[غافر : 34] وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
34 - (ولقد جاءكم يوسف من قبل) قبل موسى وهو يوسف بن يعقوب في قول عمر إلى زمن موسى أو يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب في قول (بالبينات) بالمعجزات الظاهرات (فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم) من غير برهان (لن يبعث الله من بعده رسولا) أي فلن تزالوا كافرين بيوسف وغيره (كذلك) أي مثل إضلالكم (يضل الله من هو مسرف) مشرك (مرتاب) شاك فيما شهدت به البينات
يقول تعالى ذكره : ولقد جاءكم يوسف بن يعقوب يا قوم من قبل موسى بالواضحات من حجج الله .
كما حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي " ولقد جاءكم يوسف من قبل " قال : قبل موسى .
وقوله : " فما زلتم في شك مما جاءكم به " يقول : فلم تزالوا مرتابين فيما أتاكم به يوسف من عند ربكم غير موقني القلوب بحقيقته " حتى إذا هلك " يقول : حتى إذا مات يوسف قلتم إيها القوم : لن يبعث الله من بعد يوسف إليكم رسولاً بالدعاء إلى الحق " كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب " يقول : هكذا يصد الله عن إصابة الحق وقصد السبيل من هو كافر به مرتاب ، شاك في حقيقة أخبار رسله .
قوله تعالى : " ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات " قيل : إن هذا من قول وأراد يوسف بن يفقوب جاءهم بالبينات " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " [ يوسف : 39] قال ابن جريج : هو يوسف بن يعقوب بعثه الله تعالى رسولاً إلى القبط بعد موت الملك من قبل موسى بالبينات وهي الرؤيا . وقال ابن عباس : هو يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب أقام فيهم نبيا عشرين سنة . وحكى النقاش عن الضحاك : أن الله تعالى بعث إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف . وقال وهب بن منبه : إن فرعون موسى هو فرعون يوسف عمر . وغيره يقول : هو آخر النحاس : وليس في الآية مايدل على أنه هو ، لأنه إذا أتى بالبينات نبي لمن معه ولمن بعده فقد جاءهم جميعاً بها وعليهم أن يصدقوه بها . " فما زلتم في شك مما جاءكم به " أي أسلافكم كانوا في شك . " حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا" أي من يدعي الرسالة " كذلك يضل الله " أي مثل الضلال " يضل الله من هو مسرف " مشرك " مرتاب " شاك في وحدانية الله تعالى .
هذا إخبار من الله عز وجل عن هذا الرجل الصالح مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا والاخرة فقال: "يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب" أي الذين كذبوا رسل الله في قديم الدهر كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم المكذبة كيف حل بهم بأس الله وما رده عنهم راد ولا صده عنهم صاد "وما الله يريد ظلماً للعباد" أي إنما أهلكهم الله تعالى بذنوبهم وتكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره فأنفذ فيهم قدره ثم قال: "ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد" يعني يوم القيامة وسمي بذلك, قال بعضهم لما جاء في حديث الصور أن الأرض إذا زلزلت وانشقت من قطر إلى قطر وماجت وارتجت فنظر الناس إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضهم بعضاً وقال آخرون منهم الضحاك بل ذلك إذا جيء بجنهم ذهب الناس هراباً منهم فتتلقاهم الملائكة فتردهم إلى مقام المحشر وهو قوله تعالى: "والملك على أرجائها" وقوله: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان" وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن والضحاك أنهم قرأوا يوم التناد بتشديد الدال من ند البعير إذا شرد وذهب وقيل لأن الميزان عنده ملك إذا وزن عمل العبد فرجح نادى بأعلى صوته ألا قد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً, وإن خف عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان وقال قتادة: ينادي كل قوم بأعمالهم, ينادي أهل الجنة أهل الجنة وأهل النار أهل النار, وقيل سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار "أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ قالوا نعم" ومناداة أهل النار أهل الجنة "أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين" ولمناداة أصحاب الأعراف أهل الجنة وأهل النار كما هو مذكور في سورة الأعراف, واختار البغوي وغيره أنه سمي بذلك لمجموع ذلك وهو قول حسن جيد, والله أعلم وقوله تعالى: "يوم تولون مدبرين" أي ذاهبين هاربين " كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر " ولهذا قال عز وجل: "ما لكم من الله من عاصم" أي لا مانع يمنعكم من بأس