[الشوري : 34] أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ
34 - (أو يوبقهن) عطف على يسكن أي يغرقهن بعصف الريح بأهلهن (بما كسبوا) أي أهلهن من الذنوب (ويعف عن كثير) منها فلا يغرق أهله
يقول تعالى ذكره : أو يوبق هذه الجواري في البحر بما كسبت ركبانها من الذنوب ، واجترموا من الآثام . وجزم يوبقهن ، عطفاً على " يسكن الريح " ومعنى الكلام إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ، " أو يوبقهن " ويعني بقوله : " يوبقهن " أو يهلكهن بالغرق .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثنا معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : " أو يوبقهن " يقول : يهلكهن .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " أو يوبقهن " : أو يهلكهن .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " أو يوبقهن " قال : يغرقهن بما كسبوا .
وبنحو الذي قلنا في قوله : " بما كسبوا " قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " أو يوبقهن بما كسبوا " : أي بذنوب أهلها .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " أو يوبقهن بما كسبوا " قال : بذنوب أهلها .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " أو يوبقهن بما كسبوا " قال : يوبقهن بما كسبت أصحابهن .
وقوله : " ويعف عن كثير " يقول : ويصفح تعالى ذكره عن كثير من ذنوبكم فلا يعاقب عليها .
قوله تعالى : " أو يوبقهن بما كسبوا " أي وإن يشأ يجعل الرياح عواصف فيوبق السفن ، أي يغرقهن بذنوب أهلها ، وقيل : يوبق أهل السفن ، " ويعف عن كثير " من أهلها فلا يغرقهم معها ، حكاه الماوردي ، وقيل : (( ويعفو عن كثير )) أي ويتجاوز عن كثير من الذنوب فينجيهم الله من الهلاك ، قال القشيري : والقراءة الفاشية (( ويعف )) بالجزم ، وفيها إشكال ، لأن المعنى : إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد ويهلكها بذنوب أهلها ، فلا يحسن عطف (( يعف )) على هذا لأنه يصير المعنى : إن يشأ يعف ، وليس المعنى ذلك بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة ، فهو إذاً عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى ، وقد قرأ قوم (( ويعفو )) بالرفع ، وهي جيدة في المعنى .
يقول تعالى ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة وسلطانه تسخيره البحر لتجري فيه الفلك بأمره وهي الجواري في البحر كالأعلام أي كالجبال, قاله مجاهد والحسن والسدي والضحاك: أي هذه في البحر كالجبال في البر "إن يشأ يسكن الريح" أي التي تسير في البحر بالسفن لو شاء لسكنها حتى لا تحرك السفن بل تبقى راكدة لا تجيء ولا تذهب بل واقفة على ظهره أي على وجه الماء " إن في ذلك لآيات لكل صبار " أي في الشدائد "شكور" أي إن في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم لدلالات على نعمه تعالى على خلقه لكل صبار أي في الشدائد شكور في الرخاء. وقوله عز وجل "أو يوبقهن بما كسبوا" أي ولو شاء لأهلك السفن وغرقها بذنوب أهلها الذين هم راكبون فيها "ويعف عن كثير" أي من ذنوبهم ولو آخذهم بجميع ذنوبهم لأهلك كل من ركب البحر.
وقال بعض علماء التفسير معنى قوله تعالى: "أو يوبقهن بما كسبوا" أي لو شاء لأرسل الريح قوية عاتية فأخذت السفن وأحالتها عن سيرها المستقيم فصرفتها ذات اليمين أو ذات الشمال آبقة لا تسير على طريق ولا إلى جهة مقصد, وهذا القول يتضمن هلاكها وهو مناسب للأول وهو أنه تعالى لو شاء لسكن الريح فوقفت أو لقواه فشردت وأبقت وهلكت, ولكن من لطفه ورحمته أنه يرسله بحسب الحاجة كما يرسل المطر بقدر الكفاية ولو أنزله كثيراً جداً لهدم البنيان أو قليلاً لما أنبت الزرع والثمار حتى إنه يرسل إلى مثل بلاد مصر سيحاً من أرض أخرى غيرها لأنهم لا يحتاجون إلى مطر ولو أنزل عليهم لهدم بنيانهم وأسقط جدرانهم, وقوله تعالى: "ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص" أي لا محيد لهم عن بأسنا ونقمتنا فإنهم مقهورون بقدرتنا.
34- "أو يوبقهن بما كسبوا" معطوف على يسكن: أي يهلكهن بالغرق، والمراد أهلهن بما كسبوا من الذنوب. وقيل بما أشركوا. والأول أولى، فإنه يهلك في البحر المشرك وغير المشرك، يقال أوبقه: أي أهلكه "ويعف عن كثير" من أهلها بالتجاوز عن ذنوبهم فينجيهم من الغرق. قرأ الجمهور "يعف" بالجزم عطفاً على جواب الشرط. قال القشيري: وفي هذه القراءة إشكال لأن المعنى: إن يشأ يسكن الريح فتبقى تلك السفن رواكد أو يهلكها بذنوب أهلها فلا يحسن عطف يعف على هذا، لأنه يصير المعنى: إن يشأ يعف وليس المعنى ذلك، بل المعنى الإخبار عن العفو من غير شرط المشيئة فهو إذن عطف على المجزوم من حيث اللفظ لا من حيث المعنى، وقد قرأ قوم ويعفو بالرفع وهي جيدة في المعنى. قال أبو حيان: وما قاله ليس بجيد إذ لم يفهم مدلول التركيب، والمعنى: إلا أنه تعالى أهلك ناساً وأنجى ناساً على طريق العفو عنهم، وقرأ الأعمش ويعفو بالرفع، وقرأ بعض أهل المدينة بالنصب بإضمار أن بعد الواو كما في قول النابغة:
فإن يهلك أبو قابوس يهلك ربيع الناس والشهر الحرام
وتأخذ بعـده بذنـاب عيـش أجب الظهر ليس له سـنام
بنصب وتأخذ.
34. " أو يوبقهن "، يهلكهن ويغرقهن، " بما كسبوا "، أي: بما كسبت ركبانها من الذنوب، " ويعف عن كثير "، من ذنوبهم [فلا يعاقب عليها].
34-" أو يوبقهن " أو يهلكهن بإرسال الريح العاصفة المغرقة ، والمراد إهلاك أهلها لقوله تعالى : " بما كسبوا " وأصله أو يرسلها فيوبقهن لأنه قسيم يسكن فاقتصر فيه على المقصود كما في قوله تعالى : " ويعف عن كثير " إذ المعنى أو يرسلها فيوبق ناساً بذنوبهم وينج ناساً على العفو منهم ، وقرئ ويعفو على الاستئناف .
34. Or he causeth them to perish on account of that which they have earned And He forgiveth much
34 - Or He can cause them to perish because of the (evil) which (the men) have earned; but much doth He forgive.