[النساء : 174] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا
(يا أيها الناس قد جاءكم برهان) حجة (من ربكم) عليكم وهو النبي صلى الله عليه وسلم (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) بينا وهو القرآن
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله : "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم"، يا أيها الناس من جميع أصناف الملل ، يهودها ونصاراها ومشركيها، الذين قص جل ثناؤه قصصهم في هذه السورة، "قد جاءكم برهان من ربكم"، يقول : قد جاءتكم حجة من الله تبرهن لكم بطول ما أنتم عليه مقيمون من أديانكم ومللكم ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جعله الله عليكم حجة قطع بها عذركم ، وأبلغ إليكم في المعذرة بإرساله إليكم ، مع تعريفه إياكم صحة نبوته ، وتحقيق رسالته ،"وأنزلنا إليكم نورا مبينا"، يقول : وأنزلنا إليكم معه "نورا مبينا"، يعني : يبين لكم المحجة الواضحة، والسبل الهادية إلى ما فيه لكم النجاة من عذاب الله وأليم عقابه ، إن سلكتموها واستنرتم بضوئه.
وذلك النور المبين ، هو القرآن الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله : "برهان من ربكم"، قال : حجة.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، مثله.
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله : "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم"، أي : بينة من ربكم ، "وأنزلنا إليكم نورا مبينا"، وهو هذا القرآن.
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط ، عن السدي : "قد جاءكم برهان من ربكم"، يقول : حجة .
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج: برهان ، قال : بينة، "وأنزلنا إليكم نورا مبينا"، قال : القرآن.
قوله تعالى :" يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم " يعني محمداً صلى الله عليه وسلم عن الثوري وسماه برهاناً لأن معه البرهان وهو المعجزة وقال مجاهد: البرهان ههنا الحجة والمعنى متقارب، فإن المعجزات حجته صلى الله عليه وسلم والنور المنزل هو القرآن عن الحسن، وسماه نوراً لأن به تتبين الأحكام ويهتدى به من الضلالة، فهو نور مبين أي وضاح بين .
يقول تعالى مخاطباً جميع الناس ومخبراً بأنه قد جاءهم منه برهان عظيم, وهو الدليل القاطع للعذر والحجة المزيلة للشبهة, ولهذا قال: "وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً" أي ضياء واضحاً على الحق, قال ابن جريج وغيره: وهو القرآن "فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به" أي جمعوا بين مقامي العبادة, والتوكل على الله في جميع أمورهم, وقال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرأن. رواه ابن جرير "فسيدخلهم في رحمة منه وفضل" أي يرحمهم فيدخلهم الجنة, ويزيدهم ثواباً ومضاعفة ورفعاً في درجاتهم من فضله عليهم وإحسانه إليهم, "ويهديهم إليه صراطاً مستقيماً" أي طريقاً واضحاً قصداً قواماً لااعوجاج فيه ولا انحراف وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والاخرة, فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات, وفي الاخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. وفي حديث الحارث الأعور, عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "القرآن صراط الله المستقيم, وحبل الله المتين" وقد تقدم الحديث بتمامه في أول التفسير, ولله الحمد والمنة.
قوله 174- "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم" بما أنزله عليكم من كتبه وبمن أرسله إليكم من رسله، وما نصبه لهم من المعجزات. والبرهان: ما يبرهن به على المطلوب "وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً" وهو القرآن، وسماه نوراً لأنه يهتدى به من ظلمة الضلال.
174-قوله عز وجل :"يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم" ، يعني: محمداً صلى الله عليه وسلم هذا قول أكثر المفسرين ، وقيل: هو القرآن ، والبرهان : الحجة ، "وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً" ، مبيناً يعني القرآن.
174" يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا " عنى بالبرهان المعجزات وبالنور القرآن، أي قد جاءكم دلائل العقل وشواهد النقل ولم يبق لكم عذر ولا علة، وقيل: البرهان الدين أو رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن.
174. And they will not find for them, against Allah, any protecting friend or helper.
174 - O mankind verily there hath come to you a convincing proof from your Lord: for we have sent unto you a light (that is) manifest.