[الطور : 40] أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ
40 - (أم تسألهم أجرا) على ما جئتهم به من الدين (فهم من مغرم) غرم ذلك (مثقلون) فلا يسلمون
" أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون " يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : أتسأل هؤلاء المشركين الذين أرسلناك إليهم يا محمد على ما تدعوهم إليه من توحيد الله وطاعته ثواباً وعوضاً من أموالهم فهم من ثقل ما حملتهم من الغرم لا يقدرون على إجابتك إلى ما تدعوهم إليه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال :ثنا سعيد عن قتادة قوله " أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون " يقول : هل سألت هؤلاء القوم أجراً بجهدهم فلا يستطيعون الإسلام .
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " أم تسألهم أجراً فهم من مغرم مثقلون " قال : يقول : أسألتهم على هذا أجراً فأثقلهم الذي يبتغي أخذه منهم .
"أم تسألهم أجرا " أي على تبليغ الرسالة "فهم من مغرم مثقلون " أي فهم من المغرم الذي تطلبهم به مثقلون مجهدون لما كلفتهم به .
هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية فقال تعالى: "أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم الخالقون" أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم, أي لا هذا ولا هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان قال: حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الاية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك ؟ أم هم المصيطرون ؟" كاد قلبي أن يطير, وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به. وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى, وكان إذ ذاك مشركاً, فكان سماعه هذه الاية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك. ثم قال تعالى: "أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون" أي أهم خلقوا السموات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله, وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له, ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك " أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن "أم هم المصيطرون" أي المحاسبون للخلائق, ليس الأمر كذلك بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.
وقوله تعالى: "أم لهم سلم يستمعون فيه" أي مرقاة إلى الملأ الأعلى "فليأت مستمعهم بسلطان مبين" أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال, أي وليس لهم سبيل إلى ذلك فليسوا على شيء وليس لهم دليل, ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً, واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث, بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم, هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقال: "أم له البنات ولكم البنون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد "أم تسألهم أجراً ؟" أي أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله, أي لست تسألهم على ذلك شيئاً "فهم من مغرم مثقلون" أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ويثقلهم ويشق عليهم "أم عندهم الغيب فهم يكتبون" أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله "أم يريدون كيداً. فالذين كفروا هم المكيدون" يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه, فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم فالذين كفروا هم المكيدون "أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون" وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله, ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال: "سبحان الله عما يشركون".
ثم رجع سبحانه إلى هطاب رسوله صلى الله عليه سلم فقال: 40- "أم تسألهم أجراً" أي بل أتسألهم أجراً يدفعونه إليك على تبليغ الرسالة "فهم من مغرم مثقلون" أي من التزام غرامة تطلبها منهم مثقلون: أي مجهودون بحملهم ذلك المغرم الثقيل. قال قتادة: يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجراً فجهدهم فلا يستطيعون الإسلام.
40. " أم تسألهم أجراً "، جعلاً على ما جئتهم به ودعوتهم إليه من الدين، " فهم من مغرم مثقلون "، أثقلهم ذلك المغرم الذي تسألهم، فمنعهم من ذلك عن الإسلام.
40-" أم تسألهم أجراً " على تبليغ الرسالة " فهم من مغرم " من التزام غرم . " مثقلون " محملون الثقل فلذلك زهدوا في اتباعك .
40. Or askest thou (Muhammad) a fee from them so that they are plunged in debt?
40 - Or is it that thou dost ask for a reward, so that they are burdened with a load of debt?