[القمر : 12] وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ
12 - (وفجرنا الأرض عيونا) تنبع (فالتقى الماء) ماء السماء والأرض (على أمر) حال (قد قدر) قضي به في الأزل وهو هلاكهم غرقا
وقوله " وفجرنا الأرض عيوناً " يقول جل ثناؤه : واسلنا الأرض عيون الماء .
كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان في قوله " وفجرنا الأرض عيوناً " قال : فجرنا الأرض الماء وجاء من السماء " فالتقى الماء على أمر قد قدر " يقول ذكره : فالتقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدره الله وقضاه .
كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان " فالتقى الماء على أمر قد قدر " قال : ماء السماء وماء الأرض وإنما قيل : فالتقى الماء على أمر قد قدر والالتقاء لا يكون من واحد وإنما يكون من اثنين فصاعداً لأن الماء قد يكون جمعاً وواحداً وأريد به في هذا الموضع : مياه السماء ومياه الأرض فخرج بلفظ الواحد ومعناه الجمع وقيل : التقى الماء على أمر قد قدر لأن ذلك كان أمر قد قضاه الله في اللوح المحفوظ .
كما حدثنا ابن بشار قال : ثنا مؤمل قال : ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال : كانت الأقوات قبل الأجساد وكان القدر قبل البلاء وتلا " فالتقى الماء على أمر قد قدر " .
" فالتقى الماء " أي ماء السماء وماء الأرض " على أمر قد قدر " أي على مقدار لم يزد أحدهما على الآخر ، حكاه ابن قتيبة أي كان ماء السماء والأرض سواء . وقيل قدر بمعنى قضي عليهم . قال قتادة قدر لهم إذا كفروا أن يغرقوا وقال محمد بن كعب : كانت الأقوات قبل الأجساد وكان القدر قبل البلاء وتلا هذه الآية وقال " التقى الماء " والالتقاء إنما يكون في اثنين فصاعدا لأن الماء يكون جمعا وواحدا وقيل لأنهما لما اجتمعا صارا ماء واحدا . وقرأ الجحدري ( فالتقى الماءان ) وقرأ الحسن فالتقى الماوان . وهما خلاف المرسوم . القشيريوفي بعض المصاحف فالتقى الماوان وهي لغة طيء وقيل : كان ماء السماء باردا مثل الثلج وماء الأرض حارا مثل الحميم .
يقول تعالى: "كذبت" قبل قومك يا محمد "قوم نوح فكذبوا عبدنا" أي صرحوا له بالتكذيب واتهموه بالجنون "وقالوا مجنون وازدجر" قال مجاهد: وازدجر. أي استطير جنوناً, وقيل: وازدجر أي انتهروه وزجروه وتواعدوه لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين, قاله ابن زيد وهذا متوجه حسن "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر" أي إني ضعيف عن هؤلاء وعن مقاومتهم فانتصر أنت لدينك. قال الله تعالى: "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر" قال السدي: وهو الكثير "وفجرنا الأرض عيوناً" أي نبعت جميع أرجاء الأرض حتى التنانير التي هي محال النيران نبعت عيوناً, "فالتقى الماء" أي من السماء والأرض "على أمر قد قدر" أي أمر مقدر.
قال ابن جريج عن ابن عباس "ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر" كثير لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب, فتحت أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم, فالتقى الماءان على أمر قد قدر, وروى ابن أبي حاتم أن ابن الكواء سأل علياً عن المجرة فقال: هي شرج السماء, ومنها فتحت السماء بماء منهمر "وحملناه على ذات ألواح ودسر" قال ابن عباس وسعيد بن جبير والقرظي وقتادة وابن زيد: هي المسامير, واختاره ابن جرير, قال: وواحدها دسار. ويقال: دسير كما يقال حبيك وحباك والجمع حبك, وقال مجاهد: الدسر أضلاع السفينة. وقال عكرمة والحسن: هو صدرها الذي يضرب به الموج. وقال الضحاك: طرفاها وأصلها, وقال العوفي عن ابن عباس: هو كلكلها أي صدرها. وقوله: "تجري بأعيننا" أي بأمرنا بمرأى منا وتحت حفظنا وكلاءتنا "جزاء لمن كان كفر" أي جزاء لهم على كفرهم بالله وانتصاراً لنوح عليه السلام.
