[فصلت : 51] وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ
51 - (وإذا أنعمنا على الإنسان) الجنس (أعرض) عن الشكر (ونأى بجانبه) ثنى عطفه متبخترا وفي قراءة بتقديم الهمزة (وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض) كثير
يقول تعالى ذكره : وإذا نحن أنعمنا على الكافر ، فكشفنا ما به من ضر ، ورزقناه غنى وسعة ، ووهبنا له صحة جسم وعافية ، أعرض عما دعوناه إليه من طاعته ، وصد عنه " ونأى بجانبه " يقول : وبعد من إجابتنا إلى ما دعوناه إليه . ويعني بجانبه بناحيته .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، في قوله : " أعرض ونأى بجانبه " يقول : أعرض : صد بوجهه ، ونأى بجانبه ، يقول : تباعد .
وقوله : " وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض " يعني بالعريض : الكثير .
كما حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " فذو دعاء عريض " يقول : كثير ، وذلك قول الناس : أطال فلان الدعاء : إذا أكثر ، وكذلك أعرض دعاءه .
قوله تعالى : " وإذا أنعمنا على الإنسان " يريد الكافر " أعرض ونأى بجانبه " وقال ابن عباس : يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف أعرضوا عن الإسلام وتباعدوا عنه . ومعنى ( نآى بحانبه ) أي برفع عن الأنقياد إلى الحق وتكبر على أنبياء الله . وقيل : (نآى) تباعد . ويقال : نأيته ونأيت عنه نأياً بمعنى تباعدت عنه وأنايته فانتأى : أبعدته فبعد ، وتناؤوا تباعدوا ، والمنتأى الموضع البعيد ، قال النابغة :
فإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وقرأ يزيد بن القعقاع و( ناء بجانبه ) بالألف قبل الهمزة . وفيجوز أن يكون من (ناء ) إذا نهض . ويجوز أن يكون على قلب الهمزة بمعنى الأول . "وإذا مسه الشر " أي أصابه المكروه " فذو دعاء عريض " كثير ، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة. يقال : أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء إذا أكثر . وقال ابن عباس : ( فذو دعاء عريض ) فذو تضرع واستغاثة . والكافر يعرف ربه في البلاء ولا يعرفه في الرخاء .
يقول تعالى لا يمل الإنسان من دعاء ربه بالخير وهو المال وصحة الجسم وغير ذلك فإن مسه الشر وهو البلاء أو الفقر " فيؤوس قنوط " أي يقع في ذهنه أنه لا يتهيأ له بعد هذا خير "ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي" أي إذا أصابه خير ورزق بعد ما كان في شدة ليقولن هذا لي إني كنت أستحقه عند ربي "وما أظن الساعة قائمة" أي يكفر بقيام الساعة أي لأجل أنه خول نعمة يبطر ويفخر ويكفر كما قال تعالى: "كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى" "ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى" أي ولئن كان ثم معاد فليحسنن إلي ربي كما أحسن إلي في هذه الدار, يتمنى على الله عز وجل مع إساءته العمل وعدم اليقين قال الله تبارك وتعالى: "فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ" يتهدد تعالى من كان هذا عمله واعتقاده بالعقاب والنكال ثم قال تعالى: "وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه" أي أعرض عن الطاعة واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عز وجل كقوله جل جلاله: "فتولى بركنه" "وإذا مسه الشر" أي الشدة "فذو دعاء عريض" أي يطيل المسألة في الشيء الواحد فالكلام العريض ما طال لفظه وقل معناه والوجيز عكسه وهو ما قل ودل وقد قال تعالى: "وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه" الاية.
51- "وإذا أنعمنا على الإنسان" أي على هذا الجنس باعتبار غالب أفراده "أعرض" عن الشكر "ونأى بجانبه" أي ترفع عن الانقياد للحق وتكبر وتجبر، والجانب هنا مجاز عن النفس، ويقال نأيت وتناءيت: أي بعدت وتباعدت، والمنتأى: الموضع البعيد. ومنه قول النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مدركي وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
وقرأ يزيد بن القعقاع " ونأى بجانبه " بالألف قبل الهمزة "وإذا مسه الشر" أي البلاء والجهد والفقر والمرض"فذو دعاء عريض" أي كثير، والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة مجازاً، يقال أطال فلان في الكلام وأعرض في الدعاء: إذا أكثر، والمعنى: أنه إذا مسه الشر تضرع إلى الله واستغاث به أن يكشف عنه ما نزل به واستكثر من ذلك، فذكره في الشدة ونسيه في الرخاء واستغاث به عند نزول النقمة وتركه عند حصول النعمة، وهذا صنيع الكافرين ومن كان غير ثابت القدم من المسلمين.
51. " وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض "، كثير والعرب تستعمل الطول والعرض في الكثرة، فيقال: أطال فلان الكلام والدعاء وأعرض، أي: أكثر.
51-" وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض " عن الشكر . " ونأى بجانبه " وانحراف عنه أو ذهب بنفسه وتباعد عنه بكليته تكبراً ، والجانب مجاز عن النفس كالجنب في قوله : " في جنب الله " . " وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض " كثير مستعار مما له عرض متسع للإشعار بكثرته واستمراره ، وهو أبلغ من الطويل إذ الطول الامتدادين ، فإذا كان عرضه كذلك فما ظنك بطوله ؟
51. When We show favor unto man, he withdraweth and turneth aside, but when ill toucheth him then he aboundeth in prayer.
51 - When We bestow favours on man, he turns away, and gets himself remote on his side (instead of coming to Us); and when Evil seizes him, (he comes) full of prolonged prayer!