[الصف : 8] يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ
8 - (يريدون ليطفئوا) منصوب بأن مقدرة واللام مزيدة (نور الله) شرعه وبراهينه (بأفواههم) بأقوالهم أنه سحر وشعر وكهانة (والله متم) مظهر (نوره) وفي قراءة بالإضافة (ولو كره الكافرون) ذلك
يقول تعالى ذكره : يريد هؤلاء القائلون لمحمد صلى الله عليه وسلم : هذا ساحر مبين " ليطفئوا نور الله بأفواههم " يقول : يريدون ليبطلوا الحق الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم بأفواههم يعني بقولهم إنه ساحر ، وما جاء به سحر ، " والله متم نوره " يقول : الله معلن الحق ، ومظهر دينه ، وناصر محمداً عليه الصلاة والسلام على من عاداه ، فذلك إتمام نوره ، وعني بالنور في هذا الموضع الإسلام .
وكان ابن زيد يقول : عني به القرآن .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " ليطفئوا نور الله بأفواههم " قال : نور القرآن .
واختلفت القراء في قراءة قوله تعالى " والله متم نوره " فقرأته عامة قراء المدينة والبصرة وبعض الكوفيين ( متم نوره ) بالنصب ، وقرأه قراء مكة وعامة قراء الكوفة " متم " بغير تنوين نوره خفضاً وهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب عندنا .
وقوله " ولو كره الكافرون " يقول : والله مظهر دينه ، وناصر رسوله ، ولو كره الكافرون بالله .
قوله تعالى :" يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم " الإطفاء هو الإخماد ، يستعملان في النار ، ويستعملان فيما يجري مجراها من الضياء والظهور .ويفترق الإطفاء والإخماد من وجه ، وهو أن الإطفاء يستعمل في القليل والكثير ، والإخماد إنما يستعمل في الكثير دون القليل ، فيقال :أطفأت السراج ، ولا يقال أخمدت السراج .وفي نور الله هنا خمسة أقاويل :أحدها - أنه القرآن ، يريدون إبطاله وتكذيبه بالقول ، قاله ابن عباس وابن زيد . والثاني - أنه الإسلام ، يريدون دفعه بالكلام ، قاله السدي .الثالث - أنه محمد صلى الله عليه وسلم ، يريدون هلاكه بالأراجيف ، قاله الضحاك . الرابع - حجج الله ودلائله ، يريدون إبطالها بإنكارهم وتكذيبهم ، قاله ابن بحر .الخامس - أنه مثل مضروب ،أي من أراد إطفاء نور الشمس بفيه فوجده مستحيلا ممتنعا فكذلك من أراد إبطال الحق ، حكاه ابن عيسى . وسبب نزول هذه الآية ما حكاه عطاء عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطأ عبه الوحي أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف : يا معشر يهود ، أبشروا ! فقد أطفأ الله نور محمد فيما كان ينزل عليه ، وما كان ليتم أمره ، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية واتصل الوحي تعدها ، حكى جميعه الماوردي رحمه الله . " والله متم نوره " أي بإظهاره في الآفاق .وقرأ ابن كثير وحمزة و الكسائي وحفص عن عاصم "والله متم نوره " بالإضافة على نية الانفصال كقوله تعالى : "كل نفس ذائقة الموت " [آل عمران : 185 ] .الباقون " متم نوره " لأنه فيما يستقبل ، فعمل . "ولو كره الكافرون " من سائر الأصناف .
يقول تعالى: "ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام" أي: لا أحد أظلم ممن يفتري الكذب على الله ويجعل له أنداداً وشركاء وهو يدعى إلى التوحيد والإخلاص, ولهذا قال تعالى: "والله لا يهدي القوم الظالمين" ثم قال تعالى: "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم" أي يحاولون أن يردوا الحق بالباطل, ومثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفىء شعاع الشمس بفيه, وكما أن هذا مستحيل كذاك ذلك مستحيل, ولهذا قال تعالى: "والله متم نوره ولو كره الكافرون * هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون" وقد تقدم الكلام على هاتين الايتين في سورة براءة بما فيه كفاية, ولله الحمد والمنة.
8- "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم" الإطفاء: الإخماد، وأصله في النار، واستعير لما يجري مجراها من الظهرو. والمراد بنور الله القرآن: أي يريدون إبطاله وتكذيبه بالقول، أو الإسلام، أو محمد صلى الله عليه وسلم، أو الحجج والدلائل، أو جميع ما ذكر، ومعنى بأفواههم: بأقوالهم الخارجة من أفواههم المتضمنة للطعن "والله متم نوره" بإظهاره في الآفاق وإعلائه على غيره. قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم "متم نوره" بالإضافة والباقون بتنوين متم "ولو كره الكافرون" ذلك فإنه كائن لا محالة، والجملة في محل نصب على الحال. قال ابن عطية: واللام في ليطفئوا لام مؤكدة دخلت على المفعول، لأن التقدير: يريدون أن يطفئوا، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم، كقولك: لزيد ضربت، ولرؤيتك قصدت، وقيل هي لام العلة، والمفعول محذوف:أي يريدون إبطال القرآن أو دفع الإسلام أو هلاك الرسول ليطفئوا، وقيل إنها بمعنى أن الناصبة وأنها ناصبة بنفسها. قال الفراء: العرب تجعل لام كي في موضع أن في أراد وأمر، وإليه ذهب الكسائي، ومثل هذا قوله: "يريد الله ليبين لكم".
8- "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون".
8-" يريدون ليطفئوا " أي يريدون أن يطفئوا ، واللام مزيدة لما فيها من معنى الإرادة تأكيداً لها كما زيدت لما فيها من معنى الإضافة تأكيداً لها في لا أبا لك ، أو " يريدون " الافتراء " ليطفئوا " . " نور الله " يعني دينه أو كتابه أو حجته . " بأفواههم " بطعنهم فيه . " والله متم نوره " مبلغ غايته بنشره وإعلائه ، وقرأ ابن كثير و حمزة و الكسائي و حفص بالإضافة . " ولو كره الكافرون " إرغاماً لهم .
8. Fain would they put out the light of Allah with their mouths, but Allah will perfect His light however much the disbelievers are averse.
8 - Their intention is to extinguish God's Light (by blowing) with their mouths: but God will complete (the revelation of) His Light, even though the Unbelievers may detest (it).