[الشوري : 1] حم
1 - (حم) الله أعلم بمراده به
قد ذكرنا اختلاف أهل التأويل في معاني حروف الهجاء التي افتتحت بها أوائل ما افتتح بها من سور القرآن ، وبينا الصواب من قولهم في ذلك عندنا بشواهده المغنية عن إعادتها في هذا الموضع ، إذ كانت هذه الحروف نظيرة الماضية منها .
وقد ذكرنا عن حذيفة في معنى هذه خاصة قولاً ، وهو ما :
حدثنا به أحمد بن زهير ، قال : ثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، قال : ثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الحمصي ، عن ارطأة بن المنذر قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال له وعنده حذيفة بن اليمان : أخبرني عن تفسير قوله الله " حم * عسق " ، قال : فأطرق ثم أعرض عنه ، ثم كرر مقالته فأعرض فلم يجبه بشيء وكره مقالته ، ثم كررها الثالثة فلم يجبه شيئاً ، فقال له حذيفة : أنا أنبئك بها قد عرفت بم كرهها ، نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق ، تبنى عليه مدينتان يشق النهر بينهما سوداء مظلمة قد احترقت ، كأنها لم تكن مكانها ، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عند منهم ، ثم يخسف الله بها وبهم جميعاً ، فذلك قوله : " حم * عسق " يعني : عزيمة من الله وفتنة وقضاء حم عين ، يعني عدلاً منه ، سين يعني سيكون ، وقاف يعني واقع بهاتين المدينتين .
وذكر عن ابن عباس أنه كان يقرؤه < حم * سق > بغير عين ، ويقول : إن السين : عمر كل فرقة كائنة وإن القاف : كل جماعة كائنة ، ويقول : إن علياً إنما كان يعلم العين بها . وذكر أن ذلك في مصحف عبد الله على مثل الذي ذكر عن ابن عباس من قراءته من غير عين .
مكية في قول الحسن و عكرمة و عطاء و جابر وقال ابن عباس و قتادة : إلا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة : " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " إلى آخرها ، وهي ثلاث وخمسون آية
قوله تعالى : " حم " .
تفسير سورة الشورى
وهي مكية بسم الله الرحمـن الرحيم
قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة. وقد روى ابن جرير ههنا أثراً غريباً عجيباً منكراً فقال: أخبرنا أحمد بن زهير حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي حدثنا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج عن أرطأة بن المنذر قال: جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال له وعنده حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه: أخبرني عن تفسير قول الله تعالى: " حم * عسق " قال فأطرق ثم أعرض عنه ثم كرر مقالته فأعرض عنه فلم يجبه بشيء وكره مقالته, ثم كررها الثالثة فلم يحر إليه شيئاً فقال له حذيفة رضي الله عنه: أنا أنبئك بها قد عرفت لم كرهها ونزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق تبنى عليه مدينتان يشق النهر بينهما شقاً فإذا أذن الله تبارك وتعالى في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله عز وجل على إحداها ناراً ليلاً فتصبح سوداء مظلمة وقد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها متعجبة كيف أفلتت ؟ فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم ثم يخسف الله بها وهم جميعاً فذلك قوله تعالى: " حم * عسق " يعني عزيمة من الله تعالى وفتنة وقضاء حم عين يعني عدلاً منه سين: يعني سيكون ق: يعني واقع بهاتين المدينتين وأغرب منه ما رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في الجزء الثاني من مسند ابن عباس رضي الله عنه عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ولكن إسناده ضعيف جداً ومنقطع فإنه قال: حدثنا أبو طالب عبد الجبار بن عاصم حدثنا أبو عبد الله الحسن بن يحيى الخشني الدمشقي عن أبي معاوية قال: صعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه المنبر فقال: أيها الناس هل سمع منكم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر " حم * عسق " فوثب ابن عباس رضي الله عنه فقال أنا, قال حم اسم من أسماء الله تعالى, قال فعين ؟ قال عاين المولون عذاب يوم بدر, قال فسين ؟ قال سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون, قال فقاف ؟ فسكت فقام أبو ذر ففسر كما قال ابن عباس رضي الله عنهما وقال قاف قارعة من السماء تغشى الناس. وقوله عز وجل: " كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم " أي كما أنزل إليك هذا القرآن كذلك أنزل الكتب والصحف على الأنبياء قبلك. وقوله تعالى: " الله العزيز" أي في انتقامه "الحكيم" في أقواله وأفعاله.
