[ق : 21] وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ
21 - (وجاءت) فيه (كل نفس) إلى المحشر (معها سائق) ملك يسوقها إليه (وشهيد) يشهد عليها بعملها وهو الأيدي والأرجل وغيرها ويقال للكافر
يقول تعالى ذكره : وجاءت يوم ينفخ في الصور كل نفس ربها ، معها سائق يسوقها إلى الله ، وشهيد يشهد عليها بينما عملت في الدنيا من خير أو شر .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع مولى لثقيف قال : سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب ، فقرأ هذه الآية " سائق وشهيد " قال : سائق يسوقها إلى الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت .
قال : ثنا حكام عن إسماعيل عن أبي عيسى قال : سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب ، فقرأ هذه الآية " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " قال : السائق يسوقها إلى أمر الله ، والشهيد يشهد عليها بما عملت .
حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " قال : السائق من الملائكة ، والشهيد : شاهد عليه من نفسه .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا سفيان عن مهران عن خصيف عن مجاهد " سائق وشهيد " سائق يسوقها إلى أمر الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " سائق وشهيد " سائق يسوقها إلى أمر الله ، وشاهد يشهد عليها بما عملت .
حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله " سائق وشهيد " قال : الملكان : كاتب ، وشهيد .
حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " قال : سائق يسوقها إلى ربها ، وشاهد يشهد عليها بعملها .
حدثنا ابن بشار قال : ثنا سليمان بن حرب قال : ثنا أبو هلال قال : ثنا قتادة في قوله " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " قال : سائق يسوقها إلى حسابها ، وشاهد يشهد عليها بما عملت .
حدثنا ابن عبد الاعلى قال : ثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن " معها سائق وشهيد " قال : سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها .
حدثنا ابن حميد قال : ثنا مهران عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس " سائق وشهيد " قال : سائق يسوقها ، وشاهد يشهد عليها بعملها .
وحدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " السائق من الملائكة ، والشاهد من أنفسهم : الأيدي ، والأرجل . والملائكة أيضا شهداء عليهم .
حدثني يونس قال : أخبرنا الن وهب قال : قال ابن زيد في قوله " سائق وشهيد " قال : ملك وكل به يحصي عليه عمله ، وملك يسوقه إلى محشرة حتى يوافي محشرة يوم القيامة .
واختلف أهل التأويل في المعني بهذه الآيات ، فقال بعضهم : عني بها النبي صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم : عني بها أهل الشرك ، وقال بعضهم : عني بها كل أحد .
ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهري قال : سألت زيد بن أسلم ، عن قول الله " وجاءت سكرة الموت بالحق " ... الآية ، إلى قوله " سائق وشهيد " ، فقلت له : من يراد بهذا ؟ فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له رسول الله ؟ فقال : ما تنكر ؟ قال الله عزوجل : ( ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى ) قال : ثم سألت صالح بن كيسان عنها ، فقال لي : هل سألت أحدا ؟ فقلت : نعم ، قد سألت عنها زيد بن أسلم ، فقال : ما قال لك ؟ فقلت : بل تخبرني ما تقول ، فقال : لأخبرنك برأيي الذي عليه رأيي ، فأخبرني ما قال لك ؟ قلت : قال : يراد بهذا رسول الله صلى الله عليه سولم ، فقال : وما علم زيد ؟ والله ما سن عالية ، ولا لسان فصيح ، ولا معرفة بكلام العرب ، إنما يراد بهذا الكافر . ثم قال : اقرأ ما بعدها يدلك على ذلك . قال : ثم سألت حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، فقال لي مثل ما قال صالح ، هل سألت أحدا فأخبرني به ، قلت : إني قد سألت زيد بن أسلم وصالح بن كيسان ، فقال لي : ما قالا لك؟ قلت : بل تخبرني بقولك ، قال : لأخبرنك بقولي ، فأخبرته بالذي قالا لي ، قال : أخالفهما جميعا ، يريد بها البر والفاجر قال الله : " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " قال : فانكشف الغطاء عن البر والفاجر ، فرأى كل ما يصير إليه .
حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " يعني المشركين .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : عني بها البر والفاجر ، لأن الله أتبع هذه الآيات قوله " ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه " والإنسان في هذا الموضع بمعنى : الناس كلهم ، غير مخصوص منهم بعض دون بعض . فمعلوم إ ذا كان ذلك كذلك أن معنى قوله " وجاءت سكرة الموت بالحق " وجاءتك أيها الإنسان سكرة الموت بالحق " ذلك ما كنت منه تحيد " وإذا كان ذلك كذلك كانت بينة صحة ما قلنا .
قوله تعالى : " وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " اختلف في السائق والشهيد فقال ابن عباس : السائق من الملائكة والشهيد من أنفسهم الأيدي والأرجل رواه العوفي عن ابن عباس وقال أبو هريرة السائق الملك والشهيد العمل . وقال الحسنوقتادةالمعنى سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها وقال ابن مسلمالسائق قرينها من الشياطين سمي سائقا لأنه يتبعها وإن لم يحثها وقال مجاهد السائق والشهيد ملكان . وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال وهو على المنبر : "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " سائق ملك يسوقها إلى أمر الله وشهيد يشهد عليها بعملها .
قلت : هذا أصح فـ"إن حديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن ابن آدم لفي غفلة عما خلقه الله عز وجل له إن الله لا إله غيره إذا أراد خلقه قال للملك اكتب رزقه وأثره وأجله واكتبه شقيا أو سعيدا ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله ملكا آخر فيحفظه حتى يدرك ثم يبعث الله ملكين يكتبان حسناته وسيئاته فإذا جاءه الموت ارتفع ذانك الملكان ثم جاء ملك الموت عليه السلام فيقبض روحه فإذا أدخل حفرته رد الروح في جسده ثم يرتفع ملك الموت ثم جاءه ملكا القبر فامتحناه ثم يرتفعان فإذا قامت الساعة انحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات فأنشطا كتابا معقودا في عنقه ثم حضرا معه واحد سائق والآخر شهيد ".ثم قال الله تعالى " لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد " "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتركبن طبقا عن طبق قال حالا بعد حال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم إن قدامكم أمرا عظيما فاستعينوا بالله العظيم "خرجه أبو نعيم الحافظ من حديث جعفر بن محمد بن علي عن جابر وقال فيه : هذا حديث غريب من حديث جعفر وحديث جابر تفرد به عنه جابر الجعفي وعنه المفضل . ثم في الآية قولان : أحدهما أنها عامة في المسلم والكافر وهو قول الجمهور . الثاني أنها خاصة في الكافر قاله الضحاك

يخبر تعالى عن قدرته على الإنسان بأنه خالقه وعلمه محيط بجميع أموره, حتى إنه تعالى يعلم ما توسوس به نفوس بني آدم من الخير والشر. وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "إن الله تعالى تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تقل أو تعمل" وقوله عز وجل: "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" يعني ملائكته تعالى أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه, ومن تأوله على العلم فإنما فر لئلا يلزم حلول أو اتحاد وهما منفيان بالإجماع, تعالى الله وتقدس, ولكن اللفظ لا يقتضيه فإنه لم يقل: وأنا أقرب إليه من حبل الوريد وإنما قال: "ونحن أقرب إليه من حبل الوريد" كما قال في المحتضر "ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون" يعني ملائكته وكما قال تبارك وتعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" فالملائكة نزلت بالذكر وهو القرآن بإذن الله عز وجل, وكذلك الملائكة أقرب إلى الإنسان من حبل وريده إليه بإقدار الله جل وعلا لهم على ذلك. فللملك لمة من الإنسان كما أن للشيطان لمة, وكذلك الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم, كما أخبر بذلك الصادق المصدوق ولهذا قال تعالى ههنا: "إذ يتلقى المتلقيان" يعني الملكين الذين يكتبان عمل الإنسان.
