[الطور : 39] أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ
39 - (أم له البنات) بزعمكم (ولكم البنون) تعالى الله عما زعمتموه
يقول تعالى ذكره للمشركين به من قريش : ألربكم أيها القوم البنات ولكم البنون ؟ ذلك إذن قسمة ضيزى
قوله تعالى " أم له البنات ولكم البنون " سفه أحلامهم توبيخا لهم وتقريعا أي أتضيفون إلى الله البنات مع أنفتكم منهن ، ومن كان عقله هكذا فلا يستبعد منه إنكار البعث .
هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية فقال تعالى: "أم خلقوا من غير شيء ؟ أم هم الخالقون" أي أوجدوا من غير موجد ؟ أم هم أوجدوا أنفسهم, أي لا هذا ولا هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً, قال البخاري: حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان قال: حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الاية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون * أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون * أم عندهم خزائن ربك ؟ أم هم المصيطرون ؟" كاد قلبي أن يطير, وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به. وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى, وكان إذ ذاك مشركاً, فكان سماعه هذه الاية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك. ثم قال تعالى: "أم خلقوا السموات والأرض ؟ بل لا يوقنون" أي أهم خلقوا السموات والأرض ؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم بالله, وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له, ولكن عدم إيقانهم هو الذي يحملهم على ذلك " أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون " أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن "أم هم المصيطرون" أي المحاسبون للخلائق, ليس الأمر كذلك بل الله عز وجل هو المالك المتصرف الفعال لما يريد.
وقوله تعالى: "أم لهم سلم يستمعون فيه" أي مرقاة إلى الملأ الأعلى "فليأت مستمعهم بسلطان مبين" أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال, أي وليس لهم سبيل إلى ذلك فليسوا على شيء وليس لهم دليل, ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات وجعلهم الملائكة إناثاً, واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث, بحيث إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم, هذا وقد جعلوا الملائكة بنات الله وعبدوهم مع الله فقال: "أم له البنات ولكم البنون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد "أم تسألهم أجراً ؟" أي أجرة إبلاغك إياهم رسالة الله, أي لست تسألهم على ذلك شيئاً "فهم من مغرم مثقلون" أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه ويثقلهم ويشق عليهم "أم عندهم الغيب فهم يكتبون" أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السموات والأرض الغيب إلا الله "أم يريدون كيداً. فالذين كفروا هم المكيدون" يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه, فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم فالذين كفروا هم المكيدون "أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون" وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع الله, ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون ويشركون فقال: "سبحان الله عما يشركون".
39- "أم له البنات ولكم البنون" أي بل أتقولون لله البنات ولكم النون، سفه سبحانه أحلامهم، وضلل عقولهم ووبخهم: أي أيضيفون إلى الله البنات وهي أضعف الصنفين، ويجعلون لأنفسهم البنين وهم أعلاهما، وفيه إشعار بأن من كان هذا رأيه فهو بمحل سافل في الفهم والعقل، فلا يستبعد منه إنكار البعث وجحد التوحيد.
39. " أم له البنات ولكم البنون "، هذا إنكار عليهم حين جعلوا لله ما يكرهون، كقوله: " فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون " (الصافات-149).
39-" أم له البنات ولكم البنون " فيه تسفيه لهم وإشعار بأن من هذا رأيه لا يعد من العقلاء فضلاً أن يترقى بروحه إلى عالم الملكوت فيتطلع على الغيوب .
39. Or hath He daughters whereas ye have sons?
39 - Or has He only daughters and ye have sons?