[فصلت : 43] مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ
43 - (ما يقال لك) من التكذيب (إلا) مثل (ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة) للمؤمنين (وذو عقاب أليم) للكافرين
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ما يقول لك هؤلاء المشركون المكذبون ما جئتهم به من عند ربك إلا ما قد قاله من قبلهم من الأمم لرسلهم الذين كانوا من قبلك ، يقول له : فاصبر على منا نالك من أذى منهم ، كما صبر أولو العزم من الرسل ، " ولا تكن كصاحب الحوت " [ القلم : 48 ] .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم كما تسمعون ، يقول : كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي في قوله : " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " قال : ما يقولون إلا ما قد قال المشركون للرسل من قبلك .
وقوله : " إن ربك لذو مغفرة " يقول : إن ربك لذو مغفرة لذنوب التائبين إليه من ذنوبهم بالصفح عنهم "وذو عقاب أليم " يقول : وهو ذو عقاب مؤلم لمن أصر على كفره وذنوبه ، فمات على الإصرار على ذلك قبل التوبة منه .
قوله تعالى : " ما يقال لك " أي من الأذى والتكذيب " إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " يعزي نبيه ويسليه " إن ربك لذو مغفرة " لك ولأصحابك " وذو عقاب أليم "يريد لأعدائك وجيعاً . وقيل : أي ما يقال لك من إخلاص العبادة لله إلا ما قد أوحي إلى من قبلك ، ولا خلاف بين الشرائع فيا يتعلق بالتوحيد ، وهو كقوله : " ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك " [ الزمر : 65] أي أي شيء يقال لك ( إلا ما قد قيل للرسل من قبلك ) وقيل : ( إن ربك ) كلام مبتدأ وما قبله كلام تام إذا كان الخبر مضمراً . وقيل : هو متصل بـ" ما يقال لك " . " إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم " أي إنما أمرت بالإنذار والتبشير .
قوله تبارك وتعالى: "إن الذين يلحدون في آياتنا "قال ابن عباس: الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه. وقال قتادة وغيره هو الكفر والعناد, وقوله عز وجل: "لا يخفون علينا" فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى: "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة ؟" أي أيستوي هذا وهذا ؟ لا يستويان. ثم قال عز وجل تهديداً للكفرة: "اعملوا ما شئتم" قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني "اعملوا ما شئتم" وعيد أي من خير أو شر إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم ولهذا قال: "إنه بما تعملون بصير" ثم قال جل جلاله: "إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم" قال الضحاك والسدي وقتادة وهو القرآن "وإنه لكتاب عزيز" أي منيع الجناب لا يرام أن يأتي أحد بمثله "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" أي ليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزل من رب العالمين ولهذا قال: "تنزيل من حكيم حميد" أي حكيم في أقواله وأفعاله حميد بمعنى محمود أي في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودة عواقبه وغاياته. ثم قال عز وجل: "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" قال قتادة والسدي وغيرهما ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك فكما كذبت كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت على أذى قومك لك. وهذا اختيار ابن جرير ولم يحك هو ولا ابن أبي حاتم غيره وقوله تعالى: "إن ربك لذو مغفرة" أي لمن تاب إليه "وذو عقاب أليم" أي لمن استمر على كفره وطغيانه وعناده وشقاقه ومخالفته, قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال نزلت هذه الاية "إن ربك لذو مغفرة" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش, ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد".
ثم سلى سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم على ما كان يتأثر له من أذية الكفار فقال: 43- "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" أي ما يقال لك من هؤلاء الكفار من وصفك بالسحر والكذب والجنون إلا مثل ما قيل للرسل من قبلك، فإن قومهم كانوا يقولون لهم مثل ما يقول لك هؤلاء، وقيل المعنى: ما يقال لك من التوحيد وإخلاص العبادة لله إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، فإن الشرائع كلها متفقة على ذلك، وقيل هو استفهام: أي أي شيء يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك "إن ربك لذو مغفرة" لمن يستحق مغفرته من الموحدين الذين بايعوك وبايعوا من قبلك من الأنبياء "وذو عقاب أليم" للكفار المكذبين المعادين لرسل الله، وقيل لذو مغفرة للأنبياء، وذو عقاب لأعدائهم.
43. فقال: " ما يقال لك "، من الأذى، " إلا ما قد قيل للرسل من قبلك "، يقول: إنه قد قيل للأنبياء والرسل قبلك: ساحر، كما يقال لك وكذبوا كما كذبت، " إن ربك لذو مغفرة "، لمن تاب وآمن بك " وذو عقاب أليم "، لمن أصر على التكذيب.
43-" ما يقال لك " أي ما يقول لك كفار قومك . " إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم ، ويجوز أن يكون المعنى ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم ، " إن ربك لذو مغفرة " لأنبيائه . " وذو عقاب أليم " لأعدائهم ، وهو على الثاني يحتمل أن يكون المقول بمعنى أن حاصل ما أوحي إليك وإليهم ، وعد المؤمنين بالمغفرة والكافرين بالعقوبة .
43. Naught is said unto thee (Muhammad) save what was said unto the messengers before thee. Lo! thy Lord is owner of forgiveness, and owner (also) of dire punishment.
43 - Nothing is said to thee that was not said to the apostles before thee: that thy Lord has at His command (all) Forgiveness as well as a most grievous Penalty.