[المائدة : 16] يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
(يهدي به) أي بالكتاب (الله من اتبع رضوانه) بأن آمن (سبل السلام) طرق السلامة (ويخرجهم من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان (بإذنه) بإرادته (ويهديهم إلى صراط مستقيم) دين الإسلام
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره: يهدي بهذا الكتاب المبين الذي جاء من الله جل جلاله ، ويعني بقوله : "يهدي به الله"، يرشد به الله ويسدد به ، و (الهاء) في قوله: "به" عائدة على (الكتاب)، "من اتبع رضوانه"، يقول : من اتبع رضى الله.
واختلف في معنى (الرضى) من الله جل وعز.
فقال بعضهم : (الرضى منه بالشيء)، القبول له والمدح والثناء. قالوا : فهو قابل الإيمان ، ومزك له ، ومثن على المؤمن بالإيمان ، وواصف الإيمان بأنه نور وهدىً وفصل.
وقال آخرون: معنى (الرضى) من الله جل وعز، معنى مفهوم ، هو خلاف السخط ، وهو صفة من صفاته على ما يعقل من معاني: (الرضى) الذي هو خلاف السخط ، وليس ذلك بالمدح ، لأن المدح والثناء قول، وإنما يثنى ويمدح ما قد رضي . قالوا : فالرضى معنىً، و (الثناء) و (المدح) معنىً ليس به.
ويعني بقوله : (سبل السلام)، طرق السلام، و (السلام)، هو الله عز ذكره.
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط، عن السدي: "من اتبع رضوانه سبل السلام"، سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسله ، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملاً إلا به ، لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية.
قال أبو جعفر: يقول عز ذكره : يهدي الله بهذا الكتاب المبين ، من اتبع رضوان الله إلى سبل السلام وشرائع دينه ، "ويخرجهم"، يقول : ويخرج من اتبع رضوانه، و (الهاء والميم) في: "ويخرجهم" إلى من ذكر، "من الظلمات إلى النور"، يعني : من ظلمات الكفر والشرك ، إلى نور الإسلام وضيائه "بإذنه"، يعني: بإذن الله جل وعز. و (إذنه) في هذا الموضع : تحبيبه إياه الإيمان برفع طابع الكفر عن قلبه ، وخاتم الشرك عنه ، وتوفيقه لإبصار سبل السلام.
قال أبو جعفر: يعني عز ذكره بقوله: "ويهديهم"، ويرشدهم ويسددهم، "إلى صراط مستقيم"، يقول : إلى طريق مستقيم، وهو دين الله القويم الذي لا اعوجاج فيه.
" يهدي به الله من اتبع رضوانه " أي ما رضيه الله " سبل السلام " طرق السلامة الموصلة إلى دار السلامة المنزهة عن كل آفة، والمؤمنة من كل مخافة، وهي الجنة وقال الحسن والسدي: " السلام " الله عز وجل فالمعنى دين الله وهو الإسلام كما قال : " إن الدين عند الله الإسلام " [ آل عمران : 19] " ويخرجهم من الظلمات إلى النور " أي من ظلمات الكفر والجهالات إلى نور الإسلام والهدايات " بإذنه " أي بتوفيقه وإرادته.
يقول تعالى مخبراً عن نفسه الكريمة أنه قد أرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق إلى جميع أهل الأرض: عربهم وعجمهم, أميهم وكتابيهم, وأنه بعثه بالبينات والفرق بين الحق والباطل, فقال تعالى: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير" أي يبين ما بدلوه وحرفوه وأولوه, وافتروا على الله فيه, ويسكت عن كثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه. وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث الحسين بن واقد عن يزيد النحوي, عن عكرمة, عن ابن عباس رضي الله عنه, قال: من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب قوله "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب" فكان الرجم مما أخفوه, ثم قال: صحيح الإسناد, ولم يخرجاه . ثم أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على نبيه الكريم فقال " قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام " أي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة, "ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم" أي ينجيهم من المهالك, ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحذور, ويحصل لهم أحب الأمور, وينفي عنهم الضلالة, ويرشدهم إلى أقوم حالة .
والضمير في قوله: 16- "يهدي به" راجع إلى الكتاب أو إليه وإلى النور لكونهما كالشيء الواحد "من اتبع رضوانه" أي ما رضيه الله، و "سبل السلام" طرق السلامة من العذاب الموصلة إلى السلام المنزهة عن كل آفة، وقيل المراد بالسلام: الإسلام "ويخرجهم من الظلمات" الكفرية "إلى النور" الإسلامي "ويهديهم إلى صراط مستقيم" إلى طريق يتوصلون بها إلى الحق لا عوج فيها ولا مخافة.
وقد أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: "رسولنا" قال: هو محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن جرير أيضاً عن عكرمة قال: "إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال: أيكم أعلم؟ فأشاروا إلى ابن صوريا، فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى والذي رفع الطور بالمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل، فقال: إنه لما كثير فينا جلدنا مائة جلدة وحالقنا الرؤوس، فحكم عليهم بالرجم، فنزلت هذه الآية". وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: " ويعفو عن كثير " يقول عن كثير من الذنوب. وأخرج ابن جرير عن السدي قال: "سبل السلام" هي سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه وابتعث به رسله: وهو الإسلام.
16-" يهدي به الله من اتبع رضوانه "، رضاه، " سبل السلام "، قيل السلام هو الله عز وجل ، وسبيله دينه الذي شرع لعباده، وبعث به رسله ، وقيل : السلام هو السلامة ، كاللذاذ واللذاذة بمعنى واحد، والمراد به طرق السلامة، " و يخرجهم من الظلمات إلى النور "، أي : من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، " بإذنه "،بتوفيقه وهدايته، " ويهديهم إلى صراط مستقيم "، / وهو الإسلام.
16" يهدي به الله " وحد الضمير لأن المراد بهما واحد، أو لأنهما كواحد في الحكم. " من اتبع رضوانه " من اتبع رضاه بالإيمان منهم. " سبل السلام " طرق السلامة من العذاب، أو سبل الله. " ويخرجهم من الظلمات إلى النور " من أنواع الكفر إلى الإسلام. " بإذنه " بإرادته وتوفيقه. " ويهديهم إلى صراط مستقيم " طريق هو أقرب الطرق إلى الله سبحانه وتعالى ومؤد إليه لا محالة.
16. Whereby Allah guideth him who seeketh His good pleasure unto paths of peace. He bringeth them out of darkness unto light by His decree, and guideth them unto a straight path.
16 - Wherewith God guideth all who seek his good pleasure to ways of peace and safety, and leadeth them out of darkness, by his will, unto the light, guideth them to a path that is straight.