"عن اليمين وعن الشمال قعيد" أي مترصد "ما يلفظ" أي ابن آدم "من قول" أي ما يتكلم بكلمة "إلا لديه رقيب عتيد" أي إلا ولها من يرقبها معد لذلك يكتبها لا يترك كلمة ولا حركة كما قال تعالى: "وإن عليكم لحافظين * كراماً كاتبين * يعلمون ما تفعلون" وقد اختلف العلماء هل يكتب الملك كل شيء من الكلام. وهو قول الحسن وقتادة, أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس رضي الله عنهما, فعلى قولين وظاهر الاية الأول لعموم قوله تبارك وتعالى: "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد". وقد قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية, حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده علقمة عن بلال بن الحارث المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان صلى الله عليه وسلم تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم يلقاه, وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت, يكتب الله تعالى عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه" فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث, ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث محمد بن عمرو به, وقال الترمذي: حسن صحيح وله شاهد في الصحيح.
وقال الأحنف بن قيس: صاحب اليمين يكتب الخير وهو أمير على صاحب الشمال فإن أصاب العبد خطيئة قال له أمسك, فإن استغفر الله تعالى نهاه أن يكتبها وإن أبى كتبها, رواه ابن أبي حاتم, وقال الحسن البصري وتلا هذه الاية "عن اليمين وعن الشمال قعيد" يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان كريمان أحدهما عن يمينك والاخر عن شمالك, فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك, وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك, فاعمل ما شئت أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك وجعلت في عنقك معك في قبرك حتى يخرج يوم القيامة فعند ذلك يقول تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً" ثم يقول: عدل والله فيك من جعلك حسيب نفسك.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما "ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" قال: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى أنه ليكتب قوله أكلت شربت ذهبت جئت رأيت, حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر وألقي سائره, وذلك قوله تعالى: "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" وذكر عن الإمام أحمد أنه كان يئن في مرضه فبلغه عن طاوس أنه قال يكتب الملك كل شيء حتى الأنين فلم يئن أحمد حتى مات رحمه الله. وقوله تبارك وتعالى: "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" يقول عز وجل: وجاءت أيها الإنسان سكرة الموت بالحق أي كشفت لك عن اليقين الذي كنت تمتري فيه "ذلك ما كنت منه تحيد" أي هذا هو الذي كنت تفر منه قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص,
وقد اختلف المفسرون في المخاطب بقوله: "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو, وقيل الكافر, وقيل غير ذلك, وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان, أخبرنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه, عن جده علقمة بن وقاص قال: إن عائشة رضي الله عنها قالت: حضرت أبي رضي الله عنه وهو يموت, وأنا جالسة عند رأسه فأخذته غشية, فتمثلت ببيت من الشعر:
من لا يزال دمعه مقنعاً فإنه لا بد مرة مدفوق
قالت: فرفع رضي الله عنه رأسه فقال: يا بنية ليس كذلك ولكن كما قال تعالى: "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" وحدثنا خلف بن هشام, حدثنا أبو شهاب الخياط عن إسماعيل بن أبي خالد عن البهي قال: لما أن ثقل أبو بكر رضي الله عنه جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بهذا البيت:
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر
فكشف عن وجهه وقال رضي الله عنه: ليس كذلك, ولكن قولي "وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد" وقد أوردت لهذا الأثر طرقاً كثيرة في سيرة الصديق رضي الله عنه عند ذكر وفاته, وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول: "سبحان الله إن للموت لسكرات" وفي قوله: "ذلك ما كنت منه تحيد" قولان: (أحدهما) أن ما ههنا موصولة أي الذي كنت منه تحيد بمعنى تبتعد وتتناءى وتفر قد حل بك ونزل بساحتك (والقول الثاني) أن نافية بمعنى ذلك ما كنت تقدر على الفرار منه ولا الحيد عنه وقد قال الطبراني في المعجم الكبير: حدثنا مؤمل بن علي الصائغ المكي, حدثنا حفص عن ابن عمر الحدي, حدثنا معاذ بن محمد الهذلي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يفر من الموت مثل الثعلب تطلبه الأرض بدين, فجاء يسعى حتى إذا أعيى وأسهد دخل حجره وقالت له الأرض يا ثعلب ديني, فخرج وله حصاص فلم يزل كذلك حتى تقطعت عنقه ومات" ومضمون هذا المثل كما لا انفكاك له ولا محيد عن الأرض, كذلك الإنسان لا محيد له عن الموت.