الله وعذابه "ومن يضلل الله فما له من هاد" أي من أضله الله فلا هادي له غيره. وقوله تبارك وتعالى: "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات" يعني أهل مصر وقد بعث الله فيهم رسولاً من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو يوسف عليه الصلاة والسلام كان عزيز أهل مصر وكان رسولاً يدعو إلى الله تعالى أمته بالقسط فما أطاعوه تلك الطاعة إلا بمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ولهذا قال تعالى: "فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً" أي يئستم فقلتم طامعين: "لن يبعث الله من بعده رسولاً" وذلك لكفرهم وتكذيبهم "كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب" أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه في أفعاله وارتياب قلبه, ثم قال عز وجل: "الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم" أي الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون بالحجج بغير دليل وحجة معهم من الله تعالى فإن الله عز وجل يمقت على ذلك أشد المقت ولهذا قال تعالى: "كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا" أي والمؤمنون أيضاً يبغضون من تكون هذه صفته فإن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً ولهذا قال تبارك وتعالى: "كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر" أي على اتباع الحق "جبار" وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة وحكي عن الشعبي أنهما قالا: لا يكون الإنسان جباراً حتى يقتل نفسين وقال أبو عمران الجوني وقتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق, والله تعالى أعلم.
ثم زاد في وعظهم وتذكيرهم فقال: 34- "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات" أي يوسف بن يعقوب، والمعنى: أن يوسف بن يعقوب جاءهم بالمعجزات والآيات الواضحات من قبل مجيء موسى إليهم: أي جاء إلى آبائكم، فجعل المجيء إلى الآباء مجيئاً إلى الأبناء. وقيل المراد بيوسف هنا يوسف بن إفرائيم بن يوسف ين يعقوب، وكان أقام فيهم نبياً عشرين سنة. وحكى النقاش عن الضحاك أن الله بعث إليهم رسولاً من الجن يقال له يوسف، والأول أولى. وقد قيل إن فرعون موسى أدرك أيام يوسف بن يعقوب لطول عمره "فما زلتم في شك مما جاءكم به" من البينات ولم تؤمنوا به "حتى إذا هلك" يوسف "قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً" فكفروا به في حياته وكفروا بمن بعده من الرسل بعد موته "كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب" أي مثل ذلك الضلال الواضح يضل الله من هو مسرف في معاصي الله مستكثر منها مرتاب في دين الله شاك في وحدانيته ووعده ووعيده.
34. " ولقد جاءكم يوسف من قبل "، يعني يوسف بن يعقوب " من قبل". أي: من قبل موسى، " بالبينات "، يعني قوله: " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " (يوسف-39)، " فما زلتم في شك مما جاءكم به "، قال ابن عباس: من عبادة الله وحده لا شريك له، " حتى إذا هلك "، مات، " قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً "، أي: أقمتم على كفركم وظننتم أن الله لا يجدد عليكم الحجة، " كذلك يضل الله من هو مسرف "، مشرك، " مرتاب "، شاك.
34-" ولقد جاءكم يوسف " يوسف بن يعقوب على أن فرعونه فرعون موسى ، أو على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد أو سبطه يوسف بن إبراهيم بن يوسف ." من قبل " من قبل موسى " بالبينات " بالمعجزات " فما زلتم في شك مما جاءكم به " من الدين " حتى إذا هلك " مات . " قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً " ضما إلى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده ، أو جزماً بأن لا يبعث من بعده رسول مع الشك في رسالته ، وقرئ ألن يبعث الله على أن يعضهم يقرر بعضاً بنفي البعث . " كذلك " مثل الضلال " يضل الله " في العصيان . " من هو مسرف مرتاب " شاك فيما تشهد به البينات لغلبة الوهم ولانهماك في التقليد .
34. And verily Joseph brought you of old clear proofs, yet ye ceased not to be in doubt concerning what be brought you till, when he died, he said: Allah will not send any messenger after him. Thus Allah deceiveth him who is a prodigal, a doubter.
34 - And to you there came Joseph in times gone by, with Clear Signs, but ye ceased not to doubt of the (mission) for which he had come: at length, when he died, ye said: No apostle will God send after him. Thus doth God leave to stray such as transgress and live in doubt,