[النساء : 169] إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا
(إلا طريق جهنم) أي الطريق المؤدي إليها (خالدين) مقدرين الخلود (فيها) إذا دخلوها (أبدا وكان ذلك على الله يسيرا) هنيا
وإنما كنى بذكر الطريق عن الدين . وإنما معنى الكلام : لم يكن الله ليوفقهم للإسلام ، ولكنه يخذلهم عنه إلى طريق جهنم، وهو الكفر، يعني : حتى يكفروا بالله ورسله ، فيدخلوا جهنم ، "خالدين فيها أبدا"، يقول : مقيمين فيها أبداً، "وكان ذلك على الله يسيرا"، يقول : وكان تخليد هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم ، على الله يسيراً، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه ، ولا له أحد يمنعه منه ، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك ، وكان ذلك على الله يسيراً، لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره.
قوله تعالى : " إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسير " .
لما تضمن قوله تعالى: " إنا أوحينا إليك " إلى آخر السياق, إثبات نبوته صلى الله عليه وسلم والرد على من أنكر نبوته من المشركين وأهل الكتاب, قال الله تعالى: "لكن الله يشهد بما أنزل إليك" أي وإن كفر به من كفر به ممن كذبك وخالفك, فالله يشهد لك بأنك رسوله الذي أنزل عليه الكتاب وهو القرآن العظيم الذي "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد", ولهذا قال: "أنزله بعلمه" أي في علمه الذي أراد أن يطلع العباد عليه من البينات والهدى والفرقان, وما يحبه الله ويرضاه, وما يكرهه ويأباه, وما فيه من العلم بالغيوب من الماضي والمستقبل, وما فيه من ذكر صفاته تعالى المقدسة التي لايعلمها نبي مرسل ولا ملك مقرب إلا أن يعلمه الله به, كما قال تعالى: " ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " وقال: "ولا يحيطون به علماً".
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين, حدثنا الحسن بن سهل الجعفري وخزز بن المبارك, قالا: حدثنا عمران بن عيينة, حدثنا عطاء بن السائب, قال: أقرأني أبو عبد الرحمن السلمي القرآن, وكان إذا قرأ عليه أحدنا القرآن قال: قد أخذت علم الله, فليس أحد اليوم أفضل منك إلا بعمل, ثم يقرأ قوله: "أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيداً", قوله: "والملائكة يشهدون" أي بصدق ما جاءك وأوحى اليك وأنزل عليك مع شهادة الله تعالى بذلك "وكفى بالله شهيداً" قال محمد بن إسحاق, عن محمد بن أبي محمد, عن عكرمة أو سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من اليهود, فقال لهم: "إني لأعلم والله إنكم لتعلمون أني رسول الله" فقالوا: ما نعلم ذلك. فأنزل الله عز وجل "لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه" الاية.
وقوله: "إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالاً بعيداً" أي كفروا في أنفسهم, فلم يتبعوا الحق, وسعوا في صد الناس عن اتباعه والاقتداء به, قد خرجوا عن الحق وضلوا عنه, وبعدوا منه بعداً عظيماً شاسعاً, ثم أخبر تعالى عن حكمه في الكافرين بآياته وكتابه ورسوله, الظالمين لأنفسهم بذلك وبالصد عن سبيله وارتكاب مآثمه وانتهاك محارمه بأنه لا يغفر لهم " ولا ليهديهم طريقا " أي سبيلاً إلى الخير "إلا طريق جهنم" وهذا استثناء منقطع "خالدين فيها أبداً" الايه, ثم قال تعالى: "يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيراً لكم" أي قد جاءكم محمد صلوات الله وسلامه عليه بالهدى ودين الحق والبيان الشافي من الله عز وجل, فآمنوا بما جاءكم به واتبعوه, يكن خيراً لكم. ثم قال: "وإن تكفروا فإن لله ما في السموات والأرض" أي فهو غني عنكم وعن إيمانكم, ولا يتضرر بكفرانكم, كما قال تعالى: "وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد" وقال ههنا: "وكان الله عليماً" أي بمن يستحق منكم الهداية فيهدية, وبمن يستحق الغواية فيغويه, "حكيماً" أي في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره.
169- "خالدين فيها أبداً" أي: يدخلهم جهنم خالدين فيها، وهي حال مقدرة. وقوله "أبداً" منصوب على الظرفية، وهو لدفع احتمال أن الخلود هنا يراد به المكث الطويل "وكان ذلك" أي: تخليدهم في جهنم أو تكر المغفرة لهم والهداية مع الخلود في جهنم "على الله يسيراً" لأنه سبحانه لا يصعب عليه شيء "إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون".
169-"إلا طريق جهنم"،يعني اليهودية،"خالدين فيها أبداً وكان ذلك على الله يسيراً"، وهذا في حق من سبق حكمه فيهم أنهم لا يؤمنون.
169" إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا " لجرى حكمه السابق ووعده المحتوم على أن من مات على كفره فهو خالد في النار وخالدين حال مقدرة. "وكان ذلك على الله يسيراً" لا يصعب عليه ولا يستعظمه.
169. Except the road of hell, wherein they will abide for ever. And that is ever easy for Allah.
169 - Except the way of hell, to dwell therein for ever. and this to God is easy.