[الأنعام : 18] وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
18 - (وهو القاهر) القادر الذي لا يعجزه شيء مستعليا (فوق عباده وهو الحكيم) في خلقه (الخبير) ببواطنهم كظواهرهم
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله : "وهو" نفسه ، يقول : والله الظاهر فوق عباده ، ويعني بقوله : "القاهر"، المذلل المستعبد خلقه ، العالي عليهم . وإنما قال : فوق عباده ، لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم . ومن صفة كل قاهر شيئا، أن يكون مستعلياً عليه .
فمعنى الكلام إذاً : والله الغالب عباده المذللهم ، العالي عليهم بتذليله لهم ، وخلقه إياهم ، فهو فوقهم بقهره إياهم ، وهم دونه ، "وهو الحكيم"، يقول : والله الحكيم في علوه على عباده ، وقهره إياهم بقدرته ، وفي سائر تدبيره ، "الخبير"، بمصالح الأشياء ومضارها، الذي لا يخفى عليه عواقب الأمور وبواديها، ولا يقع في تدبيره خلل ، ولا يدخل حكمه دخل.
قوله تعالى :" وهو القاهر فوق عباده " القهر الغلبة ، والقاهر الغالب ، وأقهر الرجل إذا صير بحال المقهور الذليل قال الشاعر:
تمنى حصين أن يسود جذاعه فأمسى حصين قد أذل وأقهرا
وقهر غلب. ومعنى "فوق عباده" فوقية الاستعلاء القهر الغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقيه مكان كما تقول : السلطان فوق رعيته أي بالمنزلة والرفعة، وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة وهو منع غيره عن بلوغ المراد " وهو الحكيم " في أمره "الخبير" بأعمال عباده أي من اتصف بهذه الصفات يجب إلا يشترك به .
يقول تعالى مخبراً: أنه مالك الضر والنفع, وأنه المتصرف في خلقه بما يشاء, لا معقب لحكمه, ولا راد لقضائه, "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير" كقوله تعالى: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده" الاية, وفي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول "اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد" ولهذا قال تعالى "وهو القاهر فوق عباده" أي وهو الذي خضعت له الرقاب, وذلت له الجبابرة, وعنت له الوجوه, وقهر كل شيء, ودانت له الخلائق, وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه, وعظمته وعلوه, وقدرته على الأشياء, واستكانت وتضاءلت بين يديه, وتحت قهره وحكمه, "وهو الحكيم" أي في جميع أفعاله "الخبير" بمواضع الأشياء ومحالها, فلا يعطي إلا من يستحق, ولا يمنح إلا من يستحق, ثم قال "قل أي شيء أكبر شهادة" أي من أعظم الأشياء شهادة "قل الله شهيد بيني وبينكم" أي هو العالم بما جئتكم به, وما أنتم قائلون لي, " وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ " أي وهو نذير لكل من بلغه, كقوله تعالى: "ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده" قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا وكيع وأبو أسامة, وأبو خالد, عن موسى بن عبيدة, عن محمد بن كعب, في قوله: "ومن بلغ" من بلغه القرآن, فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم, زاد أبو خالد وكلمه, ورواه ابن جرير من طريق أبي معشر: عن محمد بن كعب, قال: من بلغه القرآن, فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم, وقال عبد الرزاق: عن معمر عن قتادة, في قوله تعالى: "لأنذركم به ومن بلغ" إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بلغوا عن الله فمن بلغته آية من كتاب الله, فقد بلغه أمر الله " وقال الربيع بن أنس: حق على من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم, أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن ينذر بالذي أنذر, وقوله " أإنكم لتشهدون " أيها المشركون "أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد" كقوله "فإن شهدوا فلا تشهد معهم" "قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون" ثم قال تعالى مخبراً عن أهل الكتاب: أنهم يعرفون هذا الذي جئتهم به, كما يعرفون أبناءهم بما عندهم من الأخبار والأنباء, عن المرسلين المتقدمين والأنبياء, فإن الرسل كلهم بشروا بوجود محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته, وبلده ومهاجره وصفة أمته, ولهذا قال بعده "الذين خسروا أنفسهم" أي خسروا كل الخسارة "فهم لا يؤمنون" بهذا الأمر الجلي الظاهر الذي بشرت به الأنبياء ونوهت به في قديم الزمان وحديثه ثم قال "ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته" أي لا أظلم ممن تقول على الله, فادعى أن الله أرسله, ولم يكن أرسله, ثم لا أظلم ممن كذب بآيات الله, وحججه وبراهينه ودلالاته, "إنه لا يفلح الظالمون" أي لا يفلح هذا ولا هذا, لا المفتري ولا المكذب .
قوله: 18- "وهو القاهر فوق عباده" القهر: الغلبة، والقاهر: الغالب، وأقهر الرجل: إذا صار مقهوراً ذليلاً، ومنه قول الشاعر:
تمنى حصين أن يسود خزاعة فأمسى حصين قد أذل وأقهرا
ومعنى: "فوق عباده" فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، لا فوقية المكان كما تقول: السلطان فوق رعيته: أي بالمنزلة والرفعة. وفي القهر معنى زائد ليس في القدرة، وهو منع غيره عن بلوغ المراد "وهو الحكيم" في أمره "الخبير" بأفعال عباده.
18- " وهو القاهر فوق عباده "، القاهر الغالب، وفي القهر زيادة معنى على القدرة وهي منع غيره عن بلوغ المراد، وقيل: هو المنفرد بالتدبير الذي يجبر الخلق على مراده، فوق عباده هو صفة الاستعلاء الذي تفرد به الله عز وجل. " وهو الحكيم "، في أمره " الخبير"، بأعمال عباده .

18- " وهو القاهر فوق عباده " تصوير لقهره وعلوه بالغلبة والقدرة. " وهو الحكيم " في أمره وتدبيره." الخبير " بالعباد وخفايا أحوالهم .
18. He is the Omnipotent over His slaves, and He is the Wise, the Knower.
18 - He is the irresistible, (watching) from above over his worshippers; and he is the wise, acquainted with all things.