[محمد : 3] ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ
3 - (ذلك) إضلال الأعمال وتكفير السيئات (بأن) بسبب أن (الذين كفروا اتبعوا الباطل) الشيطان (وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق) القرآن (من ربهم كذلك) مثل ذلك البيان (يضرب الله للناس أمثالهم) يبين أحوالهم أي فالكافر يحبط عمله والمؤمن يغفر ذلله
يقول تعالى ذكره : هذا الذي فعلنا به بن الفريقين من إضلالنا أعمال الكافرين ، وتكفيرنا عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، جزاء منا لكل فريق منهم على فعله . أما الكافرون فأضللنا أعمالهم وجعلناهاعلى غير استقامة وهدى ، بأنهم اتبعوا الشيطان فأطاعوه ، وهو الباطل .
كما حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة وعباس بن محمد قالا : ثنا حجاج بن محمد قال : قال ابن جريح : أخبرني خالد أنه سمع مجاهد يقول " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل " قال : الباطل : الشيطان . وأما المؤمنون فكفرنا عنهم سيئاتهم ، وأصلحنا لهم حالهم بأنهم اتبعوا الحق الذي جاءهم من ربهم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند ربه من النور و البرهان " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم " يقول عزوجل : كما بينت لكم أيها الناس فعلي بفريق الكفر و الإيمان ، كذلك نمثل للناس الأمثال ، ونشبه لهم الأشباه ، فنلحق بكل قوم من الأمثال أشكالاً .
قوله تعالى : " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم " ( ذلك ) في موضع رفع ، أي الأمر ذلك ، أو ذلك الإضلال والهدى المتقدم ذكرهما سببه هذا ، فالكافر اتبع الباطل ، والمؤمن اتبع الحق ، والباطل : الشرك ، والحق : التوحيد والإيمان ، " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم " أي كهذا البيان الذي بين الله للناس أمر الحسنات والسيئات ، والضمير في ( أمثالهم ) يرجع إلى الذين كفروا والذين آمنوا .
يقول تعالى: "الذين كفروا" أي بآيات الله "وصدوا" غيرهم "عن سبيل الله أضل أعمالهم" أي أبطلها وأذهبها ولم يجعل لها ثواباً ولا جزاء كقوله تعالى: "وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً" ثم قال جل وعلا: "والذين آمنوا وعملوا الصالحات" أي آمنت قلوبهم وسرائرهم وانقادت لشرع الله جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم "وآمنوا بما نزل على محمد" عطف خاص على عام وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلى الله عليه وسلم. وقوله تبارك وتعالى: "وهو الحق من ربهم" جملة معترضة حسنة ولهذا قال جل جلاله: "كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم" قال ابن عباس رضي الله عنهما: أي أمرهم. وقال مجاهد: شأنهم. وقال قتادة وابن زيد: حالهم والكل متقارب. وقد جاء في حديث تشميت العاطس "يهديكم الله ويصلح بالكم" ثم قال عز وجل: "ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل" أي إنما أبطلنا أعمال الكفار. وتجاوزنا عن سيئات الأبرار, وأصلحنا شؤونهم لأن الذين كفروا اتبعوا الباطل أي اختاروا الباطل على الحق "وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم" أي يبين لهم مآل أعمالهم, وما يصيرون إليه في معادهم, والله سبحانه وتعالى أعلم.
والإشارة بقوله: 3- "ذلك" إشارة إلى ما مر مما أوعد به الكفار ووعد به المؤمنين، وهو مبتدأ خبره ما بعده. وقيل إنه خبر مبتدأ محذوف: أي الأمر ذلك بـ سبب "أن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم" فالباطل الشرك، والحق التوحيد والإيمان، والمعنى: أن ذلك الإضلال لأعمال الكافرين بسبب اتباعهم الباطل من الشرك بالله والعمل بمعاصيه، وذلك التكفير لسيئات المؤمنين وإصلاح بالهم بسبب اتباعهم للحق الذي أمر الله باتباعه من التوحيد والإيمان وعمل الطاعات "كذلك يضرب الله للناس أمثالهم" أي مثل ذلك الضرب بين للناس أمثالهم: أي أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة. قال الزجاج: "كذلك يضرب" بين الله للناس أمثال حسنات المؤمنين وإضلال أعمال الكافرين: يعني أن من كان كافراً أضل الله عمله، ومن كان مؤمناً كفر الله سيئاته.
3. " ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل "، الشيطان، " وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم "، يعني القرآن " كذلك يضرب الله للناس أمثالهم "، أشكالهم، قال الزجاج : كذلك يبين الله أمثال حسنات المؤمنين، وإضلال أعمال الكافرين.
3-" ذلك " إشارة إلى ما مر من الضلال والتكفير والإصلاح وهو مبتدأ خبره " بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم " بسبب اتباع هؤلاء الباطل واتباع هؤلاء الحق ، وهذا تصريح بما أشعر به ما قبلها ولذلك سمي تفسيراً . " كذلك " مثل ذلك الضرب . " يضرب الله للناس " يبين لهم " أمثالهم " أحوال الفريقين أو أحوال الناس ، أو يضرب أمثالهم بأن جعل اتباع الباطل مثلاً لعمل الكفار والإضلال مثلاً لخيبتهم واتباع الحق مثلاً للمؤمنين ، وتكفير السيئات مثلاً لفوزهم .
3. That is because those who disbelieve follow falsehood and because those who believe follow the truth from their Lord. Thus Allah coineth their similitudes for mankind.
3 - This because those who reject God follow vanities, while those who believe follow the Truth from their Lord: thus does God set forth for men their lessons by similitudes.