قال الإمام مالك رحمه الله عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال, وأحياناً يأتيني الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول" قالت عائشة رضي الله عنها فلقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه صلى الله عليه وسلم ليتفصد عرقاً. أخرجاه في الصحيحين ولفظه للبخاري. وقد رواه الطبراني عن عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه عن عامر بن صالح عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها عن الحارث بن هشام أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ينزل عليك الوحي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "في مثل صلصلة الجرس فيفصم عني وقد وعيت ما قال ـ وقال ـ وهو أشده علي ـ قال ـ وأحياناً يأتيني الملك فيتمثل لي فيكلمني فأعي ما يقول". وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله هل تحس بالوحي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أسمع صلاصل ثم أسكت عند ذلك فما من مرة يوحى إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض" تفرد به أحمد, وقد ذكرنا كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول شرح البخاري بما أغنى عن إعادته ههنا ولله الحمد والمنة. وقوله تبارك وتعالى: "له ما في السموات وما في الأرض" أي الجميع عبيد له وملك له تحت قهره وتصريفه "وهو العلي العظيم" كقوله تعالى: "الكبير المتعال" "وهو العلي الكبير" والايات في هذا كثيرة. وقوله عز وجل: "تكاد السموات يتفطرن من فوقهن" وقال ابن عباس رضي الله عنهما والضحاك وقتادة والسدي وكعب الأحبار أي فرقاً من العظمة "والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض" كقوله جل وعلا: "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً" وقوله جل جلاله: "ألا إن الله هو الغفور الرحيم" إعلام بذلك وتنويه به, وقوله سبحانه وتعالى: "والذين اتخذوا من دونه أولياء" يعني المشركين "الله حفيظ عليهم" أي شهيد على أعمالهم يحصيها ويعدها عداً, وسيجزيهم بها أوفر الجزاء "وما أنت عليهم بوكيل" أي إنما أنت نذير والله على كل شيء وكيل.
هي ثلاث وخمسون آية، وهي مكية كلها.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: نزلت " حم * عسق " بمكة. وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وكذا قال الحسن وعكرمة وعطاء وجابر. وروي عن ابن عباس وقتادة أنها مكية إلا أربع آيات منها أنزلت بالمدينة "قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى" إلى آخرها. وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ونعيم بن حماد والخطيب عن أرطأة بن المنذر قال: جاء رجل إلى ابن عباس وعنده حذيفة بن اليمان فقال: أخبرني عن تفسير حم عسق، فأعرض عنه، ثم كرر مقالته فأعرض عنه وكرر مقالته، ثم كررها الثالثة فلم يجبه، فقال له حذيفة: أنا أنبئك بها لم كرهها؟ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله أو عبد الله ينزل على نهر من أنهار المشرق، يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقاً، يجتمع فيهما كل جبار عنيد، فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على إحداهما ناراً ليلاً فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها، وتصبح صاحبتها متعجبة كيف افتلتت، فما هو إلا بياض يومها ذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم، ثم يخسف الله بها وبهم جميعاً، فذلك قوله: " حم * عسق " يعني عزيمة من الله وفتنة وقضاء جمع: يعني عدلاً منه، سين: يعني سيكون، ق لهاتين المدينتين. أقول: هذا الحديث لا يصح ولا يثبت وما أظنه إلا من الموضوعات المكذوبات، والحامل لواضعه عليه ما يقع لكثير من الناس من عداوة الدول والحط من شأنهم والإزراء عليهم. وأخرج أبو يعلى وابن عساكر قال السيوطي بسند ضعيف: قلت: بل بسند موضوع ومتن مكذوب عن أبي معاوية قال: صعد عمر بن الخطاب المنبر فقال: أيها الناس هل سمع منكم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر حم عسق فوثب ابن عباس فقال: إن حم اسم من أسماء الله، قال: فعين قال: عاين المذكور عذاب يوم بدر، قال: فسين، قال: "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون" قال: فقاف فسكت، فقام أبو ذر ففسر كما قال ابن العباس وقال: قاف قارعة من السماء تصيب الناس. قال ابن كثير في الحديث الأول: إنه غريب عجيب منكر، وفي الحديث الثاني: إنه أغرب من الحديث الأول. وعندي أنهما موضوعان مكذوبان.
قوله: 1- "حم".
1. مكية، " حم "
1-" حم " .
Surah 42. Ash-Shura
1. Ha. Mim.
SURA 42: SHURA
1 - Ha Mim;