لك عليهم ويجعل العاقبة لك ولأتباعك في الدنيا والاخرة "ولا تكن كصاحب الحوت" يعني ذا النون وهو يونس بن متى عليه السلام حين ذهب مغاضباً على قومه, فكان من أمره ما كان من ركوبه في البحر والتقام الحوت له وشرود الحوت به في البحار وظلمات غمرات اليم, وسماعه تسبيح البحر بما فيه للعلي القدير الذي لا يرد ما أنفذه من التقدير فحينئذ نادى في الظلمات "أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" قال الله تعالى: "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" وقال تعالى: "فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون" وقال ههنا: "إذ نادى وهو مكظوم" قال ابن عباس ومجاهد والسدي : وهو مغموم, وقال عطاء الخراساني وأبو مالك : مكروب وقد قدمنا في الحديث أنه لما قال: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" خرجت الكلمة تحف حول العرش فقالت الملائكة: يا رب هذا صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة, فقال الله تبارك وتعالى: أما تعرفون هذا ؟ قالوا: لا, قال: هذا يونس, قالوا: يا رب عبدك الذي لا يزال يرفع له عمل صالح ودعوة مجابة ؟ قال: نعم, قالوا: أفلا ترحم ما كان يعمله في الرخاء فتنجيه من البلاء فأمر الله الحوت فألقاه بالعراء, ولهذا قال تعالى: "فاجتباه ربه فجعله من الصالحين".
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا وكيع , حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى" ورواه البخاري من حديث سفيان الثوري وهو في الصحيحين من حديث أبي هريرة , وقوله تعالى: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم" قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما "ليزلقونك" لينفذونك "بأبصارهم" أي يعينونك بأبصارهم بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم, وفي هذه الاية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل, كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.
(حديث أنس بن مالك رضي الله عنه) قال أبو داود : حدثنا سليمان بن داود العتكي , حدثنا شريك (ح) وحدثنا العباس العنبري , حدثنا يزيد بن هارون , أنبأنا شريك عن العباس بن ذريح عن الشعبي , قال العباس عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقأ" لم يذكر العباس العين, وهذا لفظ سليمان .
(حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه) قال أبو عبد الله بن ماجه : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير , حدثنا إسحاق بن سليمان عن أبي جعفر الرازي عن حصين عن الشعبي عن بريدة بن الحصيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رقية إلا من عين أو حمة" هكذا رواه ابن ماجه , وقد أخرجه مسلم في صحيحه عن سعيد بن منصور عن هشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عامر الشعبي عن بريدة موقوفاً وفيه قصة, وقد رواه شعبة عن حصين عن الشعبي عن بريدة قاله الترمذي . وروى هذا الحديث الإمام البخاري من حديث محمد بن فضيل وأبو داود من حديث مالك بن مغول والترمذي من حديث سفيان بن عيينة , ثلاثتهم عن حصين عن عامر الشعبي عن عمران بن حصين موقوفاً "لا رقية إلا من عين أو حمة".
(حديث أبي ذر جندب بن جنادة رضي الله عنه) قال الحافظ أبو يعلى الموصلي : حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة بن اليزيد السامي , حدثنا ديلم بن غزوان , حدثنا وهب بن أبي دنى عن أبي حرب عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العين لتولع الرجل بإذن الله فيتصاعد حالقاً ثم يتردى منه" إسناده غريب ولم يخرجوه.
(حديث حابس التميمي ) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد , حدثنا حرب حدثنا يحيى بن أبي كثير , حدثني حية بن حابس التميمي أن أباه أخبره أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا شيء في الهام والعين حق, وأصدق الطيرة الفأل" وقد رواه الترمذي عن عمرو بن علي عن أبي غسان يحيى بن أبي كثير عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير به ثم قال غريب. وقال: وروى سنان عن يحيى بن أبي كثير عن حية بن حابس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم, قلت: كذلك رواه الإمام أحمد عن حسن بن موسى , و حسين بن محمد عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن حية , حدثه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا بأس في الهام, والعين حق وأصدق الطيرة الفأل".
(حديث ابن عباس رضي الله عنه) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الله بن الوليد عن سفيان عن دريد , حدثني إسماعيل بن ثوبان عن جابر بن زيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق, العين حق تستنزل الحالق" غريب.
