[النجم : 28] وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا
28 - (وما لهم به) بهذا القول (من علم إن) ما (يتبعون) فيه (إلا الظن) الذي تخيلوه (وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) أي عن العلم فيما المطلوب فيه العلم
وقوله : " وما لهم به من علم " يقول تعالى : وما لهم بما يقولون من تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى من حقيقة علم " إن يتبعون إلا الظن " يقول : ما يتبعون في ذلك إلا الظن يعني أنهم يقولون ذلك ظنا بغير علم .
وقوله " وإن الظن لا يغني من الحق شيئا " يقول وإن الظن لا ينفع من الحق شيئاً فيقوم مقامه .
" وما لهم به من علم " أي إنهم لم يشاهدوا خلقه الملائكة ولم يسمعوا ما قالوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يروه في كتاب " إن يتبعون " أي ما يتبعون " إلا الظن " في أن الملائكة إناث " وإن الظن لا يغني من الحق شيئا "
يقول تعالى منكراً على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى, وجعلهم لها أنها بنات الله تعالى الله عن ذلك كما قال تعالى: "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون" ولهذا قال تعالى: "وما لهم به من علم" أي ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه, بل هو كذب وزور وافتراء وكفر شنيع. "إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً" أي لا يجدي شيئاً ولا يقوم أبداً مقام الحق, وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".
وقوله تعالى: " فأعرض عن من تولى عن ذكرنا " أي أعرض عن الذي أعرض عن الحق واهجره. وقوله: "ولم يرد إلا الحياة الدنيا" أي وإنما أكثر همه ومبلغ علمه الدنيا, فذاك هو غاية ما لا خير فيه, ولهذا قال تعالى: "ذلك مبلغهم من العلم" أي طلب الدنيا والسعي لها هو غاية ما وصلوا إليه. وقد روى الإمام أحمد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدنيا دار من لا دار له, ومال من لا مال له, ولها يجمع من لا عقل له" وفي الدعاء المأثور "اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا, ولا مبلغ عملنا" وقوله تعالى: "إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى" أي هو الخالق لجميع المخلوقات والعالم بمصالح عباده, وهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء, وذلك كله عن قدرته وعلمه وحكمته وهو العادل الذي لا يجور أبداً لا في شرعه ولا في قدره.
28- "وما لهم به من علم" هذه الجملة في محل نصل على الحال: أي يسمونهم هذه التسمية والحال أنهم غير عالمين بما يقولون، فإنهم لم يعرفوهم ولا شاهدوهم ولا بلغ غليهم ذلك من طريق من الطرق التي يخبر المخبرون عنها، بل قالوا ذلك جهلاً وضلالة وجرأة. وقرئ " ما لهم به " أي بالملائكة أو التسمية "إن يتبعون إلا الظن" أي ما يتبعون في هذه المقالة إلا مجرد الظن والتوهم. ثم أخبر سلحانه عن الظن وحكمه فقال: "إن الظن لا يغني من الحق شيئاً" أي إن جنس الظن لا يغني من الحق شيئاً من الإغناء، والحق هنا العلم. وفيه دليل على أن مجرد الظن لا يقوم مقام العلم وأن الظان غير عالم. وهذا في الأمور التي يحتاج فيها إلى العلم وهي المسائل العلمية، لا فيما يكتفي فيه بالظن، وهي المسائل العلمية، وقد قدمنا تحقيق هذا. ولا بد من هذا التخصيص، فإن دلالة العموم والقياس وخبر الواحد ونحو ذلك ظنية، فالعمل بها عمل بالظن، وقد وجب علينا العمل به في مثل هذه الأمور، فكانت أدلة وجوبه العمل به فيها مخصصة لهذا العموم، وما ورد في معناه من الذم لمن عمل بالظن والنهي عن اتباعه.
28. " وما لهم به من علم "، قال مقاتل : [معناه] ما يستيقنون أنهم [بنات الله] " إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً "، ((والحق)) بمعنى العلم، أي: لا يقوم الظن مقام العلم. وقيل: ((الحق)) بمعنى العذاب، [أي: أظنهم لا ينقذهم من العذاب شيء].
28-" وما لهم به من علم " أي بما يقولون ،وقرئ بها أي بالملائكة أو بالتسمية . " إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً " فإن الحق الذي هو حقيقة الشيء لا يدرك إلا بالعم ، والظن لا اعتبار له في المعارف الحقيقية ، وإنما العبرة به في العمليات وما يكون وصلة إليها .
28. And they have no knowledge thereof. They follow but a guess, and lo! a guess can never take the place of the truth.
28 - But they have no knowledge therein. They follow nothing but conjecture; and conjecture avails nothing against Truth.