[الرحمن : 48] ذَوَاتَا أَفْنَانٍ
48 - (ذواتا) تثنية ذوات على الأصل ولامها ياء (أفنان) أغصان جمع فنن كطلل
وقوله " ذواتا أفنان " يقول : ذواتا ألوان واحدها فن وهو من قولهم افتن فلان في حديثه : إذا أخذ في فنون منه وضروب .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من ذلك :
حدثني الحسين بن يزيد الطحان قال : ثنا عبد السلام بن حرب عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله " ذواتا أفنان " قال : ذواتا ألوان .
حدثنا الفضل بن إسحاق قال : ثنا أبو قتيبة قال : ثنا عبد الله بن النعمان عن عكرمة " ذواتا أفنان " قال: ظل الأغصان على الحيطان قال : وقال الشاعر :
ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما
‌تدعو أبا فرخين صادف ضارياً ذا مخلبين من الصقور قطاما
حدثنا ابن حميد قال : مهران عن سفيان عن مجاهد " ذواتا أفنان " قال : ذواتا ألوان .
قال : ثنا مهران عن ابي سنان " ذواتا أفنان " قال : ذواتا ألوان .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " ذواتا أفنان " يقول : ألوان من الفاكهة .
وقال آخرون : ذواتا أغصان .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن رجل من أهل البصرة عن مجاهد " ذواتا أفنان " قال : ذواتا أغصان .
وقال آخرون : معنى ذلك : ذواتا أطراف أغصان الشجر .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " ذواتا أفنان " يقول : فيما بين أطراف شجرها يعني : يمس بعضها بعضاً كالمعروشات ويقا لذواتا فصول عن كل شيء .
وقال آخرون بل عني بذلك فضلهما وسعتهما على ما سواهما .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " ذواتا أفنان " يعني : فضلهما على ما سواهما .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " ذواتا أفنان " قال : ذواتا فضل على ما سواهما .
قوله تعالى " ذواتا أفنان " قال ابن عباس وغيره : أي ذواتا ألوان من الفاكهة الواحد فن . وقال مجاهد الأفنان الأغصان واحدها فنن ، قال النابغة :
بكاء حمامة تدعو هديلا مفجعة على فنن تغني
وقال آخر يصف طائرين :
باتا على غصن بان في ذرى فنن يرددان لحونا ذات ألوان
أراد باللحون اللغات . وقال آخر :
ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما
تدعو أبا فرخين صادف ضاريا ذا مخلبين من الصقور قطاما
والفنن جمعه أفنان ثم الأفانين وقال يصف رحى :
لها زمام من أفانين الشجر
وشجرة فناء أي ذات أفنان وفنواء أيضا غير قياس وفي الحديث : "أن أهل الجنة مرد مكحلون أولو أفانين " يردي أولو فنن وهو جمع أفنان وأفنان جمع فنن وهو الخصلة من الشعر شبه بالغصن ذكره الهروي وقيل "ذواتا أفنان " أي ذواتا سعة وفضل على ما سواهما قاله قتادة وعن مجاهد أيضا وعكرمة إن الأفنان ظل الأغصان على الحيطان .
قال ابن شوذب وعطاء الخراساني: نزلت هذه الاية "ولمن خاف مقام ربه جنتان" في أبي بكر الصديق, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا محمد بن مصفي, حدثنا بقية عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس في قوله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" نزلت في الذي قال: أحرقوني بالنار لعلي أضل الله قال تاب يوماً وليلة, بعد أن تكلم بهذا فقبل الله منه وأدخله الجنة, والصحيح أن هذه الاية عامة كما قاله ابن عباس وغيره يقول الله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه" بين يدي الله عز وجل يوم القيامة "ونهى النفس عن الهوى" ولم يطغ ولا آثر الحياة الدنيا, وعلم أن الاخرة خير وأبقى فأدى فرائض الله واجتنب محارمه, فله يوم القيامة عند ربه جنتان, كما قال البخاري رحمه الله: حدثنا عبد الله بن أبي الأسود, حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي, حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس, عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما, وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما, وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن" وأخرجه بقية الجماعة إلا أبا داود من حديث عبد العزيز به, وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه قال حماد: لا أعلمه إلا قد رفعه في قوله تعالى: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" وفي قوله: "ومن دونهما جنتان" جنتان من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأصحاب اليمين.