(طريق أخرى) قال مسلم في صحيحه حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي , أخبرنا مسلم بن إبراهيم , حدثنا وهيب عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا" انفرد به دون البخاري . وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعالى عليه وآله وسلم يعوذ الحسن والحسين يقول: "أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة, ومن كل عين لامة" ويقول هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام أخرجه البخاري وأهل السنن من حديث المنهال به.
(حديث أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه) قال ابن ماجه : حدثنا هشام بن عمار , حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف قال: " مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة, فما لبث أن لبط به فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له أدرك سهلاً صريعاً قال: من تتهمون به قالوا: عامر بن ربيعة قال: علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ثم دعا بماء فأمر عامراً أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره, وأمره أن يصب عليه " , قال سفيان قال معمر عن الزهري وأمر أن يكفأ الإناء من خلفه, وقد رواه النسائي من حديث سفيان بن عيينة ومالك بن أنس كلاهما عن الزهري به, ومن حديث سفيان بن عيينة به أيضاً عن معمر عن الزهري عن أبي أمامة ويكفأ الإناء من خلفه ومن حديث ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي أمامة أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه به, ومن حديث مالك أيضاً عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه به.
(حديث أبي سعيد الخدري ) قال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سعيد بن سليمان , حدثنا عباد عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذمن أعين الجان وأعين الإنس, فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سوى ذلك, ورواه الترمذي والنسائي من حديث سعيد بن إياس أبي مسعود الجريري به وقال الترمذي : حسن.
(حديث آخر عنه) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي حدثني عبد العزيز بن صهيب , حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد " أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اشتكيت يا محمد ؟ قال: نعم قال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك, ومن شر كل نفس وعين تشنيك والله يشفيك, باسم الله أرقيك". ورواه عن عفان عن عبد الوارث مثله, ورواه مسلم وأهل السنن إلا أبا داود من حديث عبد الوارث به.
وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا عفان , حدثنا وهيب حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد أو جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتكى فأتاه جبريل فقال: باسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك, من كل حاسد وعين والله يشفيك " . ورواه أيضاً عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن داود بن أبي نضرة عن أبي سعيد به قال أبو زرعة الرازي : روى عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه عن عبد العزيز عن أبي نضرة وعن عبدالعزيز عن أنس في معناه, وكلاهما صحيح.
(حديث أبي هريرة رضي الله عنه) قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن العين حق" أخرجاه من حديث عبد الرزاق . وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن الجريري عن مضارب بن حزن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق" تفرد به. ورواه أحمد عن إسماعيل بن علية عن سعيد الجريري به, وقال الإمام أحمد حدثنا ابن نمير حدثنا ثور يعني ابن يزيد عن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق ويحضرها الشيطان وحسد ابن آدم" وقال أحمد : حدثنا خلف بن الوليد حدثنا أبو معشر عن محمد بن قيس : سئل أبو هريرة هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطيرة في ثلاث: في المسكن والفرس والمرأة ؟ قال: قلت إذاً أقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل, ولكني " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أصدق الطيرة الفأل, والعين حق".
(حديث أسماء بنت عميس ) قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة الزرقي قال: " قالت أسماء يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال: نعم فلو كان شيء يسبق القدر لسبقته العين" وكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث سفيان بن عيينة به, ورواه الترمذي أيضاً و النسائي من حديث عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عروة بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد بن رفاعة عن أسماء بنت عميس به. وقال الترمذي : حسن صحيح.
(حديث عائشة رضي الله عنها) قال ابن ماجه : حدثنا علي بن أبي الخصيب حدثنا وكيع عن سفيان ومسعر , عن معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تسترقي من العين. ورواه البخاري عن محمد بن كثير عن سفيان عن معبد بن خالد به, وأخرجه مسلم من حديث سفيان ومسعر كلاهما عن معبد به, ثم قال ابن ماجه حدثنا محمد بن بشار , حدثنا أبو هشام المخزومي حدثنا وهيب عن أبي واقد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استعيذوا بالله فإن العين حق" تفرد به. وقال أبو داود : حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: كان يؤمر العائن فيتوضأ ويغسل منه المعين. قلت كذلك رواه أحمد عن حسن بن موسى وحسين بن محمد عن سنان أن ابن حسنة حدثه عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا الهام, والعين حق وأصدق الطيرة الفأل".
