[غافر : 33] يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
33 - (يوم تولون مدبرين) عن موقف الحساب إلى النار (ما لكم من الله) أي عذابه (من عاصم) مانع (ومن يضلل الله فما له من هاد)
" وقوله : " يوم تولون مدبرين " فتأويله على التأويل الذي ذكرنا من الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم < يوم يولون هاربين في الأرض حذار عذاب الله وعقابه عند معاينتهم جهنم " .
وتأويله عن التأويل الذي قاله قتادة في معنى " يوم التناد " يوم تولون منصرفين عن موقف الحساب إلى جهنم .
وبنحو الذي روي الخبر عنه ، وعمن قال نحو مقالته في معنى " يوم التناد " .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال :ثنا سعيد ، عن قتادة " يوم تولون مدبرين " : أي منطلقاً بكم إلى النار .
وأولى القولين في ذلك بالصواب ، القول الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الذي قاله قتادة في ذلك غير بعيد من الحق ، وبه قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : " يوم تولون مدبرين " قال : فارين غير معجزين .
وقوله : " ما لكم من الله من عاصم " يقول : ما لكم من الله مانع يمنعكم ، وناصر ينصركم .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة " ما لكم من الله من عاصم " : أي من ناصر .
وقوله : " ومن يضلل الله فما له من هاد " يقول : ومن يخذله الله فلم يوفقه لرشده ، فما له من موفق يوفقه له .
قوله تعالى : " يوم تولون مدبرين " على البدل من ( يوم التناد ) " ومن يضلل الله فما له من هاد " أي من خلق الله في قلبه الضلال فلا هادي له . وفي قائله قولان : أحدهما موسى . والثاني مؤمن آل فرعون وهو الأظهر . والله أعلم .
هذا إخبار من الله عز وجل عن هذا الرجل الصالح مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا والاخرة فقال: "يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب" أي الذين كذبوا رسل الله في قديم الدهر كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم المكذبة كيف حل بهم بأس الله وما رده عنهم راد ولا صده عنهم صاد "وما الله يريد ظلماً للعباد" أي إنما أهلكهم الله تعالى بذنوبهم وتكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره فأنفذ فيهم قدره ثم قال: "ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد" يعني يوم القيامة وسمي بذلك, قال بعضهم لما جاء في حديث الصور أن الأرض إذا زلزلت وانشقت من قطر إلى قطر وماجت وارتجت فنظر الناس إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضهم بعضاً وقال آخرون منهم الضحاك بل ذلك إذا جيء بجنهم ذهب الناس هراباً منهم فتتلقاهم الملائكة فتردهم إلى مقام المحشر وهو قوله تعالى: "والملك على أرجائها" وقوله: "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان" وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن والضحاك أنهم قرأوا يوم التناد بتشديد الدال من ند البعير إذا شرد وذهب وقيل لأن الميزان عنده ملك إذا وزن عمل العبد فرجح نادى بأعلى صوته ألا قد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً, وإن خف عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان وقال قتادة: ينادي كل قوم بأعمالهم, ينادي أهل الجنة أهل الجنة وأهل النار أهل النار, وقيل سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار "أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً ؟ قالوا نعم" ومناداة أهل النار أهل الجنة "أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين" ولمناداة أصحاب الأعراف أهل الجنة وأهل النار كما هو مذكور في سورة الأعراف, واختار البغوي وغيره أنه سمي بذلك لمجموع ذلك وهو قول حسن جيد, والله أعلم وقوله تعالى: "يوم تولون مدبرين" أي ذاهبين هاربين " كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر " ولهذا قال عز وجل: "ما لكم من الله من عاصم" أي لا مانع يمنعكم من بأس الله وعذابه "ومن يضلل الله فما له من هاد" أي من أضله الله فلا هادي له غيره. وقوله تبارك وتعالى: "ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات" يعني أهل مصر وقد بعث الله فيهم رسولاً من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو يوسف عليه الصلاة والسلام كان عزيز أهل مصر وكان رسولاً يدعو إلى الله تعالى أمته بالقسط فما أطاعوه تلك الطاعة إلا بمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ولهذا قال تعالى: "فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً" أي يئستم فقلتم طامعين: "لن يبعث الله من بعده رسولاً" وذلك لكفرهم وتكذيبهم "كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب" أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه في أفعاله وارتياب قلبه, ثم قال عز وجل: "الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم" أي الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون بالحجج بغير دليل وحجة معهم من الله تعالى فإن الله عز وجل يمقت على ذلك أشد المقت ولهذا قال تعالى: "كبر مقتاً عند الله وعند الذين آمنوا" أي والمؤمنون أيضاً يبغضون من تكون هذه صفته فإن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً ولهذا قال تبارك وتعالى: "كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر" أي على اتباع الحق "جبار" وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة وحكي عن الشعبي أنهما قالا: لا يكون الإنسان جباراً حتى يقتل نفسين وقال أبو عمران الجوني وقتادة: آية الجبابرة القتل بغير حق, والله تعالى أعلم.
وقوله: 33- "يوم تولون مدبرين" بدل من يوم التناد: أي منصرفين عن الموقف إلى النار، أو فارين منها. قال قتادة ومقاتل: المعنى إلى النار بعد الحساب، وجملة "ما لكم من الله من عاصم" في محل نصب على الحال: أي ما لكم من يعصمكم من عذاب الله ويمنعكم منه "ومن يضلل الله فما له من هاد" يهديه إلى طريق الرشاد.
33. " يوم تولون مدبرين "/ منصرفين عن موقف الحساب إلى النار. وقال مجاهد : فارين غير معجزين، " ما لكم من الله من عاصم "، يعصمكم من عذابه، " ومن يضلل الله فما له من هاد "
33-" يوم تولون " عن الموقف . " مدبرين " منصرفين عنه إلى النار . وقيل فارين عنها . " ما لكم من الله من عاصم " يعصمكم من عذابه . " ومن يضلل الله فما له من هاد " .
33. A day when ye will turn to flee, having no preserver from Allah: and he whom Allah sendeth astray, for him there is no guide.
33 - A Day when ye shall turn your backs and flee: no defender shall ye have from God: any whom God leaves to stray, there is none to guide