وقوله تبارك وتعالى: "ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد" قد تقدم الكلام على حديث النفخ في الصور والفزع والصعق والبعث, وذلك يوم القيامة. وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن وحنى جبهته وانتظر أن يؤذن له" قالوا: يا رسول الله كيف نقول ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل" فقال القوم: حسبنا الله ونعم الوكيل "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد" أي ملك يسوقه إلى المحشر وملك يشهد عليه بأعماله هذا هو الظاهر من الاية الكريمة, وهو اختيار ابن جرير ثم روي من حديث إسماعيل بن أبي خالد عن يحيى بن رافع مولى لثقيف قال: سمعت عثمان بن عفان رضي الله عنه يخطب فقرأ هذه الاية "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد" فقال سائق يسوقها إلى الله تعالى وشاهد يشهد عليها بما عملت, وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد. وقال مطرف عن أبي جعفر مولى أشجع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: السائق الملك والشهيد العمل, وكذلك قال الضحاك والسدي, وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما: السائق من الملائكة والشهيد الإنسان نفسه, يشهد على نفسه, وبه قال الضحاك بن مزاحم أيضاً.
وحكى ابن جرير ثلاثة أقوال في المراد بهذا الخطاب في قوله تعالى: "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" (أحدها) أن المراد بذلك الكافر, رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما, وبه يقول الضحاك بن مزاحم وصالح بن كيسان. (والثاني) أن المراد بذلك كل أحد من بر وفاجر لأن الاخرة بالنسبة إلى الدنيا كاليقظة, والدنيا كالمنام, وهذا اختيار ابن جرير, ونقله عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. (والثالث) أن المخاطب بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وبه يقول زيد بن أسلم وابنه, والمعنى على قولهما: لقد كنت في غفلة من هذا القرآن قبل أن يوحى إليك, فكشفنا عنك غطاءك بإنزاله إليك فبصرك اليوم حديد, والظاهر من السياق خلاف هذا بل الخطاب مع الإنسان من حيث هو, والمراد بقوله تعالى: "لقد كنت في غفلة من هذا" يعني من هذا اليوم "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" أي قوي لأن كل أحد يوم القيامة يكون مستبصراً حتى الكفار في الدنيا, يكونون يوم القيامة على الاستقامة, لكن لا ينفعهم ذلك, قال الله تعالى: "أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا". وقال عز وجل: " ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ".
21- "وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد" أي جاءت كل نفس من النفوس معها من يسوقها ومن يشهد لها أو عليها.
واختلف في السائق والشهيد، فقال الضحاك: السائق من الملائكة، والشهيد من أنفسهم: يعني الأيدي والأرجل. وقال الحسن وقتادة: سائق يسوقها وشاهد يشهد عليها بعملها. وقال ابن مسلم: السائق قرينها من الشياطين، سمي سائقاً لأنه يتبعها وإن لم يحثها. وقال مجاهد: السائق والشهيد ملكان. وقيل السائق الملك والشهيد العمل، وقيل السائق كاتب السيئات، والشهيد كاتب الحسناب، ومحل الجملة النصب على الحال.
21. " وجاءت "، ذلك اليوم، " كل نفس معها سائق "، يسوقها إلى المحشر، " وشهيد "، يشهد عليها بما عملت، قال الضحاك : السائق من الملائكة، والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. وقال الآخرون: هما جنيعاً من الملائكة، فيقول الله:
21-" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد " ملكان أحدهما يسوقه والآخر يشهد بعمله ، أو ملك جامع للوصفين . وقيل السائق كاتب السيئات ، والشهيد كاتب الحسنات . وقيل السائق نفسه او قرينه والشهيد جوارحه أو أعماله ، ومحل " معها " النصب على الحال من كل لإضافته إلى ما هو في حكم المعرفة.
21. And every soul cometh, along with it a driver and a witness
21 - And there will come forth every soul: with each will be an (angel) to drive, and an (angel) to bear witness.