[الذاريات : 27] فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ
27 - (فقربه إليهم قال ألا تأكلون) عرض عليهم الأكل فلم يجيبوا
وقوله " فقربه إليهم قال ألا تأكلون " وفي الكلام متروك استغني بدلالة الظاهر عليه منه وهو فقربه إليهم فأمسكوا عن أكله ، فقال : ألا تأكلون ؟ فأوجس منهم يقول : فأوجس في نفسه إبراهيم من ضيفه خيفة وأضمرها " قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم " يعني : بإسحاق وقال عليم بمعنى عالم إذا كبر وذكر الفراء أن بعض المشيخة كان يقول : إذا كان للعلم منتظراً قيل : إنه لعالم عن قليل وغاية وفي السيد سائد والكريم كارم والذي قال حسن قال : وهذا أيضاً كلام عربي حسن قد قاله الله في عليم وحكيم وميت .
و روي عن مجاهد في قوله " بغلام عليم " ما :
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعاً عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله " بغلام عليم " قال : إسماعيل وإنما قلت : عني به إسحاق لأن البشارة كانت بالولد من سارة وإسماعيل لهاجر لا لسارة .
قوله تعالى " فقربه إليهم " يعني العجل "قال ألا تأكلون " قالقتادة كان عامة مال إبراهيم البقر ، واختاره لهم سمينا زيادة في إكرامهم وقيل: العجل في بعض اللغات الشاة . ذكره القشيري وفي الصحاح : العجل ولد البقرة والعجول مثله والجمع العجاجيل والأنثى عجلة عن أبي الجراح وبقرة معجل ذات عجل وعجل قبيلة من ربيعة .
هذه القصة قد تقدمت في سورة هود والحجر أيضاً فقوله: "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين" أي الذين أرصد لهم الكرامة, وقد ذهب الإمام أحمد وطائفة من العلماء إلى وجوب الضيافة للنزيل, وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل. وقوله تعالى: "قالوا سلاماً قال سلام" الرفع أقوى وأثبت من النصب, فرده أفضل من التسليم ولهذا قال تعالى: "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فالخليل اختار الأفضل, وقوله تعالى: "قوم منكرون" وذلك أن الملائكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل قدموا عليه في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ولهذا قال: "قوم منكرون" وقوله عز وجل: "فراغ إلى أهله" أي انسل خفية في سرعة "فجاء بعجل سمين" أي من خيار ماله, وفي الاية الأخرى: "فما لبث أن جاء بعجل حنيذ" أي مشوي على الرضف "فقربه إليهم" أي أدناه منهم " قال ألا تأكلون " تلطف في العبارة وعرض حسن, وهذه الاية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة, ولم يمتن عليهم أولاً فقال: نأتيكم بطعام بل جاء به بسرعة وخفاء, وأتى بأفضل ما وجد من ماله, وهو عجل فتي سمين مشوي, فقربه إليهم لم يضعه وقال اقتربوا, بل وضعه بين أيديهم ولم يأمرهم أمراً يشق على سامعه بصيغة الجزم بل قال: "ألا تأكلون" على سبيل العرض والتلطف, كما يقول القائل اليوم إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق فافعل.
وقوله تعالى: "فأوجس منهم خيفة" هذا محال على ما تقدم في القصة في السورة الأخرى وهي قوله تعالى: " فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت " أي استبشرت بهلاكهم لتمردهم وعتوهم على الله تعالى, فعند ذلك بشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب " قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " ولهذا قال الله سبحانه وتعالى ههنا: "وبشروه بغلام عليم" فالبشارة له هي بشارة لها. لأن الولد منهما فكل منهما بشر به. وقوله تعالى: "فأقبلت امرأته في صرة" أي في صرخة عظيمة ورنة, قاله ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة وأبو صالح والضحاك وزيد بن أسلم والثوري والسدي وهي قولها " يا ويلتى " "فصكت وجهها" أي ضربت بيدها على جبينها قاله مجاهد وابن سابط, وقال ابن عباس رضي الله عنهما: لطمت أي تعجباً كما تتعجب النساء من الأمر الغريب "وقالت عجوز عقيم" أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيماً لا أحبل ؟ "قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم" أي عليم بما تستحقون من الكرامة حكيم في أقواله وأفعاله.
27- " فقربه إليهم" أي قرب العجل إليهم ووضعه بين أيدهم فـ"قال ألا تأكلون" الاستفهام للإنكار، وذلك أنه لما قربه إليهم لما قربه غليهم لم يأكلوا منه. قال في الصحاح: العجل ولد القر، والعجول مثله والجمع العجاجيل والأنثى عجلة، وقيل العجل في بعض اللغات الشاة.
27. " فقربه إليهم "، ليأكلوا فلم يأكلوا، " قال ألا تأكلون "
27-" فقربه إليهم " بأن وضعه بين أيديهم . " قال ألا تأكلون " أي منه ،وهو مشعر بكونه حنيذاً ، والهمزة فيه للعرض والحث على الأكل على طريقة الأدب أن قاله أول ما وضعه ن وللإنكار إن قاله حينما رأى إعراضهم .
27. And he set it before them, saying: Will ye not eat?
27 - And placed it before them, He said, Will ye not eat?