[غافر : 72] فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ
72 - (في الحميم) أي جهنم (ثم في النار يسجرون) يوقدون
وقوله : " ثم في النار يسجرون " يقول : ثم في نار جهنم يحرقون ، يقول تسجر بها جهنم : أي توقد بهم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : " يسجرون " قال : يوقد بهم النار .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، " ثم في النار يسجرون " قال : يحرقون في النار .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " ثم في النار يسجرون " قال : يسجرون في النار : يوقد عليهم فيها .
قوله تعالى : " ثم في النار يسجرون " أي يطرحون فيكونون وقوداً لها ، قاله مجاهد . يقال : سجرت التنور أي أوقدته ، وسجرته ملأته ، ومنه " البحر المسجور " [ الطور : 6] أي المملوء . فالمعنى على هذا تملأ بهم النار ، وقال الشاعر يصف وعلا :
إذا شاء طالع مسجورة ترى حولها النبع والسمسما .
يقول تعالى ألا تعجب يا محمد من هؤلاء المكذبين بآيات الله ويجادلون في الحق بالباطل كيف تصرف عقولهم عن الهدى إلى الضلال "الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا" أي من الهدى والبيان "فسوف يعلمون" هذا تهديد شديد, ووعيد أكيد, من الرب جل جلاله لهؤلاء كما قال تعالى: "ويل يومئذ للمكذبين" وقوله عز وجل: "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل" أي متصلة بالأغلال بأيدي الزبانية يسحبونهم على وجوههم تارة إلى الحميم وتارة إلى الجحيم ولهذا قال تعالى: " يسحبون * في الحميم ثم في النار يسجرون " كما قال تبارك وتعالى: " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون * يطوفون بينها وبين حميم آن " وقال تعالى بعد ذكر أكلهم الزقوم وشربهم الحميم: " وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * وظل من يحموم * لا بارد ولا كريم * إنهم كانوا قبل ذلك مترفين * وكانوا يصرون على الحنث العظيم * وكانوا يقولون أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أو آباؤنا الأولون * قل إن الأولين والآخرين * لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم * ثم إنكم أيها الضالون المكذبون * لآكلون من شجر من زقوم * فمالئون منها البطون * فشاربون عليه من الحميم * فشاربون شرب الهيم * هذا نزلهم يوم الدين " وقال عز وجل: " إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون " أي يقال لهم ذلك على وجه التقريع والتوبيخ والتحقير والتصغير والتهكم والاستهزاء بهم, قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا أحمد بن منيع حدثنا منصور بن عمار حدثنا بشير بن طلحة الخزامي عن خالد بن دريك عن يعلى بن منبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينشىء الله عز وجل سحابة لأهل النار سوداء مظلمة ويقال يا أهل النار أي شيء تطلبون ؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون نسأل بارد الشراب فتمطرهم أغلالاً تزيد في أغلالهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمراً يلهب النار عليهم" هذا حديث غريب. وقوله تعالى: " ثم قيل لهم أين ما كنتم تشركون * من دون الله " أي قيل لهم أين الأصنام التي كنتم تعبدونها من دون الله هل ينصرونكم اليوم "قالوا ضلوا عنا" أي ذهبوا فلم ينفعونا " بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا " أي جحدوا عبادتهم كقوله جلت عظمته: "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين" ولهذا قال عز وجل: "كذلك يضل الله الكافرين". وقوله: "ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون" أي تقول لهم الملائكة هذا الذي أنتم فيه جزاء على فرحكم في الدنيا بغير حق ومرحكم وأشركم وبطركم "ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين" أي فبئس المنزل والمقيل الذي فيه الهوان والعذاب الشديد لمن استكبر عن آيات الله واتباع دلائله وحججه, والله أعلم.
والحميم هو المتناهي في الحر، وقيل الصديد وقد تقد تفسيره 72- "ثم في النار يسجرون" يقال سجرت التنور: أي أوقدته وسجرته ملأته بالوقود، ومنه "والبحر المسجور" أي المملوء، فالمعنى توقد بهم النار أو تملأ بهم. قال مجاهد ومقاتل: توقد بهم النار فصاروا وقودها.
72. " في الحميم ثم في النار يسجرون "، قال مقاتل : توقد بهم النار. وقال مجاهد : يصيرون وقوداً للنار.
72-" في الحميم " والعائد محذوف أي يسحبون بها ، وهو على الأول حال . وقرئ " والسلاسل يسحبون " بالنصب وفتح الياء على تقديم المفعول وعطف الفعلية على الاسمية ، " والسلاسل " بالجر حملاً على المعنى " إذ الأغلال في أعناقهم " بمعنى أعناقهم في الأغلال ، أو إضمار للباء ويدل عليه القراءة به . " ثم في النار يسجرون " يحرقون من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ، ومنه السجير للصديق كأنه سجر بالحب أي ملئ . والمراد أنهم يعذبون بأنواع من العذاب وينقلون من بعضها إلى بعض .
72. Through boiling waters; then they are thrust into the Fire.
72 - In the boiling fetid fluid; then in the Fire shall they be burned;