[القمر : 14] تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ
14 - (تجري بأعيننا) بمرأى منا أي محفوظة (جزاء) منصوب بفعل مقدر أي أغرقوا انتصارا (لمن كان كفر) وهو نوح عليه السلام وقرىء كفر بالبناء للفاعل أي أغرقوا عقابا لهم
وقوله "تجري بأعيننا " يقول جل ثناؤه : تجري السفينة التي جملنا نوحاً فيها بمرأى منا ومنظر .
وذكر عن سفيان في تأويل ذلك ما :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان في قوله "تجري بأعيننا " يقول : بأمرنا " جزاء لمن كان كفر " .
اختلف أهل التأويل في تأويله فقال بعضهم : تأويله فلعنا ذلك ثواباً لمن كفر فيه بمعنى : كفر بالله فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " جزاء لمن كان كفر " قال : كفر بالله .
وحدثني الحارث قال : ثنا الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " جزاء لمن كان كفر " قال : لمن كان كفر فيه .
ووجه آخرون معنى " من " إلى معنى " ما " في هذا الموضع وقالوا : معنى الكلام : جزاء لما كان كفر من أيادي الله ونعمه عند الذين أهلكهم وغرقهم من قوم نوح .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " جزاء لمن كان كفر " قال : لمن كان كفر نعم الله وكفر بأياديه وآلائه ورسله وكتبه فإن ذلك جزاء له .
والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد وهو أن معناه : ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيوناً فغرقنا قوم نوح ألوهته ووحدانيته قوم نوح فقال بعضهم لبعض : " لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً " ( نوح 23 ) ومن ذهب به إلى هذا التأويل كانت من الله كأنه قيل : عوقبوا لله ولكفرهم به ولو وجه موجه إلى أنها مراد بها نوح والمؤمنون به كان مذهباً فيكون معنى الكلام حينئذ فعلنا ذلك جزاء لنوح ولمن كان معه في الفلك كأنه قيل : غرقناهم لنوح ولصنيعهم بنوح ما صنعوا من كفرهم به .
"تجري بأعيننا " أي بمرأى منا . وقيل بأمرنا وقيل بحفظ منا وكلاءة وقد مضى في هود . ومنه قول الناس للمودع عين الله عليك ، أي حفظه وكلاءته وقيل بوحينا وقيل : أي بالأعين النابعة من الأرض . وقيل بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها وكل ما خلق الله تعالى يمكن أن يضاف إليه . وقيل أي تجري بأوليائنا كما في الخبر مرض عين من عيوننا فلم تعده . " جزاء لمن كان كفر " أي جعلنا ذلك ثوابا وجزاء لنوح على صبره على أذى قومه وهو المكفور به فاللام في لمن لام المفعول له وقيل كفر أي جحد فمن كناية عن نوح وقيل كناية عن الله والجزاء بمعنى العقاب ، أي عقابا لكفرهم بالله تعالى . وقرأ يزيد بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد (جزاء لمن كان كفر) بفتح الكاف والفاء بمعنى : كان الغرق جزاء وعقابا لمن كفر بالله ، وما نجا من الغرق غير عوج بن عنق كان الماء إلى حجزته وسبب نجاته أن نوحا احتاج إلى خشبة الساج لبناء السفينة فلم يمكنه حملها فحمل عوج تلك الخشبة إليه من الشام فشكر الله له ذلك ، ونجاه من الغرق .
يقول تعالى: "كذبت" قبل قومك يا محمد "قوم نوح فكذبوا عبدنا" أي صرحوا له بالتكذيب واتهموه بالجنون "وقالوا مجنون وازدجر" قال مجاهد: وازدجر. أي استطير جنوناً, وقيل: وازدجر أي انتهروه وزجروه وتواعدوه لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين, قاله ابن زيد وهذا متوجه حسن "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر" أي إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم فانتصر أنت لدينك. قال الله تعالى: "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر" قال السدي: وهو الكثير "وفجرنا الأرض عيوناً" أي نبعت جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيوناً, "فالتقى الماء" أي من السماء والأرض "على أمر قد قدر" أي أمر مقدر.
