[الأنعام : 120] وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُواْ يَقْتَرِفُونَ
120 - (وذروا) اتركوا (ظاهر الإثم وباطنه) علانيته وسره والإثم قيل الزنا ، وقيل كل معصية (إن الذين يكسبون الإثم سيجزون) في الآخرة (بما كانوا يقترفون) يكتسبون
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره : ودعوا ، أيها الناس ، علانية الإثم ، وذلك ظاهره ، وسره ، وذلك باطنه ، كذلك :
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، أي : قليله وكثيره ، وسره وعلانيته .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، قال : سره وعلانيته .
حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس في قوله : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، يقول : سره وعلانيته ، وقوله : "ما ظهر منها وما بطن"، [الأعراف : 33]، قال : سره وعلانيته .
حدثني المثنى قال ، حدثنا إسحاق قال ، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه ، عن الربيع ابن أنس في قوله : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، قال : نهى الله عن ظاهر الإثم وباطنه ، أن يعمل به سراً أو علانية ، وذلك ظاهره وباطنه .
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ،عن مجاهد : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، معصية الله في السر والعلانية .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد: "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، قال : هو ما ينوي مما هو عامل.
ثم اختلف أهل التأويل في المعني بالظاهر من الإثم والباطن منه ، في هذا الموضع.
فقال بعضهم : الظاهر منه ، ما حرم جل ثناؤه بقوله : "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، [النساء : 22]، وقوله : "حرمت عليكم أمهاتكم" الآية، [النساء : 23]، والباطن منه ، الزنا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى قال ، حدثنا الحجاج قال ، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير في قوله : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، قال : الظاهر منه : "ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف"، [النساء : 22] والأمهات والبنات والأخوات ، والباطن ، الزنا.
وقال آخرون : الظاهر ، أولات الرايات من الزواني ، و الباطن ، ذوات الأخدان .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه" أما ظاهره ، فالزواني في الحوانيت ، وأما باطنه ، فالصديقة يتخذها الرجل فيأتيها سراً .
حدثت عن الحسين بن الفرج قال ، سمعت أبا معاذ قال ، حدثني عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، [الأنعام : 51]. كان أهل الجاهلية يستسرون بالزنا، ويرون ذلك حلالاً ما كان سراً. فحرم الله السر منه والعلانية، ما ظهر منها، يعني العلانية، وما بطن ، يعني : السر.
حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن أبي مكين وأبيه ، عن خصيف ، عن مجاهد: "لا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن"، [الأنعام : 51]، قال : (ما ظهرمنها)، الجمع بين الأختين ، وتزويج الرجل امرأة أبيه من بعده ، (وما بطن )، الزنا .
وقال آخرون : الظاهر ، التعري والتجرد من الثياب ، وما يستر العورة في الطواف ، والباطن ، الزنا .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : "ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن" [الأنعام : 151]، قال : ظاهره العرية التي كانوا يعملون بها حين يطوفون بالبيت ، وباطنه الزنا.
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال : إن الله تعالى ذكره تقدم إلى خلقه بترك ظاهر الإثم وباطنه ، وذلك سره وعلانيته . والإثم كل ما عصي الله به من محارمه ، وقد يدخل في ذلك سر الزنا وعلانيه ، ومعاهرة أهل الرايات وأولات الأخدان منهن ، ونكاح حلائل الآباء والأمهات والبنات ، والطواف بالبيت عرياناً، وكل معصية لته ظهرت أو بطنت . وإذ كان ذلك كذلك ، وكان جميع ذلك إثماً، وكان الله عم بقوله : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه"، جميع ما ظهر من الإثم وجميع ما بطن ، لم يكن لأحد أن يخص من ذلك شيئاً دون شيء ، إلا بحجة للعذر قاطعة.
غير أنه لو جاز أن يوجه ذلك إلى الخصوص بغير برهان ، كان توجيهه إلى أنه .عني بظاهر الإثم وباطنه في هذا الموضع ، ما حرم الله من المطاعم والمآكل من الميتة والدم ، وما بين الله تحريمه في قوله : "حرمت عليكم الميتة" [المائدة : 3]، إلى آخر الآية أولى، إذ كان ابتداء الآيات قبلها بذكر تحريم ذلك جرى، وهذه في سياقها. ولكنه غير مستنكر أن يكون عني بها ذلك ، وأدخل فيها الأمر باجتناب كل ما جانسه من معاصي الله ، فخرج الأمر عاماً بالنهي عن كل ما ظهر أو بطن من الإثم .
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره : إن الذين يعملون بما نهاهم الله عنه ،ويركبون معاصي الله ، ويأتون ما حرم الله ، "سيجزون"، يقول : سيثيبهم الله يوم القيامة بما كانوا في الدنيا يعملون من معاصيه.
