[الذاريات : 29] فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ
29 - (فأقبلت امرأته) سارة (في صرة) صيحة حال أي جاءت صائحة (فصكت وجهها) لطمته (وقالت عجوز عقيم) لم تلد قط وعمرها تسع وتسعون سنة وعمر إبراهيم مائة سنة أو عمره مائة وعشرون سنة وعمرها تسع وتسعون سنة
قوله " فأقبلت امرأته في صرة " يعني : سارة وليس ذلك إقبال نقله من موضع إلى موضع ولا تحول من مكان إلى مكان وإنما هو كقول القائل أقبل يشتمني بمعنى : أخذ في شتمي وقوله " في صرة " يعني : في صيحة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " في صرة " يقول : في صيحة .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله " فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها " يعني بالصرة : الصيحة .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " في صرة " قال : صيحة .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله " فأقبلت امرأته في صرة " أي أقبلت في رنة .
حدثنا ابن عبد الأعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن قتادة في قوله " صرة " قال : أقبلت ترن .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن العلاء بن عبد الكريم اليامي عن ابن سابط قوله " فأقبلت امرأته في صرة " قال : في صيحة .
حدثنا يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال :قال ابن زيد في قوله " فأقبلت امرأته في صرة " قال : الصرة : الصيحة .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " في صرة " يعني : صيحة وقد قال بعضهم إن تلك الصيحة أوه مقصورة الألف .
وقوله " فصكت وجهها " اختلف أهل التأويل في معنى صكها والموضع الذي ضربته من وجهها فقال بعضهم : معنى صكها وجهها : لطمها إياه .
ذكر من قال ذلك .
حدثني علي قال : ثنا أبو صالح قال : ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله " فصكت وجهها " يقول : لطمت .
وقال آخرون : بل ضربت بيدها جبهتها تعجباً .
ذكر من قال ذلك :
حدثني موسى بن هارون قال : ثنا عمرو بن حماد قال : ثنا أسباط عن السدي قال : لما بشر جبريل سارة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ضربت جبهتها عجباً فذلك قوله " فصكت وجهها " .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله " فصكت وجهها " قال : جبهتها .
حدثني ابن حميد قال : ثنا مهران عن سفيان عن العلاء بن عبد الكريم اليامي عن ابن سابط قوله " فصكت وجهها " قال : قالت هكذا وضرب سفيان بيده على جبهته .
قال : ثنا مهران عن سفيان " فصكت وجهها " وضعت يدها على جبهتها تعجباً والصك عند العرب : هو الضرب وقد قيل : إن صكها وجهها أن جمعت أصابعها فضربت بها جبهتها " وقالت عجوز عقيم " يقول : وقالت : أتلد وحذفت أتلد لدلالة الكلام عليه وبضمير أتلد رفعت عجوز عقيم وعني بالعقيم : التي لا تلد .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن المثنى قال : ثنا سليمان أبو داود قال : ثنا شعبة عن مشاش قال : سمعت الضحاك يقول في قوله " عجوز عقيم " قال : لا تلد .
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا هشيم قال : أخبرنا رجل من أهل خراسان من الأزد يكنى أبا ساسان قال : سألت الضحاك عن قوله " عقيم " قال : التي ليس لها ولد .
قوله تعالى : " فأقبلت امرأته في صرة " أي في صيحة وضجة ، عن ابن عباس وغيره ، ومنه أخذ صرير الباب وهو صوته .وقال عكرمة وقتادة : إنها الرنة والتأوه ولم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان . قال الفراء : وإنما هو كقولك أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي . وقيل : أقبلت في صرة أي جماعة من النساء تسمع كلام الملائكة . قال الجوهري : الصرة الضجة والصيحة ، والصرة الجماعة ، والصرة الشدة من كرب وغيره ، قال امرؤ القيس :
فألحقه بالهاديات ودونه جواحرها في صرة لم تزيل
يحتمل هذا البيت الوجوه الثلاثة . وصرة القيظ شدة حره . فلما سمعت سارة البشارة صكت وجهها ، أي ضربت يدها على وجهها على عادة النسوان عند التعجب ، قاله سفيان الثوري وغيره . وقال ابن عباس : صكت وجهها لطمته . وأصل الصك الضرب ، صكه أي ضربه ، قال الراجز :
يا كروانا صك فاكبأنا
قال الأموي كبن الظبي إذا لطأ بالأرض واكبأن انقبض . "وقالت عجوز عقيم " أي أتلد عجوز عقيم . الزجاج أي وقالت أنا عجوز عقيم فكيف ألد كما قالت :" يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا ".
