[القمر : 7] خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ
7 - (خشعا) أي ذليلا وفي قراءة بضم الخاء وفتح الشين مشددة (أبصارهم) حال من الفاعل (يخرجون) أي الناس (من الأجداث) القبور (كأنهم جراد منتشر) لا يدرون أين يذهبون من الخوف والحيرة والجملة حال من فاعل يخرجون وكذا قوله
" خشعاً أبصارهم " يقول : ذليلة أبصارهم خاشعة لا ضرر بها " يخرجون من الأجداث " وهي جمع جدث وهي القبور وإنما وصف جل ثناؤه بالخشوع الأبصار دون سائر أجسامهم والمراد به جميع أجسامهم لأن أثر ذلة كل ذليل وعزة كل عزيز تتبين في ناظريه دون سائر جسده فلذلك خص الأبصار بوصفها بالخشوع .
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله " خشعاً أبصارهم " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله "خشعا أبصارهم" : أي ذليلة أبصارهم .
واختلفت القراء في قوله "خشعا أبصارهم " فقرأ ذلك عامة قراء المدينة وبعض المكيين والكوفيين " خشعاً " بضم الخاء وتشديد الشين بمعنى خاشع وقرأه عامة قراء الكوفة وبعض البصريين " خشعا أبصارهم " بالألف على التوحيد اعبتاراً بقراءة عبد الله وذلك أن ذلك في قراءة عبد الله " خاشعة أبصارهم " وألحقوه وهو لفظ الاسم في التوحيد إذ كان صفة بحكم فعل ويفعل في التوحيد إذا تقدم الأسماء كما قال الشاعر :
وشباب حسن أوجهم من أياد بن نزار بن معد
فوحد حسناً وهو صفة للأوجه وهي جمع وكما قال الآخر :
يرمي الفجاج بها الركبان معترضاً أعناق بزلها مرخى لها الجدل
فوحد معترضاً وهي من صفة الأعناق والجمع والتأنيث فيه جائزان على ما بينا .
وقوله " كأنهم جراد منتشر " يقول تعالى ذكره : يخرجون من قبورهم كأنهم في انتشارهم وسعيهم إلى موقف الحساب جراد منتشر .
" خشعا أبصارهم " الخشوع في البصر الخضوع والذلة وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان قال الله تعالى " أبصارها خاشعة " وقال تعالى " خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي " ويقال خشع واختشع إذا ذل . وخشع ببصره أي غضه وقرأ حمزة والكسائي و أبو عمر خاشعا بالألف ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد نحو خاشعا أبصارهم والتأنيث نحو "خاشعة أبصارهم" ويجوز الجمع نحو خشعا أبصارهم قال :
وشباب حسن أوجههم من إياد بن نزار بن معد
وخشعا جمع خاشع والنصب فيه على الحال من الهاء والميم في عنهم فيقبح الوقف على هذا التقدير على عنهم ويجوز أن يكون حالا من المضمر في يخرجون فيوقف على عنهم وقرئ خشع أبصارهم على الابتداء والخبر ومحل الجملة النصب على الحال كقوله :
وجدته حاضراه الجود والكرم
" يخرجون من الأجداث " أي القبور واحدها جدث " كأنهم جراد منتشر * مهطعين إلى الداع " وقال في موضع آخر : " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " فهما صفتان في وقتين مختلفين أحدهما عند الخروج من القبور يخرجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون فيدخل بعضهم في بعض فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضه في بعض لا جهة له يقصدها الثاني ـ فإذا سمعوال المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر لأن الجراد له جهة يقصدها ومهطعين معناه مسرعين قاله أبو عبيدة ومنه قوله الشاعر :
بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع
الضحاك : مقبلين قتادة عامدين . ابن عباس ناظرين . عكرمة فاتحين آذانهم إلى الصوت والمعنى متقارب يقال هطع الرجل يهطع هطوعا إذا أقبل على الشيء ببصره لا يقلع عنه وأهطع إذا مد عنقه وصوب رأسه قال الشاعر:
تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع
وبعير مهطع في عنقه تصويب خلقة وأهطع في عدوه أي أسرع " يقول الكافرون هذا يوم عسر " يعني يوم القيامة لما ينالهم فيه من الشدة .