وقال ابن جرير: حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المقري, حدثنا ابن أبي مريم, أخبرنا محمد بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار أخبرني أبو الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوماً هذه الاية "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت: وإن زنى وإن سرق ؟ فقال: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت: وإن زنى وإن سرق فقال: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" فقلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ فقال: "وإن رغم أنف أبي الدرداء" ورواه النسائي من حديث محمد بن أبي حرملة به, ورواه النسائي أيضاً عن مؤمل بن هشام عن إسماعيل عن الجريري, عن موسى عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبي الدرداء به, وقد روي موقوفا ًعلى أبي الدرداء, وروي عنه أنه قال: إن من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق. وهذه الاية عامة في الإنس والجن, فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا, ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال: "ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان" ثم نعت هاتين الجنتين فقال: "ذواتا أفنان" أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة " فبأي آلاء ربكما تكذبان " هكذا قال عطاء الخراساني وجماعة أن الأفنان أغصان الشجر يمس بعضها بعضاً, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عمرو بن علي, حدثنا مسلم بن قتيبة, حدثنا عبد الله بن النعمان, سمعت عكرمة يقول: "ذواتا أفنان" يقول: ظل الأغصان على الحيطان, ألم تسمع قول الشاعر:
ما هاج شوقك من هديل حمامة تدعو على فنن الغصون حماما
تدعو أبا فرخين صادف طاويــاً ذا مخلبين مـــن الصقور قطاما
وحكى البغوي عن مجاهد وعكرمة والضحاك والكلبي, أنه الغصن المستقيم, قال: وحدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا عبد السلام بن حرب, حدثنا عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ذواتا أفنان ذواتا ألوان, قال: وروي عن سعيد بن جبير والحسن والسدي وخصيف والنضر بن عربي وابن سنان مثل ذلك, ومعنى هذا القول أن فيهما فنوناً من الملاذ, واختاره ابن جرير, وقال عطاء: كل غصن يجمع فنوناً من الفاكهة, وقال الربيع بن أنس "ذواتا أفنان" واسعتا الفنان وكل هذه الأقوال صحيحة ولا منافاة بينها, والله أعلم, وقال قتادة: ذواتا أفنان يعني بسعتها وفضلها ومزيتها على ما سواها, وقال محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر سدرة المنتهى, فقال: "يسير في ظل الفنن منها الراكب مائة سنة ـ أو قال يستظل في ظل الفنن منها مائة راكب ـ فيها فراش الذهب كأن ثمرها القلال". ورواه الترمذي من حديث يونس بن بكير به.
وقال حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه, قال حماد: ولا أعلمه إلا قد رفعه في قوله: "ولمن خاف مقام ربه جنتان" وفي قوله: "ومن دونهما جنتان" قال: جنتان من ذهب للمقربين, وجنتان من ورق لأصحاب اليمين. "فيهما عينان تجريان" أي تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان فتثمر من جميع الألوان " فبأي آلاء ربكما تكذبان " قال الحسن البصري: إحداهما يقال لها تسنيم, والأخرى السلسبيل. وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن, والأخرى من خمر لذة للشاربين, ولهذا قال بعد هذا: "فيهما من كل فاكهة زوجان" أي من جميع أنواع الثمار مما يعلمون وخير مما يعلمون, ومما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "فبأي آلاء ربكما تكذبان". قال إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس, ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل, وقال ابن عباس: ليس في الدنيا مما في الاخرة إلا الأسماء يعني أن بين ذلك بوناً عظيماً وفرقاً بيناً في التفاضل.
48- "ذواتا أفنان" هذه صفة للجنتان، وما بينهما اعتراض، والأفنان الأغصان، واحدها فنن وهو الغصن المستقيم طولا، وبهذا قال مجاهد وعكرمة وعطية وغيرهم. وقال الزجاج: الأفنان الألوان واحدها فن، وهو الضرب من كل شيء، وبه قال عطاء وسعيد بن جبير، وجمع عطاء بين القولين، فقال في كل غصن فنون من الفاكهة، ومن إطلاق الفنن على الغصن قول النابغة:
دعاء حمامة تدعو هديلا مفجعة على فنن تغني
وقول الآخر:
ما هاج شوقك من هدير حمامة تدعو على فنن الغصون حماما
وقيل معنى "ذواتا أفنان" ذواتا فضل وسعة على ما سواهما، قاله قتادة، وقيل الأفنان: ظل الأغصان على الحيطان، روي هذا عن مجاهد وعكرمة.
48. " ذواتا أفنان "، أغصان، واحدها فنن، وهو الغصن المستقيم طولاً. وهذا قول مجاهد و عكرمة و الكلبي . وقال عكرمة : ظل الأغصان على الحيطان. قال الحسن : ذواتا ظلال. قال ابن عباس: ألوان. قال سعيد بن جبير و الضحاك : ألوان الفاكهة، واحدها فن من قولهم أفنن فلان في حديثه إذا أخذ في فنون منه وضروب. وجمع عطاء بين القولين فقال: في كل غصن فنون من الفاكهة. وقال قتادة : ذواتا فضل وسعة على ما سواهما
48-" ذواتا أفنان " أنواع الأشجار والثمار جمع فن، أو أغصان جمع فنن وهي الغصنة التي تتشعب من فرع الشجرة ، وتخصيصها بالذكر لأنها التي تورق وتثمر وتمد الظل .
48. Of spreading branches.
48 - Containing all kinds (of trees and delights);