قوله تعالى: "وذروا ظاهر الإثم وباطنه" للعلماء فيه أقوال كثيرة. وحاصلها راجع إلى أن الظاهر ما كان عملاً بالبدن مما نهى الله عنه، وباطنه ما عقد بالقلب من مخالفة أمر الله فيما أمر ونهى- وهي المرتبة لا يبلغها إلا من اتقى وأحسن، كما قال: "ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا" [المائدة: 93] وهي المرتبة الثالثة حسب ما تقدم بيانه في المائدة. وقيل: هو ما كان عليه الجاهلية من الزنا الظاهر واتخاذ الحلائل في الباطن. وما قدمنا جامع لكل إثم وموجب لكل أمر.
قال مجاهد "وذروا ظاهر الإثم وباطنه" المعصية في السر والعلانية, وفي رواية عنه, هو ما ينوي مما هو عامل, وقال قتادة "وذروا ظاهر الإثم وباطنه" أي سره وعلانيته قليلة وكثيرة, وقال السدي: ظاهره الزنا مع البغايا ذوات الرايات, وباطنه الزنا مع الخليلة والصدائق والأخدان, وقال عكرمة: ظاهره نكاح ذوات المحارم, والصحيح أن الاية عامة في ذلك كله, وهي كقوله تعالى: "قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن" الاية, ولهذا قال تعالى: "إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون" أي سواء كان ظاهراً أو خفياً, فإن الله سيجزيهم عليه, قال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة, حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, عن معاوية بن صالح, عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه, عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإثم, فقال "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه".
120- "وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون" ثم أمرهم الله أن يتركوا ظاهر الإثم وباطنه. والظاهر: ما كان يظهر كأفعال الجوارح، والباطن: ما كان لا يظهر كأفعال القلب، وقيل: ما أعلنتم وما أسررتم: وقيل: الزنا الظاهر والزنا المكتوم. وأضاف الظاهر والباطن إلى الإثم لأنه يتسبب عنهما، ثم توعد الكاسبين للإثم بالجزاء بسبب افترائهم على الله سبحانه.
وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: جاءت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: إنا نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله فأنزل الله: "فكلوا مما ذكر اسم الله عليه" إلى قوله: "وإن أطعتموهم إنكم لمشركون". وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير "فكلوا مما ذكر اسم الله عليه" فإنه حلال "إن كنتم بآياته" يعني القرآن "مؤمنين" قال: مصدقين: " وما لكم أن لا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه " يعني الذبائح "وقد فصل لكم ما حرم عليكم" يعني ما حرم عليكم من الميتة "وإن كثيراً" يعني من مشركي العرب "ليضلون بأهوائهم بغير علم" يعني في أمر الذبائح. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله: "إلا ما اضطررتم إليه" أي من الميتة والدم ولحم الخنزير. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس "وذروا ظاهر الإثم" قال: هو نكاح الأمهات والبنات "وباطنه" قال: هو الزنا. وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: الظاهر منه "لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء" و "حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم" الآية، والباطن: الزنا. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: علانيته وسره.
120- " وذروا ظاهر الإثم وباطنه "،يعني: الذنوب كلها لأنها لا تخلو من هذين الوجهين، قال قتادة : علانيته وسره،وقال مجاهد : ظاهر الإثم ما يعمله بالجوارح من الذنوب، وباطنه ما ينويه ويقصده بقلبه كالمصر على الذنب القاصد له.
وقال الكلبي : ظاهرة الزنا وباطنه المخالة، وأكثر المفسرين على أن ظاهر الإثم الإعلان بالزنا، وهم أصحاب الروايات، وباطنه الاستسرار به، وذلك أن العرب كانوا يحبون الزنا فكان الشريف منهم يتشرف، فيسر به، وغير الشريف فلا يبالي به فيظهره، فحرمهما الله عز وجل، وقال سعيد بن جبير : ظاهر الإثم نكاح المحارم وباطنه الزنا .
وقال ابن زيد : ظاهر الإثم التجرد من الثياب والتعري في[الطواف]والباطن الزنا، وروى حبان عن الكلبي : ظاهر الإثم طواف الرجال بالبيت نهاراً عراة، وباطنه طواف النساء بالليل عراة، " إن الذين يكسبون الإثم سيجزون "، في الآخرة، " بما كانوا يقترفون "،[يكتسبون في الدنيا].

120 " وذروا ظاهر الإثم وباطنه " ما يعلن وما يسر ، أو ما بالجوارح وما بالقلب ، وقيل الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان . " إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون " يكتسبون .
120. Forsake the outwardness of sin and the inwardness thereof. Lo! those who garner sin will be awarded that which they have earned.
120 - Eschew all sin, open or secret: those who earn sin will get due recompense for their earnings.