هذه القصة قد تقدمت في سورة هود والحجر أيضاً فقوله: "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" أي الذين أرصد لهم الكرامة, وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل, وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل. وقوله تعالى: "قالوا سلاماً قال سلام" الرفع أقوى وأثبت من النصب, فرده أفضل من التسليم ولهذا قال تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فالخليل اختار الأفضل, وقوله تعالى: "قوم منكرون" وذلك أن الملائكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قدموا عليه في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ولهذا قال: "قوم منكرون" وقوله عز وجل: "فراغ إلى أهله" أي انسل خفية في سرعة "فجاء بعجل سمين" أي من خيار ماله, وفي الاية الأخرى: "فما لبث أن جاء بعجل حنيذ" أي مشوي على الرضف "فقربه إليهم" أي أدناه منهم " قال ألا تأكلون " تلطف في العبارة وعرض حسن, وهذه الاية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة, ولم يمتن عليهم أولاً فقال: نأتيكم بطعام بل جاء به بسرعة وخفاء, وأتى بأفضل ما وجد من ماله, وهو عجل فتي سمين مشوي, فقربه إليهم لم يضعه وقال اقتربوا, بل وضعه بين أيديهم ولم يأمرهم أمراً يشق على سامعه بصيغة الجزم بل قال: "ألا تأكلون" على سبيل العرض والتلطف, كما يقول القائل اليوم إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق فافعل.
وقوله تعالى: "فأوجس منهم خيفة" هذا محال على ما تقدم في القصة في السورة الأخرى وهي قوله تعالى: " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت " أي استبشرت بهلاكهم لتمردهم وعتوهم على الله تعالى, فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ههنا: "وبشروه بغلام عليم" فالبشارة له هي بشارة لها. لأن الولد منهما فكل منهما بشر به. وقوله تعالى: "فأقبلت امرأته في صرة" أي في صرخة عظيمة ورنة, قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها " يا ويلتى " "فصكت وجهها" أي ضربت بيدها على جبينها قاله مجاهد وابن سابط, وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لطمت أي تعجباً كما تتعجب النساء من الأمر الغريب "وقالت عجوز عقيم" أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيماً لا أحبل ؟ "قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم" أي عليم بما تستحقون من الكرامة حكيم في أقواله وأفعاله.
29- "فأقبلت امرأته في صرة" لم يكن هذا الإقبال من مكان إلى مكان، وإنما هو كقولك: أقبل يشتمني أي أخذ في شتمي، كذا قال الفراء وغيره. والصرة الصيحة والضجة، وقيل الجماعة من الناس. قال الجوهري: الصرة: الضجة والصيحة، والصرة: الجماعة، والصرة الشدة من كرب أو غيره، والمعنى: أنها أقبلت في صيحة، أو في ضجة، أو في جماعة من الناس يستمعون كلام الملائكة، ومن هذا قول امرئ القيس:
فألحقه بالهاديات ودونه جراجرها في صرة لم تزيل
وقوله: "في صرة" في محل نصب على الحال "فصكت وجهها" أي ضربت بيدها على وجهها كما جرت بذلك عادة النساء عند التعجب. قال مقاتل والكلبي: جمعت أصابعها فضربت جبينها تعجباً، ومعنى الصك: ضرب الشيء بالشيء العريض، يقال صكه: أي ضربه "وقالت عجوز عقيم" أي كيف ألد وأنا عجوز عقيم، استبعدت ذلك لكبر سنها، ولكونها عقيماً لا تلد.
29. " فأقبلت امرأته في صرة "، أي: صيحة، قيل: لم يكن ذلك إقبالاً من مكان إلى مكان، وإنما هو كقول القائل: أقبل يشتمني، بمعنى أخذ في شتمي، أي أخذت تولول كما قال: " قالت يا ويلتى " (هود-72)، " فصكت وجهها " قال ابن عباس: لطمت وجهها. وقال الآخرون: جمعت أصابعها فضرت جبينها تعجباً، كعادة النساء إذا أنكرن شيئاً، وأصل الصك: ضرب الشيء بالشيء العريض.
" وقالت عجوز عقيم "، مجازه: أتلد عجوز عقيم؟ وكانت سارة لم تلد قبل ذلك.
29-" فأقبلت امرأته " سارة إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم " في صرة " في صيحة من الصرير ، ومحله النصب على الحال أو المفعول إن أول فأقبلت بأخذت . " فصكت وجهها " فلطمت بأطراف الأصابع جبهتها فعل المتعجب . وقيل وجدت حرارة دم الحيض فلطمت وجهها من الحياء . " وقالت عجوز عقيم " أي أنا عجوز فكيف ألد .
29. Then his wife came forward, making moan, and smote her face, and cried: A barren old woman!
29 - But his wife came forward (laughing) aloud: she smote her forehead and said: A barren old woman!