[الشوري : 12] لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
12 - (له مقاليد السماوات والأرض) مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وغيرهما (يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء) امتحانا (ويقدر) يضيقه لمن يشاء ابتلاء (إنه بكل شيء عليم)
يعني تعالى ذكره بقول : " له مقاليد السماوات والأرض " له مفاتيح خزائن السموات والأرض وبيده مغاليق الخير والشر ومفاتيحها ، فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " له مقاليد السماوات والأرض " قال : مفاتيح بالفارسية .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة " له مقاليد السماوات والأرض " قال : مفاتيح السماوات والأرض . وعن الحسن بمثل ذلك .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " له مقاليد السماوات والأرض " قال : خزائن السماوات والأرض .
وقوله : " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " يقول : يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه ، ويبسط له ، ويكثر ماله ويغنيه . ويقدر : ويقتر على من يشاء منهم فيضيقه ويفقره " إنه بكل شيء عليم " يقول : إن الله تبارك وتعالى بكل ما يفعل من توسيعه على من يوسع ، وتقتيره على من يقتر ، ومن الذي يصلحه البسط عليه في الرزق ، ويفسده من خلقه ، والذي يصلحه التقتير عليه ويفسده ، وغير ذلك من الأمور ، ذو علم لا يخفى عليه موضع البسط والتقتير وغيره ، من صلاح تدبير خلقه .
يقول تعالى ذكره : فإلى من له مقاليد السماوات والأرض الذي صفته ما وصفت لكم في هذه الآيات أيها الناس فارغبوا ، وإياه فاعبدوا مخلصين له الدين لا الأوثان والآلهة والأصنام ، التي لا تملك لكم ضراً ولا نفعاً .
قوله تعالى : " له مقاليد السماوات والأرض " تقدم في (( الزمر )) بيانه ، النحاس : والذي يملك المفاتيح يملك الخزائن ، يقال للمفتاح : إقليد ، وجمعه على غير قياس ، كمحاسن والواحد حسن " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم " تقدم أيضاً في غير موضع .
يقول تعالى منكراً على المشركين في اتخاذهم آلهة من دون الله ومخبراً أنه هو الولي الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له وحده فإنه هو القادر على إحياء الموتى وهو على كل شيء قدير, ثم قال عز وجل: "وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله" أي مهما اختلفتم فيه من الأمور وهذا عام في جميع الأشياء "فحكمه إلى الله" أي هو الحاكم فيه بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كقوله جل وعلا: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول" "ذلكم الله ربي" أي الحاكم في كل شيء "عليه توكلت وإليه أنيب" أي أرجع في جميع الأمور, وقوله جل جلاله: "فاطر السموات والأرض" أي خالقهما وما بينهما "جعل لكم من أنفسكم أزواجاً" أي من جنسكم وشكلكم منة عليكم وتفضلاً جعل من جنسكم ذكراً وأنثى "ومن الأنعام أزواجاً" أي وخلق لكم من الأنعام ثمانية أزواج. وقوله تبارك وتعالى: "يذرؤكم فيه" أي يخلقكم فيه أي في ذلك الخلق على هذه الصفة لا يزال يذرؤكم فيه ذكوراً وإناثاً خلقاً من بعد خلق وجيلاً بعد جيل ونسلاً بعد نسل من الناس والأنعام وقال البغوي يذرؤكم فيه أي في الرحم وقيل في البطن وقيل في هذا الوجه من الخلقة. قال مجاهد نسلاً من الناس والأنعام, وقيل في بمعنى الباء أي يذرؤكم به "ليس كمثله شيء" أي ليس كخالق الأزواج كلها شيء لأنه الفرد الصمد الذي لا نظير له "وهو السميع البصير". وقوله تعالى: "له مقاليد السموات والأرض" تقدم تفسيره في سورة الزمر وحاصل ذلك أنه المتصرف الحاكم فيهما "يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" أي يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء وله الحكمة والعدل التام "إنه بكل شيء عليم".
12- "له مقاليد السموات والأرض" أي خزائنهما أو مفاتيحهما، وقد تقدم تحقيقه في سورة الزمر، وهي جمع إقليد، وهو المفتاح جمع على خلاف القياس. قال النحاس: والذي يملك المفاتيح يملك الخزائن. ثم لما ذكر سبحانه أن بيده مقاليد السموات ذكر بعده البسط والقبض فقال: "يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر" أي يوسعه لمن يشاء من خلقه ويضيقه على من يشاء "إنه بكل شيء" من الأشياء "عليم" فلا تخفى عليه خافية، وإحاطة علمه بكل شيء يندرج تحتها علمه بطاعة المطيع ومعصية العاصي، فهو يجازي كلاً بما يستحقه من خير وشر.
وقد أخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن عمرو قال:" خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان، فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا لا، إلا أن تخبرنا يا رسول الله، قال: للذي في يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم، ثم قال للذي في شماله: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم، ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً، فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله إن كان أمر قد فرغ منه؟ فقال: سددوا وقاربوا، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أن عمل، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل له. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه فنبذهما، ثم قال: فرغ ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير". قال الترمذي بعد إخراجه: حديث حسن صحيح غريب. وروى ابن جرير طرفاً منه عن ابن عمرو موقوفاً عليه. قال ابن جرير: وهذا الموقوف أشبه بالصواب. قلت: بل المرفوع أشبه بالصواب، فقد رفعه الثقة ورفعه زيادة ثابتة من وجه صحيح. ويقوي الرفع ما أخرجه ابن مردويه عن البراء. قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده كتاب ينظر فيه قالوا انظروا إليه كيف وهو أمي لا يقرأ، قال: فعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء قبائلهم لا يزاد منهم ولا ينقص منهم، وقال: فريق في الجنة، وفريق في السعير فرغ ربكم من أعمال العباد".
12. " له مقاليد السموات والأرض "، مفاتيح الرزق في السموات والأرض. قال الكلبي : المطر والنبات. " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر "، لأن مفاتيح الرزق بيده، " إنه بكل شيء عليم ".
12-" له مقاليد السموات والأرض " خزائنها . " يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر " يوسع ويضيق على وقف مشيئته . " إنه بكل شيء عليم " فيفعله على ما ينبغي .
12. His are the keys of the heavens and the earth. He enlargeth providence for whom He will and straiteneth (it for whom He will). Lo! He is Knower of all things.
12 - To Him belong the keys of the heavens and the earth: He enlarges and restricts. The Sustenance to whom He will: for He knows full well all things.