[ق : 43] إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ
43 - (إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير)
يقول تعالى ذكره : إنا نحن نحيي الموتى ونميت الأحياء ، وإلينا مصير جميعهم يوم القيامة " يوم تشقق الأرض عنهم سراعا " يقول جل ثناؤه وإلينا مصيرهم يوم تشقق الأرض . فاليوم من صلة مصير .
"إنا نحن نحيي ونميت " نميت الأحياء ونحيي الأموات ، أثبت هنا الحقيقة
يقول تعالى: "واستمع" يا محمد "يوم يناد المناد من مكان قريب" قال قتادة: قال كعب الأحبار يأمر الله تعالى ملكاً أن ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة, إن الله تعالى يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء "يوم يسمعون الصيحة بالحق" يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون "ذلك يوم الخروج" أي من الأجداث "إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير" أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وإليه مصير الخلائق كلهم, فيجازي كلا بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر. وقوله تعالى: "يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً" وذلك أن الله عز وجل ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلها في قبورها, كما ينبت الحب في الثرى بالماء, فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور وقد أودعت الأرواح في ثقب في الصور فإذا نفخ إسرافيل فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض, فيقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره فترجع كل روح إلى جسدها, فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب سراعاً مبادرين إلى أمر الله عز وجل "مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر" وقال تعالى: "يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلاً" وفي صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول من تنشق عنه الأرض", وقوله عز وجل: "ذلك حشر علينا يسير" أي تلك إعادة سهلة علينا, يسيرة لدينا كما قال جل جلاله: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر".
وقال سبحانه وتعالى: "ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير" وقوله جل وعلا: "نحن أعلم بما يقولون" أي نحن علمنا محيط بما يقول لك المشركون من التكذيب فلا يهولنك ذلك كقوله: "ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون * فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين". وقوله تبارك وتعالى: "وما أنت عليهم بجبار" أي ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى, وليس ذلك مما كلفت به. وقال مجاهد وقتادة والضحاك "وما أنت عليهم بجبار" أي لا تتجبر عليهم, والقول الأول أولى, ولو أراد ما قالوه لقال: ولا تكن جباراً عليهم, وإنما قال: "وما أنت عليهم بجبار" بمعنى وما أنت بمجبرهم على الإيمان إنما أنت مبلغ, وقال الفراء: سمعت العرب تقول جبر فلان فلاناً على كذا أجبره, ثم قال عز وجل: "فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" أي بلغ أنت رسالة ربك فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده ويرجو وعده, كقوله تعالى: "فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب" وقوله جل جلاله: "فذكر إنما أنت مذكر * لست عليهم بمصيطر" "ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء" "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" ولهذا قال تعالى ههنا: "وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" كان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعودك يابار يارحيم.
آخر تفسير سورة ق والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل.
43- "إنا نحن نحيي ونميت" أي نحيي في الآخرة ونميت في الدنيا لا يشاركنا في ذلك مشارك، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث "وإلينا المصير" فنجازي كل عامل بعمله.
43. " إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير "
43-" إنا نحن نحيي ونميت " في الدنيا " وإلينا المصير " للجزاء في الآخرة .
43. Lo! We it is Who quicken and give death, and unto Us is the journeying.
43 - Verily it is We Who give Life and Death; and to Us is the Final Goal