[الأنعام : 47] قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ
47 - (قل) لهم (أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) ليلا أو نهارا (هل يهلك إلا القوم الظالمون) الكافرون أي ما يهلك إلا هم
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل ، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأوثان ، المكذبين بأنك لي رسول إليهم : أخبروني ، "إن أتاكم عذاب الله"، وعقابه على ما تشركون به ما تشركون من الأوثان والأنداد، وتكذيبكم إياي بعد الذي - قد عاينتم من البرهان على حقيقة قولي ، "بغتة"، يقول : فجأة على غرة لا تشعرون ، "أو جهرة"، يقول : أو أتاكم عذاب الله وأنتم تعاينونه وتنظرون إليه ، "هل يهلك إلا القوم الظالمون"، يقول : هل يهلك الله منا ومنكم إلا من كان يعبد غير من يستحق علينا العبادة، ويترك عبادة من يستحق علينا العبادة؟
وقد بينا معنى الجهرة في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته ، وأنها من الإجهار، وهو إظهار الشيء للعين ، كما:
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: جهرة، قال : وهم ينظرون .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة"، فجأة آمنين ، "أو جهرة"، وهم ينظرون.
قوله تعالى:" قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة " الحسن: بغتة ليلاً أو جهرة نهاراً وقيل: بغتة فجأة وقال الكسائي: يقال بغتهم الأمر يبغتهم بغتاً وبغتة إذا أتاهم فجأة وقد تقدم " هل يهلك إلا القوم الظالمون " نظيره" فهل يهلك إلا القوم الفاسقون " [الأحقاف : 35] أي هل يهلك إلا أنتم لشرككم، والظلم هنا بمعنى الشرك كما قال لقمان لابنه:" يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " [لقمان: 13]
يقول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المكذبين المعاندين "أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم" أي سلبكم إياها كما أعطاكموها. كما قال تعالى: "هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار" الاية, ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما, الانتفاع الشرعي, ولهذا قال "وختم على قلوبكم" كما قال " أمن يملك السمع والأبصار " وقال "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه" وقوله "من إله غير الله يأتيكم به" أي هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم, إذا سلبه الله منكم لا يقدر على ذلك أحد سواه, ولهذا قال " انظر كيف نصرف الآيات " أي نبينها ونوضحها ونفسرها, دالة على أنه لا إله إلا الله, وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال, "ثم هم يصدفون" أي ثم هم مع هذا البيان, يصدفون أي يعرضون عن الحق, ويصدون الناس عن اتباعه, قال العوفي عن ابن عباس: يصدفون أي يعدلون, وقال مجاهد وقتادة: يعرضون, وقال السدي: يصدون. وقوله تعالى: "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة" أي وأنتم لا تشعرون به, حتى بغتكم وفجأكم, "أو جهرة" أي ظاهراً عياناً, "هل يهلك إلا القوم الظالمون" أي إنما كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله, وينجوا الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له, فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون, كقوله "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم" الاية, وقوله "وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين" أي مبشرين عباد الله المؤمنين بالخيرات, ومنذرين من كفر بالله النقمات والعقوبات, ولهذا قال "فمن آمن وأصلح" أي فمن آمن قلبه بما جاؤوا به, وأصلح عمله باتباعه إياهم, "فلا خوف عليهم" أي بالنسبة لما يستقبلونه "ولا هم يحزنون " أي بالنسبة إلى ما فاتهم وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدنيا وصنيعها, الله وليهم فيما خلفوه, وحافظهم فيما تركوه, ثم قال "والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون" أي ينالهم العذاب, بما كفروا بما جاءت به الرسل, وخرجوا عن أوامر الله وطاعته, وارتكبوا من مناهيه ومحارمه وانتهاك حرماته .
قوله: 47- "قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله" أي أخبروني عن ذلك، وقد تقدم تفسير البغتة قريباً أنها الفجأة. قال الكسائي: بغتهم يبغتهم بغتاً وبغتة: إذا أتاهم فجأة: أي من دون تقديم مقدمات تدل على العذاب، والجهرة أن يأتي العذاب بعد ظهور مقدمات تدل عليه، وقيل البغتة: إتيان العذاب ليلاً، والجهرة: إتيان العذاب نهاراً كما في قوله تعالى: "بياتاً أو نهاراً". "هل يهلك إلا القوم الظالمون" الاستفهام للتقرير: أي ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا القوم الظالمون. وقرئ يهلك على البناء للفاعل. قال الزجاج: معناه هل يهلك إلا أنتم ومن أشبهكم؟ انتهى.
47- " قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة "، فجأة، " أو جهرةً "، معاينة ترونه عند نزوله ، قال ابن عباس و والحسن : ليلاً أو نهاراً،" هل يهلك إلا القوم الظالمون " المشركون.
47 " قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتةً" من غير مقدمة . " أو جهرةً " بتقدمة أمارة تؤذن بحلوله . وقيل ليلاً أو نهاراً . وقرئ " بغتة أو جهرة " . " هل يهلك " أي ما يهلك به هلاك سخط وتعذيب . " إلا القوم الظالمون " ولذلك صح الاستثناء المفرغ منه ، وقرئ " يهلك " بفتح الياء .
47. Say: Can ye see yourselves, if the punishment of Allah come upon you unawares or openly? Would any perish save wrongdoing folk?
47 - Say: think ye, if the punishment of God comes to you, whether suddenly or openly, will any be destroyed except those who do wrong?