[الأنعام : 7] وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
7 - (ولو نزلنا عليك كتابا) مكتوبا (في قرطاس) رق كما اقترحوه (فلمسوه بأيديهم) أبلغ من عاينوه لأنه أنفى للشك (لقال الذين كفروا إن) ما (هذا إلا سحر مبين) تعنتا وعنادا
قال أبو جعفر: وهذا إخبار من الله تعالى ذكره نبنه محمدا صلى الله عليه وسلم، عن هؤلاء القوم الذين يعدلون بربهم الأوثان والآلهة والأصنام. يقول تعالى ذكره: وكيف يتفقهون الآيات، أم كيف يستدلون على بطلان ما هم عليه مقيمون من الكفر بالله وجحود نبوتك، بحجج الله وآياته وأدلته، وهم لعنادهم الحق وبعدهم من الرشد، لو أنزلت عليك يا محمد، الوحي الذي أنزلته عليك مع رسولي، في قرطاس يعاينونه ويمسونه بأيديهم، وينظرون إليه ويقرأونه منه، معلقاً بين السماء والأرض، بحقيقة ما تدعوهم إليه، وصحة ما تأتيهم به من توحيدي وتنزيلي، لقال الذين يعدلون بي غيري فيشركون في توحيدي سواي: "إن هذا إلا سحر مبين"، أي: ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرت به أعيننا، ليست له حقيقة ولا صحة، "مبين"، يقول: مبين لمن تدبره وتأمله أنه سحر لا حقيقة له.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى ذكره: "كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، قال: فمسوه ونظروا إليه، لم يصدقوا به.
حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، يقول: فعاينوا معاينة، "لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين".
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أب ، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم"، يقول: لو نزلنا من السماء صحفاً فيها كتاب فلمسوه بأيديهم، لزادهم ذلك تكذيباً. حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي: "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس"، الصحف.
حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "في قرطاس"، يقول: في صحيفة، "فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين".
قوله تعالى : " ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس" الآية المعنى : ولو نزلنا يا محمد بمرأى منهم كما زعموا وطلبوا كلاماً مكتوباً في قرطاس وعن ابن عباس: كتاباً معلقاً بين السماء والأرض وهذا يبين لك أن التنزيل على وجهين ، أحدهما - على معنى نزل عليك الكتاب بمعنى نزول الملك به والآخر ولو نزلنا كتاباً في قرطاس يمسكه الله بين السماء والأرض وقال نزلنا على المبالغة بطول مكث الكتاب بين السماء والأرض والكتاب مصدر بمعنى الكتابة فبين أن الكتابة في قرطاس لأنه غير معقول كتابة إلا في قرطاس أي في صحيفة والقرطاس الصحيفة ويقال: قرطاس بالضم، وقرطس فلان إذا رمى فأصاب الصحفية الملزقة بالهدف " فلمسوه بأيديهم " أي فعاينوا ذلك ومسوه باليد كما اقترحوا وبالغوا في ميزة وتقليبه جساً بأيديهم ليرتفع كل آرتياب ويزول عنهم كل إشكال لعاندوا فيه وتابعوا كفرهم وقالوا: سحر مبين إنما سكرت أبصارنا وسحرنا وهذه الآية جواب لقولهم " حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه " [الإسراء: 93] أعلم الله بما سبق في علمه من أنه لو نزل لكذبوا به، قال الكلبي: نزلت في النضر بن الحرث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد قالوا: " لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا" [ الإسراء: 90] الآية
يقول تعالى مخبراً عن المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق, ومباهتتهم ومنازعتهم فيه, "ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم" أي عاينوه ورأوا نزوله, وباشروا ذلك, "لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" وهذا كما قال تعالى مخبراً عن مكابرتهم للمحسوسات " ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون * لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون " وكقوله تعالى: "وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم" "وقالوا لولا أنزل عليه ملك" أي ليكون معه نذيراً, قال الله تعالى: "ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون" أي لو نزلت الملائكة على ما هم عليه, لجاءهم من الله العذاب, كما قال الله تعالى: "ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذاً منظرين" وقوله "يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين" الاية. وقوله تعالى: "ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولو أنزلنا مع الرسول البشري ملكاً, أي لو بعثنا إلى البشر رسولاً ملكياً, لكان على هيئة الرجل ليمكنهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه, ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر, كما هم يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشري, كقوله تعالى: "قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً" فمن رحمته تعالى بخلقه, أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق رسلاً منهم, ليدعو بعضهم بعضاً, وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض, في المخاطبة والسؤال, كما قال تعالى: " لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم " الاية, قال الضحاك عن ابن عباس في الاية يقول: لو أتاهم ملك, ما أتاهم إلا في صورة رجل, لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور, "وللبسنا عليهم ما يلبسون" أي ولخلطنا عليهم ما يخلطون, وقال الوالبي عنه: ولشبهنا عليهم. وقوله " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " هذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قومه, ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة, في الدنيا والاخرة, ثم قال تعالى: "قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين" أي فكروا في أنفسكم, وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية, الذين كذبوا رسله, وعاندوهم, من العذاب والنكال والعقوبة في الدنيا, مع ما ادخر لهم من العذاب الأليم, في الاخرة, وكيف نجى رسله وعباده المؤمنين.
قوله: 7- "ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" في هذه الجملة بيان شدة صلابتهم في الكفر، وأنهم لا يؤمنون ولو أنزل الله على رسوله كتاباً مكتوباً في قرطاس بمرأى منهم ومشاهدة "فلمسوه بأيديهم" حتى يجتمع لهم إدراك الحاستين: حاسة البصر، وحاسة اللمس "لقال الذين كفروا" منهم "إن هذا إلا سحر مبين" ولم يعملوا بما شاهدوا ولمسوا، وإذا كان هذا حالهم في المرئي المحسوس، فكيف فيما هو مجرد وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة ملك لا يرونه ولا يحسونه؟ والكتاب مصدر بمعنى الكتابة، والقرطاس: الصحيفة.
7- قوله عز وجل : " ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس " الآية، قال الكلبي و مقابل : نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أبي أمية ونوفل بن خويلد، قالوا: يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله، فأنزل الله عز وجل: " ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس "مكتوباً من عندي، " فلمسوه بأيديهم "، أي: عاينوه ومسوه بأيديهم وذكر اللمس ولم يذكر المعاينة لأن اللمس أبلغ في إيقاع العلم من [ الرؤية] فإن السحر يجري على المرئي ولا يجري على الملموس، " لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين "، معناه: لا ينفع معهم شيء لما سبق فيهم من علمي .
7- " ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس " مكتوباً في ورق. " فلمسوه بأيديهم " فمسوه، وتخصيص اللمس لأن التزوير لا يقع فيه فلا يمكنهم أن يقولوا إنما سكرت أبصارنا، ولأنه يتقدمه الإبصار حيث لا مانع، وتقييده بالأيدي لدفع التجوز فإنه قد يتجوز به للفحص كقوله: " وأنا لمسنا السماء " " لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين " تعنتاً وعناداً .
7. Had we sent down unto thee (Muhammad) (actual) writing upon parchment, so that they could feel it with their hands, those who disbelieve would have said: This is naught else than mere magic.
7 - If we had sent unto thee written (message) on parchment, so that they could touch it with their hands, the unbelievers would have been sure to say: this is nothing but obvious magic