يقول تعالى: فتول يا محمد عن هؤلاء الذين إذا رأوا آية يعرضون ويقولون هذا سحر مستمر, أعرض عنهم وانتظرهم "يوم يدع الداع إلى شيء نكر" أي إلى شيء منكر فظيع, وهو موقف الحساب وما فيه من البلاء بل والزلازل والأهوال, "خشعاً أبصارهم" أي ذليلة أبصارهم "يخرجون من الأجداث" وهي القبور "كأنهم جراد منتشر" أي كأنهم في انتشارهم وسرعة سيرهم إلى موقف الحساب إجابة للداعي جراد منتشر في الافاق, ولهذا قال: "مهطعين" أي مسرعين " الداعي " لا يخالفون ولا يتأخرون "يقول الكافرون هذا يوم عسر" أي يوم شديد الهول عبوس قمطرير " فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير يسير ".
أو بقوله: 7- "خشعاً" وسقطت الواو من يدع اتباعاً للفظ، وقد وقعت في الرسم هكذا وحذفت الياء من الداع للتخفيف واكتفاء بالكسرة، والداع هو إسرافيل، والشيء النكر: الأمر الفظيع الذي ينكرونه استعظاماً له لعدم تقدم العهد لهم بمثله. قرأ الجمهور بضم الكاف. وقرأ ابن كثير بسكونها تخفيفاً. وقرأ مجاهد وقتادة بكسر الكاف وفتح الراء على صيغة الفعل المجهول "خشعاً أبصارهم" قرأ الجمهور "خشعاً" جمع خاشع. وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو "خاشعاً" على الإفراد، ومنه قول الشاعر:
وشباب حسن أوجههم من إياد بن نزار بن معد
وقرأ ابن مسعود خاشعة قال الفراء: الصفة إذا تقدمت على الجماعة جاز فيها التذكير والتأنيث والجمع: يعني جمع التكسير لا جمع السلامة، لأنه يكون من الجمع بين فاعلين، ومثل قراءة الجمهور قول امرئ القيس:
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجلد
وانتصاب خشعاً على الحال من فاعل يخرجون، أو من الضمير في عنهم، والخشوع في البصر الخضوع والذلة، وأضاف الخضوع والذلة، وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن العز والذل يتبين فيها "يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر" أي يخرجون من القبور، وواحد الأجداث جدث وهو القبر، كأنهم لكثرتهم واختلاط بعضهم ببعض جراد منتشر: أي منبث في الأقطار مختلط بعضه ببعض.
7. " خشعاً أبصارهم "، قرأ أبو عمرو، و يعقوب ، و حمزة ، و الكسائي : ((خاشعاً)) على الواحد، وقرأ الآخرون: ((خشعاً)) -بضم الخاء وتشديد الشين- على الجمع. ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد والجمع ةالتذكير والتأنيث، تقول: مررت برجال حسن أوججهم، وحسنة أوجههم، وحسان أوجههم، قال الشاعر:
ورجال حسن أوجههم من إياد بن نزار بن معد
وفي قراءة عبد الله: ((خاشعة أبصارهم))، أي: ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب.
" يخرجون من الأجداث "، من القبور، " كأنهم جراد منتشر "، منبث حيارى، وذكر المنتشر على لفظ الجراد، نظيرها، " كالفراش المبثوث "، (القارعة-4) وأراد أنهم يخرجون فزعين لا جهة لأحد منهم يقصدها، كالجراد لا جهة لها، تكون مختلطة بعضها في بعض.
7-" خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث " أي يخرجون من قبورهم خاشعاً ذليلاً أبصارهم من الهول ،وإفراده وتذكيره لأن فاعله ظاهر غير حقيقي التأنيث ، وقرئ خاشعة على الأصل ، وقرأ ابن كثير و نافع و ابن عامر و عاصم " خشعاً " ،وإنما حسن ذلك ولم يحسن مررت برجال قائمين غلمانهم لأنه ليس على صيغة تشبه الفعل ، وقرئ خشع أبصارهم على الابتداء والخبر فتكون الجملة حالاً . " كأنهم جراد منتشر " في الكثرة والتموج والانتشار في الأمكنة .
7. With downcast eyes, they come forth from the graves as they were locusts spread abroad,
7 - They will come forth, their eyes humbled from (their) graves, (torpid) like locusts scattered abroad,