وقوله تعالى: "ولقد تركناها آية" قال قتادة: أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أول هذه الأمة, والظاهر أن المراد من ذلك جنس السفن, كقوله تعالى: " وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون * وخلقنا لهم من مثله ما يركبون " وقال تعالى: "إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية" ولهذا قال ههنا: "فهل من مدكر" أي فهل من يتذكر ويتعظ. قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج, حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وهكذا رواه البخاري, حدثنا يحيى, حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد, عن عبد الله قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وقال النبي صلى الله عليه وسلم "فهل من مدكر" وروى البخاري أيضاً من حديث شعبة, عن أبي إسحاق, عن الأسود, عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ "فهل من مدكر". وقال: حدثنا أبو نعيم, حدثنا زهير عن أبي إسحاق أنه سمع رجلاً سأل الأسود فهل من مذكر أو مدكر, قال: سمعت عبد الله يقرأ فهل من مدكر, وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها فهل من مدكر. دالاً. وقد أخرج مسلم هذا الحديث وأهل السنن إلا ابن ماجه من حديث أبي إسحاق.
وقوله تعالى: "فكيف كان عذابي ونذر" أي كيف كان عذابي لمن كفر بي وكذب رسلي, ولم يتعظ بما جاءت به نذري, وكيف انتصرت لهم وأخذت لهم بالثأر "ولقد يسرنا القرآن للذكر" أي سهلنا لفظه ويسرنا معناه لمن أراده ليتذكر الناس, كما قال: "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب" وقال تعالى: "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا" قال مجاهد: "ولقد يسرنا القرآن للذكر" يعني هونا قراءته, وقال السدي: يسرنا تلاوته على الألسن, وقال الضحاك عن ابن عباس: لولا أن الله يسره على لسان الادميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل, قلت: ومن تيسيره تعالى على الناس تلاوة القرآن ما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة, وقوله: "فهل من مدكر" أي فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه ؟ وقال محمد بن كعب القرظي: فهل من منزجر عن المعاصي ؟.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا الحسن بن رافع, حدثنا ضمرة عن ابن شوذب, عن مطر هو الوراق في قوله تعالى: "فهل من مدكر" هل من طالب علم فيعان عليه, وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم عن مطر الوراق, ورواه ابن جرير, وروي عن قتادة مثله.
12- "وفجرنا الأرض عيوناً" أي جعلنا الأرض كلها عيوناً متفجرة، والأصل فجرنا عيون الأرض. قرأ الجمهور "فجرنا" بالتشديد. وقرأ ابن مسعود وأبو حيوة وعاصم في رواية عنه بالتخفيف. قال عبيد بن عمير: أوحى الله إلى الأرض أن تخرج ماءها فتفجرت بالعيون "فالتقى الماء على أمر قد قدر" أي التقى ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قضي عليهم: أي كائناً على حال قدرها الله وقضى بها. وحكى ابن قتيبة أن المعنى على مقدار لم يرد أحدهما على الآخر، بل كان ماء السماء وماء الأرض على سواء. قال قتادة: قدر لهم إذ كفروا أن يغرقوا. وقرأ الجحدري فالتقى الماآن وقرأ الحسن فالتقى الماوان ورويت هذه القراءة عن علي بن أبي طالب ومحمد بن كعب.
12. " وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء "، يعني ماء السماء وماء الأرض، وإنما قال: ((فالتقى الماء)) والالتقاء لا يكون من واحد، إنما يكون بين اثنين فصاعداً، لأن الماء يكون جمعاً وواحداً. وقرأ عاصم الجحدري : فالتقى الملآن. " على أمر قد قدر "، أي: قضي عليهم في أمر الكتاب. وقال مقاتل : قدر الله أن يكون الملآن سواء فكانا على ما قدر.
12-" وفجرنا الأرض عيوناً " وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة ،وأصله وفجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة . " فالتقى الماء " ماء السماء وماء الأرض ، وقرئ الماءان لاختلاف النوعين و الماوان بقلبت الهمزة واواً . " على أمر قد قدر " على حال قدرها الله تعالى في الأزل من غير تفاوت ، أو على حال قدرت وسويت وهو أن قدر ما أنزل على قدر ما أخرج ، أو على قدره الله تعالى وهو هلاك قوم نوح بالطوفان .
12. And caused the earth to gush forth springs, so that the waters met for a predestined purpose.
12 - And We caused the earth to gush forth with springs. So the waters met (and rose) to the extent decreed.