[القمر : 35] نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَرَ
35 - (نعمة) مصدر أي إنعاما (من عندنا كذلك) مثل ذلك الجزاء (نجزي من شكر) انعمنا وهو مؤمن أو من آمن بالله ورسوله وأطاع الله ورسوله
وقوله " كذلك نجزي من شكر " يقول : وكما أثبنا لوطاً وآله وأنعمنا عليه فأنجيناهم من عذابنا بطاعتهم إيانا كذلك نثيب من شكرنا على نعمتنا عليه فأطاعنا وانتهى إلى أمرنا ونهينا من جميع خلقنا وأجرى قوله بسحر لأنه نكره وإذا قالوا : فعلت هذا سحر بغير باء لم يجروه .
"نعمة من عندنا " إنعاما منا على لوط وابنتيه ، فهو نصب لأنه مفعول به " كذلك نجزي من شكر " أي من آمن بالله وأطاعه " ولقد أنذرهم " يعني لوطا خوفهم " بطشتنا " عقوبتنا وأخذنا إياهم بالعذاب "فتماروا بالنذر " أي شكوا فيما أنذرهم به الرسول ولم يصدقوه ، وهو تفاعل من المرية .
يقول تعالى مخبراً عن قوم لوط كيف كذبوا رسولهم وخالفوه, وارتكبوا المكروه من إتيان الذكور وهي الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين, ولهذا أهلكهم الله هلاكاً لم يهلكه أمة من الأمم, فإنه تعالى أمر جبريل عليه السلام فحمل مدائنهم حتى وصل بها إلى عنان السماء, ثم قلبها عليهم وأرسلها وأتبعت بحجارة من سجيل منضود, ولهذا قال ههنا: "إنا أرسلنا عليهم حاصباً" وهي الحجارة "إلا آل لوط نجيناهم بسحر" أي خرجوا من آخر الليل فنجوا مما أصاب قومهم, ولم يؤمن بلوط من قومه أحد ولا رجل واحد, حتى ولا امرأته أصابها ما أصاب قومها, وخرج نبي الله لوط وبنات له من بين أظهرهم سالماً لم يمسسه سوء, ولهذا قال تعالى: "كذلك نجزي من شكر * ولقد أنذرهم بطشتنا" أي ولقد كان قبل حلول العذاب بهم قد أنذرهم بأس الله وعذابه فما التفتوا إلى ذلك ولا أصغوا إليه بل شكوا فيه وتماروا به.
"ولقد راودوه عن ضيفه" وذلك ليلة ورد عليه الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل في صور شباب مرد حسان محنة من الله بهم, فأضافهم لوط عليه السلام, وبعثت امرأته العجوز السوء إلى قومها فأعلمتهم بأضياف لوط, فأقبلوا يهرعون إليه من كل مكان, فأغلق لوط دونهم الباب, فجعلوا يحاولون كسر الباب, وذلك عشية ولوط عليه السلام يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ويقول لهم: "هؤلاء بناتي" يعني نساءهم " إن كنتم فاعلين " " قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " أي ليس لنا فيهن أرب "وإنك لتعلم ما نريد" فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول, خرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب أعينهم بطرف جناحه, فانطمست أعينهم, يقال إنها غارت من وجوههم, وقيل إنه لم تبق لهم عيون بالكلية, فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان, ويتوعدون لوطاً عليه السلام إلى الصباح. قال الله تعالى: "ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر" أي لا محيد لهم عنه ولا انفكاك لهم منه "فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر".
وانتصاب 35- "نعمة من عندنا" على العلة، أو على المصدرية: أي إنعاماً منا على لوط ومن تبعه "كذلك نجزي من شكر" أي مثل ذلك الجزاء نجزي من شكر نعمتنا ولم يكفرها.
35. " نعمةً من عندنا "، أي: جعلناه نعمة منا عليهم حيث أنجيناهم، " كذلك "، كما أنعمنا على آل لوط، " نجزي من شكر "، قال مقاتل : من وحد الله لم يعذبه مع المشركين.
35-" نعمةً من عندنا " إنعاماً منا وهو علة لنجينا " كذلك نجزي من شكر " نعمتنا بالإيمان والطاعة .
35. As grace from Us. Thus We reward him who giveth thanks.
35 - As a Grace from Us: thus do We reward those who give thanks.