[فصلت : 42] لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
42 - (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) ليس قبله كتاب يكذبه ولا بعده (تنزيل من حكيم حميد) الله المحمود في أمره
وقوله : " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " اختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم معناه : لا يأتيه النكير من بين يديه ولا من خلفه .
ذكر من قال ذلك : حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " قال : النكير من بين يديه ولا من خلفه .
وقال آخرون : معنى ذلك : لا يستطيع الشيطان أن ينقص منه حقاً ، ولا يزيد فيه باطلاً ، قالوا : والباطل هو الشيطان .
وقوله : " من بين يديه " من قبل الحق " ولا من خلفه " من قبل الباطل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " الباطل : إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقاً ، ولا يزيد فيه باطلاً .
وقال آخرون : معناه : إن الباطل لا يطيق أن يزيد فيه شيئاً من الحروف ولا ينقص منه شيئاً منها .
ذكر من قال ذلك : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال :ثنا أسباط ، عن السدي " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " قال : الباطل : هو الشيطان لا يستطيع أن يزيد فيه حرفاً ولا ينقص .
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب أن يقال : معناه : لا يستطيع ذو باطل بكيده تغييره بكيده ، وتبديل شيء من معانيه عما هو به ، وذلك هو الإتيان من بين يديه ، ولا إلحاق ما ليس منه فيه ، وذلك إتيانه من خلفه .
وقوله : "تنزيل من حكيم حميد " يقول تعالى ذكره : هو تنزيل من عند ذي حكمة بتدبير عباده ، وصرفهم فيما فيه مصالحهم ، حميد : يقول : محمود على نعمه عليهم بأياديه عندهم .
قوله تعالى : " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " لا يستطيع أن يغير ولا يزيد ولا ينقص . وقال سعيد بن جبير : لا يأتيه التكذيب ( من بين يديه ولا من خلفه ) ابن جريج : (لا يأتيه الباطل ) فيما أخبر عما مضى ولا فيما أخبر عما يكون . وعن ابن عباس : ( من بين يديه ) من الله تعالى " ولا من خلفه " يريد من جبريل صلى الله عليه وسلم ، ولا من محمد صلى الله عليه وسلم . " تنزيل من حكيم حميد " ابن عباس : ( حكيم ) في خلقه ( حميد ) إليهم . قتادة : ( حكيم ) في أمره ( حميد ) إلى خلقه .
قوله تبارك وتعالى: "إن الذين يلحدون في آياتنا "قال ابن عباس: الإلحاد وضع الكلام على غير مواضعه. وقال قتادة وغيره هو الكفر والعناد, وقوله عز وجل: "لا يخفون علينا" فيه تهديد شديد ووعيد أكيد أي إنه تعالى عالم بمن يلحد في آياته وأسمائه وصفاته وسيجزيه على ذلك بالعقوبة والنكال ولهذا قال تعالى: "أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة ؟" أي أيستوي هذا وهذا ؟ لا يستويان. ثم قال عز وجل تهديداً للكفرة: "اعملوا ما شئتم" قال مجاهد والضحاك وعطاء الخراساني "اعملوا ما شئتم" وعيد أي من خير أو شر إنه عالم بكم وبصير بأعمالكم ولهذا قال: "إنه بما تعملون بصير" ثم قال جل جلاله: "إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم" قال الضحاك والسدي وقتادة وهو القرآن "وإنه لكتاب عزيز" أي منيع الجناب لا يرام أن يأتي أحد بمثله "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه" أي ليس للبطلان إليه سبيل لأنه منزل من رب العالمين ولهذا قال: "تنزيل من حكيم حميد" أي حكيم في أقواله وأفعاله حميد بمعنى محمود أي في جميع ما يأمر به وينهى عنه الجميع محمودة عواقبه وغاياته. ثم قال عز وجل: "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" قال قتادة والسدي وغيرهما ما يقال لك من التكذيب إلا كما قد قيل للرسل من قبلك فكما كذبت كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم فاصبر أنت على أذى قومك لك. وهذا اختيار ابن جرير ولم يحك هو ولا ابن أبي حاتم غيره وقوله تعالى: "إن ربك لذو مغفرة" أي لمن تاب إليه "وذو عقاب أليم" أي لمن استمر على كفره وطغيانه وعناده وشقاقه ومخالفته, قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال نزلت هذه الاية "إن ربك لذو مغفرة" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش, ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد".
ثم وصفه بأنه حق لا سبيل للباطل إليه بوجه من الوجوه، فقال: 42- "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه". قال الزجاج: معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه فيأتيه الباطل من بين يديه، أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه، وبه قال قتادة والسدي. ومعنى الباطل على هذا: الزيادة والنقصان. وقال مقاتل: لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله، ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله، وبه قال الكلبي وسعيد بن جبير. وقيل الباطل هو الشيطان: أي لا يستطيع أن يزيد فيه ولا ينقص منه. وقيل: لا يزاد فيه ولا ينقص منه، لا من جبريل ولا من محمد صلى الله عليه وسلم "تنزيل من حكيم حميد" هو خبر لمبتدإ محذوف أو صفة أخرى لكتاب عند من يجوز تقديم غير الصريح من الصفات على الصريح، وقيل إنه الصفة لكتاب، وجملة لا يأتيه معترضة بين الموصوف والصفة.
42. وهو قوله: " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه "، قال قتادة و السدي : الباطل: هو الشيطان، لايستطيع أن يغيره أو يزيد أو ينقص منه.
قال الزجاج : معناه أنه محفوظ من أن ينقص منه، فيأتيه الباطل من بين يديه أو يزاد فيه فيأتيه الباطل من خلفه، وعلى هذا معنى ((الباطل)): الزيادة والنقصان.
وقال مقاتل : لا يأتيه التكذيب من الكتب التي قبله، ولا يجيء من بعده كتاب فيبطله. " تنزيل من حكيم حميد "، ثم عزى نبيه صلى الله عليه وسلم على تكذيبهم.
42-" لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " لا تطرق إليه الباطل من جهة من الجهات أو مما فيه من الأخبار الماضية والأمور الآتية . " تنزيل من حكيم " أي حكيم . " حميد " يحمده كل مخلوق بما ظهر عليه من نعمه .
42. Falsehood cannot come at it from before it or behind it. (It is) a revelation from the Wise, the Owner of Praise.
42 - No falsehood can approach it from before or behind it: it is sent down, by One Full of Wisdom, worthy of all Praise.