(حديث سهل بن حنيف ) قال الإمام أحمد : حدثنا حسين بن محمد . حدثنا أبو أويس . حدثنا الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف , أن أباه حدثه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وساروا معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة, اغتسل سهل بن حنيف, وكان رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد, فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة, فلبط سهل فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له: يا رسول الله هل لك في سهل! والله ما يرفع رأسه ولا يفيق, قال: هل تتهمون فيه من أحد ؟ قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال: علام يقتل أحدكم أخاه, هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت ؟ ـ ثم قال ـ اغتسل له فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح, ثم صب ذلك الماء عليه فصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه, ثم يكفأ القدح وراءه,ففعل ذلك فراح سهل مع الناس ليس به بأس " .
(حديث عامر بن ربيعة ) قال الإمام أحمد في مسنده: حدثنا وكيع , حدثنا أبي , حدثنا عبد الله بن عيسى عن أمية بن هند بن سهل بن حنيف عن عبيد الله بن عامر قال: انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل, قال فانطلقا يلتمسان الخمر. قال فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف فنظرت إليه فأصبته بعيني فنزل الماء يغتسل, قال فسمعت له في الماء فرقعة فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبني, " فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته, قال فجاء يمشي فخاض الماء فكأني أنظر إلى بياض ساقيه, قال فضرب صدره بيده ثم قال: اللهم اصرف عنه حرها وبردها ووصبها قال فقام, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبرك فإن العين حق".
(حديث جابر ) قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا محمد بن معمر , حدثنا أبو داود , حدثنا طالب بن حبيب بن عمرو بن سهل الأنصاري , ويقال له ابن الضجيع ضجيع حمزة رضي الله عنه, حدثني عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالأنفس" قال البزار يعني العين قال: ولا نعلم يروى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. قلت: بل قد روي من وجه آخر عن جابر . قال الحافظ أبو عبد الرحمن محمد بن المنذر الهروي المعروف بشكر في كتاب العجائب, وهو مشتمل على فوائد جليلة وغريبة: حدثنا الرمادي , حدثنا يعقوب بن محمد , حدثنا علي بن أبي علي الهاشمي , حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العين حق لتورد الرجل القبر والجمل القدر وإن أكثر هلاك أمتي في العين". ثم رواه عن شعيب بن أيوب عن معاوية بن هشام عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد تدخل الرجل العين في القبر وتدخل الجمل القدر". وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات ولم يخرجوه.
(حديث عبد الله بن عمرو ) قال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة , حدثنا رشدين بن سعد عن الحسن بن ثوبان عن هشام بن أبي رقية عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق" تفرد به أحمد .
(حديث عن علي ) روى الحافظ ابن عساكر من طريق خيثمة بن سليمان الحافظ , حدثنا عبيد بن محمد الكشوري , حدثنا عبد الله بن عبد الله بن عبد ربه البصري عن أبي رجاء عن شعبة , عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه " أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقه مغتماً فقال: يا محمد ما هذا الغم الذي أراه في وجهك: قال: "الحسن والحسين أصابتهما عين قال: صدق بالعين فإن العين حق أفلا عوذتهما بهؤلاء الكلمات ؟ قال : وما هن يا جبريل ؟ قال: قل اللهم ذا السلطان العظيم والمن القديم, ذا الوجه الكريم ولي الكلمات التامات والدعوات المستجابات, عاف الحسن والحسين من أنفس الجن وأعين الإنس, فقالها النبي صلى الله عليه وسلم, فقاما يلعبان بين يديه فقال النبي صلى الله عليه وسلم عوذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعويذ فإنه لم يتعوذ المتعوذون بمثله" قال الخطيب البغدادي : تفرد بروايته أبو رجاء محمد بن عبد الله الحنطي من أهل تستر, ذكره ابن عساكر في ترجمة طراد بن الحسين من تاريخه, وقوله تعالى: "ويقولون إنه لمجنون" أي يزدرونه بأعينهم ويؤذونه بألسنتهم ويقولون إنه لمجنون أي لمجيئه بالقرآن قال الله تعالى: "وما هو إلا ذكر للعالمين" آخر تفسير سورة ن ولله الحمد والمنة.
