[الممتحنة : 5] رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
5 - (ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) أي لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا أي تذهب عقولهم بنا (واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم) في ملكك وصنعك
يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل إبراهيم خليله والذين معه ، يا ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا بك فجحدوا وحدانيتك ، وعبدوا غيرك ، بأن تسلطهم علينا ، فيروا أنهم على حق ، وأنا على باطل ، فتجعلنا بذلك فتنة لهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال ثنا الحسين ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله " لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " قال لا تعذبنا بأيديهم ، ولا بعذاب من عندك ، فيقولوا : لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله " ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " قال : يقول : لا تظهرهم علينا فيفتتنوا بذلك ، يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق هم عليه .
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي عن ابن عباس ، قوله " لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " يقول : لا تسلطهم علينا فيفتنونا .
وقوله : " واغفر لنا ربنا " يقول : واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا ربنا " إنك أنت العزيز الحكيم " يعني الشديد الانتقام ممن انتقم منه ، الحكيم : يقول الحكيم في تدبيره خلقه ، وصرفه إياهم فيما فيه صلاحهم .
" ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا " أي لا تظهر علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتتنوا بذلك ، وقيل : لا تسلطهم علينا فيفتنونا ويعذبونا ، " واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم " .
يقول تعالى لعباده المؤمنين الذين أمرهم بمصارمة الكافرين وعداوتهم ومجانبتهم والتبري منهم: "قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه" أي وأتباعه الذين آمنوا معه " إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم " أي تبرأنا منكم "ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم" أي بدينكم وطريقكم " وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا " يعني وقد شرعت العداوة والبغضاء من الان بيننا وبينكم, مادمتم على كفركم فنحن أبداً نتبرأ منكم ونبغضكم "حتى تؤمنوا بالله وحده" أي إلى أن توحدوا الله فتعبدوه وحده لا شريك له وتخلعوا ما تعبدون معه من الأوثان والأنداد. وقوله تعالى: "إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك" أي لكم في إبراهيم وقومه أسوة حسنة تتأسون بها إلا في استغفار إبراهيم لأبيه, فإنه إنما كان عن موعدة وعدها إياه, فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه, وذلك أن بعض المؤمنين كانوا يدعون لابائهم الذين ماتوا على الشرك ويستغفرون لهم ويقولون إن إبراهيم كان يستغفر لأبيه, فأنزل الله عز وجل " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم * وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ".
وقال تعالى في هذه الاية: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء " أي ليس لكم في ذلك أسوة أي في الاستغفار للمشركين هكذا قال ابن عباس ومجاهد وقتادة ومقاتل بن حيان والضحاك وغير واحد.
ثم قال تعالى مخبراً عن قول إبراهيم والذين معه حين فارقوا قومهم وتبرءوا منهم, فلجأوا إلى الله وتضرعوا إليه فقالوا "ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير" أي توكلنا عليك في جميع الأمور وسلمنا أمورنا إليك وفوضناها إليك وإليك المصير أي المعاد في الدار الاخرة "ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا" قال مجاهد: معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولوا: لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا, وكذا قال الضحاك, وقال قتادة: لا تظهرهم علينا فيفتنونا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحق هم عليه, واختاره ابن جرير, وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: لا تسلطهم علينا فيفتنونا.
وقوله تعالى: "واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم" أي واستر ذنوبنا عن غيرك واعف عنها فيما بيننا وبينك "إنك أنت العزيز" أي الذي لا يضام من لاذ بجنابك "الحكيم" في أقوالك وأفعالك وشرعك وقدرك ثم قال تعالى: " لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر " وهذا تأكيد لما تقدم ومستثنى منه ما تقدم أيضاً لأن هذه الأسوة المثبتة ههنا هي الأولى بعينها, وقوله تعالى: " لمن كان يرجو الله واليوم الآخر " تهييج إلى ذلك لكل مؤمن بالله والمعاد, وقوله تعالى: "ومن يتول" أي عما أمر الله به "فإن الله هو الغني الحميد" كقوله تعالى: "إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الغني الذي قد كمل في غناه وهو الله, هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شيء سبحان الله الواحد القهار الحميد المستحمد إلى خلقه أي هو المحمود في جميع أقواله وأفعاله لا إله غيره ولا رب سواه.
5- "ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا" قال الزجاج: لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على حق فيفتنوا بذلك. وقال مجاهد: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك، فيقولوا لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا "واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز" أي الغالب الذي لا يغالب "الحكيم" ذو الحكمة البالغة.
5- "ربنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا"، قال الزجاج: لا تظهرهم علينا فيظنوا أنهم على الحق فيفتنوا وقال مجاهد: لا تعذبنا بأيديهم ولا بعذاب من عندك فيقولون: لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم ذلك "واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم".
5-" ربنا لا تجعلنا فتنةً للذين كفروا " بأن تسلطهم علينا فيفتنونا بعذاب لا نتحمله . " واغفر لنا " ما فرط منا " ربنا إنك أنت العزيز الحكيم " ومن كان كذلك كان حقيقاً بأن يجير المتوكل ويجيب الداعي .
5. Our Lord! Make us not a prey for those who disbelieve, and forgive us, our Lord! Lo! Thou, only Thou, art the Mighty, the Wise.
5 - Our Lord! Make us not a (test and) trial for the Unbelievers, but forgive us, our Lord! for thou art the Exalted in Might, the Wise.