قال ابن جريج عن ابن عباس "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر" كثير لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب, فتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم, فالتقى الماءان على أمر قد قدر, وروى ابن أبي حاتم أن ابن الكواء سأل علياً عن المجرة فقال: هي شرج السماء, ومنها فتحت السماء بماء منهمر "وحملناه على ذات ألواح ودسر" قال ابن عباس وسعيد بن جبير والقرظي وقتادة وابن زيد: هي المسامير, واختاره ابن جرير, قال: وواحدها دسار. ويقال: دسير كما يقال حبيك وحباك والجمع حبك, وقال مجاهد: الدسر أضلاع السفينة. وقال عكرمة والحسن: هو صدرها الذي يضرب به الموج. وقال الضحاك: طرفاها وأصلها, وقال العوفي عن ابن عباس: هو كلكلها أي صدرها. وقوله: "تجري بأعيننا" أي بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا "جزاء لمن كان كفر" أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصاراً لنوح عليه السلام.
وقوله تعالى: "ولقد تركناها آية" قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة, والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن, كقوله تعالى: " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " وقال تعالى: "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية" ولهذا قال ههنا: "فهل من مدكر" أي فهل من يتذكر ويتعظ. قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج, حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وهكذا رواه البخاري, حدثنا يحيى, حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد, عن عبد الله قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وقال النبي صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وروى البخاري أيضاً من حديث شعبة, عن أبي إسحاق, عن الأسود, عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "فهل من مدكر". وقال: حدثنا أبو نعيم, حدثنا زهير عن أبي إسحاق أنه سمع رجلاً سأل الأسود فهل من مذكر أو مدكر, قال: سمعت عبد الله يقرأ فهل من مدكر, وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فهل من مدكر. دالاً. وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجه من حديث أبي إسحاق.
وقوله تعالى: "فكيف كان عذابي ونذر" أي كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي, ولم يتعظ بما جاءت به نذري, وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر "ولقد يسرنا القرآن للذكر" أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس, كما قال: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب" وقال تعالى: "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا" قال مجاهد: "ولقد يسرنا القرآن للذكر" يعني هونا قراءته, وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن, وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الادميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل, قلت: ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة, وقوله: "فهل من مدكر" أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه ؟ وقال محمد بن كعب القرظي: فهل من منزجر عن المعاصي ؟.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا الحسن بن رافع, حدثنا ضمرة عن ابن شوذب, عن مطر هو الوراق في قوله تعالى: "فهل من مدكر" هل من طالب علم فيعان عليه, وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق, ورواه ابن جرير, وروي عن قتادة مثله.
14- "تجري بأعيننا" أي بمنظر ومرأى منا وحفظ لها كما في قوله: "واصنع الفلك بأعيننا" وقيل بأمرنا، وقيل بوحينا، وقيل بالأعين النابعة من الأرض، وقيل بأعين أوليائنا من الملائكة الموكلين بحفظها "جزاء لمن كان كفر" قال الفراء: فعلنا به وبهم ما فعلنا من إنجائه وإغراقهم ثواباً لمن كفر به وجحد أمره وهو نوح عليه السلام، فإنه كان لهم نعمة كفروها فانتصاب جزاء على العلة، وقيل على المصدرية بفعل مقدر: أي جازيناهم جزاء. قرأ الجمهور "كفر" مبنياً للمفعول، والمراد به نوح. وقيل هو الله سبحانه، فإنهم كفروا به وجحدوا نعمته. وقرأ يزيدي بن رومان وقتادة ومجاهد وحميد وعيسى كفر بفتح الكاف والفاء مبنياً للفاعل: أي جزاءً وعقاباً لمن كفر بالله.
14. " تجري بأعيننا "، أي: بمرأى منا. وقال مقاتل بن حيان : بحفظنا، ومنه قولهم للمودع: عين الله عليك. وقال سفيان : بأمرنا. " جزاءً لمن كان كفر "، [ قال مقاتل بن حيان ] يعني: فعلنا به وبهم من إنجاء نوح وإغراق قومه ثواباً لمن كان كفر به وجحد أمره، وهو نوح عليه السلام، وقيل: ((من)) بمعنى ما، أي: جزاء لما كان كفر من أيادي الله ونعمه عند الذين أغرقهم، أو جزاء لما [صنع] بنوح وأصحابه. وقرأ مجاهد : ((جزاء لمن كان كفر)) بفتح الكاف والفاء، يعني كان الغرق جزاء لمن كان كفر بالله وكذب رسوله.
14-" تجري بأعيننا " بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا " جزاءً لمن كان كفر " أي فعلنا ذلك جزاء لنوح لأنه نعمة كفروها ، فإن كل نبي نعمة من الله تعالى ورحمة على أمته ، ويجوز أن يكون على حذف الجار وإيصال الفعل إلى الضمير وقرئ لمن كفر أي للكافرين .
14. That ran (upon the waters) in Our sight, as a reward for him who was rejected.
14 - She floats under our eyes (and care): a recompense to one who had been rejected (with scorn)!