51- "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم" إن هي المخففة من الثقيلة. قرأ الجمهور "ليزلقونك" بضم الياء من أزلقه: أي أزل رجله، يقال أزلقه عن موضعه إذا نحاه، وقرأ نافع وأهل المدينة بفتحها من زلق عن موضعه: إذا تنحى. قال الهروي: أي فيغتالونك بعيونهم فيزلقونك عن مقامك الذي أقامك الله فيه عداوة لك، وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش ومجاهد وأبو وائل ليرهقونك أييهلكونك. وقال الكلبي يزلقونك أي يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة، وكذا قال السدي وسعيد بن جبير. وقال النضر بن شميل والأخفش: يفتنونك. وقال الحسن وابن كيسان: ليقتلونك. قال الزجاج في الآية مذهب أهل اللغة والتأويل أنهم من شدة إبغاضهم وعداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك، وهذا مستعمل في الكلام، يقول القائل نظر إلي نظراً يكاد يصرعني، ونظراً يكاد يأكلني. قال ابن قتيبة: ليس يريد الله أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء يكاد يسقطك، كما قال الشاعر:
يتعارضون إذا التقوا في مجلس نظراً يزيل مواطئ الأقدام
"لما سمعوا الذكر" أي وقت سماعهم للقرآن لكراهتهم لذلك أشد كراهة، ولما ظرفية منصوبة بيزلقونك، وقيل هي حرف، وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه أي لما سمعوا الذكر كادوا يزلقونك "ويقولون إنه لمجنون" أي ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن.
51- "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم"، وذلك أن الكفار أرادوا أن يصيبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين، فنظر إليه قوم من قريش وقالوا: ما رأينا مثله ولا مثل حججه.
وقيل: كانت العين في بني أسد حتى كانت الناقة والبقرة السمينة تمر بأحدهم فيعاينها ثم يقول: يا جارية خذي المكتل والدرهم فأتينا بشيء من لحم هذه فما تبرح حتى تقع بالموت، فتنحر.
وقال الكلبي: كان رجل من العرب يمكث لا يأكل يومين أو ثلاثاً، ثم يرفع جانب خبائه فتمر بها الإبل فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلاً حتى تسقط منها طائفة وعدة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعين ويفعل به مثل ذلك، فعصم الله نبيه وأنزل: "وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم"، أي ويكاد، ودخلت اللام في "ليزلقونك" لمكان / إن، وقرأ أهل المدينة: "ليزلقونك" بفتح الياء، والآخرون بضمها، وهما لغتان، يقال: زلقه يزلقه زلقاً وأزلقه يزلقه إزلاقاً.
قال ابن عباس: معناه: ينفذونك، ويقال: زلق السهم: إذا أنفذ.
قال السدي: يصيبونك بعيونهم. قال النضر بن شميل: يعينونك. وقيل: يزيلونك.
وقال الكلبي: يصرعونك. وقيل: يصرفونك عما أنت عليه من تبليغ الرسالة.
قال ابن قتيبة: ليس يريد أنهم يصيبونك بأعينهم كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه، وإنما أراد أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء، يكاد يسقطك.
وقال الزجاج: يعني من شدة عداوتهم يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك. وهذا مستعمل في كلام العرب يقول القائل: نظر إلي نظراً يكاد يصرعني، ونظراً يكاد يأكلني. يدل على صحة هذا المعنى: أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهو قوله: "لما سمعوا الذكر"، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية فيحدون إليه النظر بالبغضاء، "ويقولون إنه لمجنون"، أي ينسبونه إلى الجنون إذا سمعوه يقرأ القرآن.
51-" وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم " " إن " هي المخففة واللام دليلها والمعنى : إنهم لشدة عداوتهم ينظرون إليك شزراً بحيث يكادون يزلون قدمك ، أو يهلكونك من قولهم نظر إلي نظراً يكاد يصرعني ، أي لو أمكنه بنظره الصرع لفعله ، أو أنهم يكادون يصيبونك بالعين . إذ روي أنه كان في بني أسد عيانون ، فإراد بعضهم أن يعين رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت .وفي الحديث " إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر " ولعله يكون من خصائص بعض النفوس .وقرأ نافع " ليزلقونك" من زلقته فزلق كحزنته فحزن وقرئ ليزهقونك أي ليهلكونك ." لما سمعوا الذكر " أي القرآن أي ينبعث عند سماعه بغضهم وحسدهم ."ويقولون إنه لمجنون " حيرة في أمره وتنفيراً عنه .
51. And lo! those who disbelieve would fain disconcert thee with their eyes when they bear the Reminder, and they say: Lo! he is indeed mad;
51 - And the Unbelievers would almost trip thee up with their eyes when they hear the Message; and they say: Surely he is possessed!