[الواقعة : 53] فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ
53 - (فمالئون منها) من الشجر (البطون)
وقوله " فمالئون منها البطون " يقول : فمالئون من الشجر الزقوم بطونهم .
واختلف أهل العربية في وجه تأنيث الشجر في قوله " فمالئون منها البطون " : أي من الشجر " فشاربون عليه " لأن الشجر تؤنث وتذكر وأنث لأنه حمله على الشجرة لأن الشجرة قد تدل على الجميع فتقول العرب : نبتت قبلنا شجرة مرة وبقلة رديئة وهم يعنون الجميع وقال بعض نحويي الكوفة " لآكلون من شجر من زقوم " وفي قراءة عبد الله " لآكلون من شجر من زقوم " على واحده فمعنى شجر وشجرة واحد لأنك إذا قلت أخذت من الشاء فإن نويت واحدة أو أكثر من ذلك فهو جائز ثم قال " فمالئون منها البطون " يريد من الشجرة ولو قال : فمالئون منه إذا لم يذكر الشجر كان صواباً يذهب إلى الشجر في منه ويؤنث الشجر فيكون منها كناية عن الشجر والشجر يؤنث ويذكر مثل التمر يؤنث ويذكر .
" فمالئون منها البطون " أي من الشجرة ، لأن المقصود منالشجر شجرة . ويجوز أن تكون (( من )) الأولى زائدة ، ويجوز أن يكون المفعول محذوفا كأنه قال : " لآكلون من شجر من زقوم " طعاما . وقوله : " من زقوم " صفة لشجر ، والصفة إذا قدرت الجار زائدا نصبت على المعنى ، أو جررت على اللفظ ، فإن قدرت المفعول محذوفا لم تكن الصفة إلا في موضع جر .
لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمين عطف عليهم بذكر أصحاب الشمال فقال: "وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال" أي أي شيء هم فيه أصحاب الشمال ؟ ثم فسر ذلك فقال: "في سموم" وهو الهواء الحار "وحميم" وهو الماء الحار "وظل من يحموم" قال ابن عباس: ظل الدخان, وكذا قال مجاهد وعكرمة وأبو صالح وقتادة والسدي وغيرهم, وهذه كقوله تعالى:" انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب * لا ظليل ولا يغني من اللهب * إنها ترمي بشرر كالقصر * كأنه جمالة صفر * ويل يومئذ للمكذبين " ولهذا قال ههنا: "وظل من يحموم" وهو الدخان الأسود "لا بارد ولا كريم" أي ليس طيب الهبوب ولا حسن المنظر كما قال الحسن وقتادة "ولا كريم" أي ولا كريم المنظر, قال الضحاك: كل شراب ليس بعذب فليس بكريم.
وقال ابن جرير: العرب تتبع هذه اللفظة في النفي فيقولون: هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم, هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم. وهذه الدار ليست بنظيفة ولا كريمة. وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة به نحوه, ثم ذكر تعالى استحقاقهم لذلك فقال تعالى: "إنهم كانوا قبل ذلك مترفين" أي كانوا في الدار الدنيا منعمين مقبلين على لذات أنفسهم لا يلوون ما جاءتهم به الرسل "وكانوا يصرون" أي يقيمون ولا ينوون توبة "على الحنث العظيم" وهو الكفر بالله وجعل الأوثان والأنداد أرباباً من دون الله. قال ابن عباس الحنث العظيم: الشرك. وكذا قال مجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. وقال الشعبي: هو اليمين الغموس " وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون " يعني أنهم يقولون ذلك مكذبين به مستبعدين لوقوعه, قال الله تعالى: " قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " أي أخبرهم يا محمد أن الأولين والاخرين من بني آدم سيجمعون إلى عرصات القيامة لا يغادر منهم أحداً, كما قال تعالى: "ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود * وما نؤخره إلا لأجل معدود * يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد" ولهذا قال ههنا: "لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم" أي هو موقت بوقت محدود, لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص.
" ثم إنكم أيها الضالون المكذبون *لآكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون " وذلك أنهم يقبضون ويسجرون حتى يأكلوا من شجر الزقوم حتى يملأوا منها بطونهم, "فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم" وهي الإبل العطاش, واحدها أهيم والأنثى هيماء, ويقال: هائم وهائمة, قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة: الهيم, الإبل العطاش الظماء, وعن عكرمة أنه قال: الهيم الإبل المراض تمص الماء مصاً ولا تروى. وقال السدي: الهيم داء يأخذ الإبل فلا تروى أبداً حتى تموت, فكذلك أهل جهنم لا يروون من الحميم أبداً. وعن خالد بن معدان أنه كان يكره أن يشرب شرب الهيم غبة واحدة من غير أن يتنفس ثلاثاً, ثم قال تعالى: "هذا نزلهم يوم الدين" أي هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم, كما قال تعالى في حق المؤمنين: "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً" أي ضيافة وكرامة.
53- "فمالئون منها البطون" أي مالئومن من شجر الزقوم بطونكم لما يلحقكم من شدة الجوع.
53- "فمالئون منها البطون".
53-" فمالئون منها البطون " من شدة الجوع .
53. And will fill your bellies therewith;
53 - Then will ye fill your insides therewith,