[النساء : 106] وَاسْتَغْفِرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا
(واستغفر الله) مما هممت به (إن الله كان غفورا رحيما)
"واستغفر الله"، يا محمد، وسله أن يصفح لك عن عقوبة ذنبك في مخاصمتك عن الخائن من خان مالاً لغيره، "إن الله كان غفورا رحيما"، يقول: إن الله لم يزل يصفح، عن ذنوب عباده المؤمنين ، بتركه عقوبتهم عليها إذا استغفروه منها، "رحيما" بهم. فافعل ذلك أنت ، يا محمد، يغفر الله لك ما سلف من خصومتك عن هذا الخائن.
وقد قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن خاصم عن الخائن، ولكنه هم بذلك، فأمره الله بالاستغفار مما هم به من ذلك.
وذكر أن الخائنين الذين عاتب الله جل ثناؤه نبيه صلى الله عليه وسلم في خصومته عنهم: بنو أبيرق.
واختلف أهل التأويل في خيانته التي كانت منه، فوصفه الله بها.
فقال بعضهم: كانت سرقةً سرقها.
ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" إلى قوله: "ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله"، فيما بين ذلك ، في ابن أبيرق ، ودرعه من حديد، من يهود، التي سرق : وقال أصحابه من المؤمنين للنبي : اعذره في الناس بلسانك ، ورموا بالدرع رجلاً من يهود بريئاً.
حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه.
حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني قال ، حدثنا محمد بن سلمة قال ، حدثنا محمد بن إسحق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن أبيه ، عن جده قتادة بن النعمان قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق : بشر، وبشير، ومبشر، وكان بشير رجلاً منافقاً، وكان يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ينحله إلى بعض العرب ، ثم يقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا الخبيث! فقال:
أو كلما قال الرجال قصيدةً أضموا وقالوا: ابن الأبيرق قالها!
قال: وكانوا أهل بيت فاقة وحاجة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشأم بالدرمك، ابتاع الرجل منها فخص به نفسه. فأما العيال ، فإنما طعامهم التمر والشعير. فقدمت ضافطة من الشأم، فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك ، فجعله في مشربة له ، وفي المشربة سلاح له : درعان وسيفاهما وما يصلحهما. فعدي عليه من تحت الليل ، فنقبت المشربة، وأخذ الطعام والسلاح . فلما أصبح ، أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي ، تعلم أنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه ، فنقبت مشربتنا، فذهب بسلاحنا وطعامنا! قال: فتحسسنا في الدار، وسألنا، فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة، ولا نرى فيما نراه إلا على بعض طعامكم.
قال: وقد كان بنو أبيرق قالوا ونحن نسأل في الدار: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل! رجلاً منا له صلاح وإسلام. فلما سمع بذلك لبيد، اخترط سيفه ثم أتى بني أبيرق فقال: والله ليخالطنكم هذا السيف ، أو لتبينن هذه السرقة . قالوا : إليك عنا أيها الرجل ، فوالله ما أنت بصاحبها! فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال عمي: يا ابن أخي ، لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له!.
قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقلت : يا رسول الله ، إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة فنقبوا مشربة له ، وأخذوا سلاحه وطعامه ، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنظر في ذلك. فلما سمع بذلك بنو أبيرق ، أتوا رجلاً منهم يقال له : أسير بن عروة، فكلموه في ذلك . واجتمع إليه ناس من أهل الدار، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ، إن قتادة بن النعمان وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت.
قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته ، فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ، ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت!! قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. فأتيت عمي رفاعة، فقال : يا ابن أخي ، ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: الله المستعان!.
فلم نلبث أن نزل القرآن: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"، يعني : بني أبيرق ، "واستغفر الله"، أي: مما قلت لقتادة، "إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم"، أي : بني أبيرق ، "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما * يستخفون من الناس" إلى قوله : "ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"، أي : إنهم إن يستغفروا الله يغفر لهم، "ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، قولهم للبيد، "ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك"، يعني : أسيراً وأصحابه، "وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة" إلى قوله: "فسوف نؤتيه أجرا عظيما".
فلما نزل القرآن ، أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة.
قال قتادة: فلما أتيت عمي بالسلاح ، وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، وكنت أرى إسلامه مدخولاً، فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي ، هو في سبيل الله. قال : فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً. فلما نزل القرآن ، لحق بشير بالمشركين ، فنزل على سلافة ابنة سعد بن شهيد، فأنزل الله فيه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين" إلى قوله: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا" [النساء: 115-116]. فلما نزل على سلافة، رماها حسان بن ثابت بأبيات من شعر، فأخذت رحله فوضعته على رأسها، ثم خرجت فرمت به في الإبطح، ثم قالت: أهديت إلي شعر حسان! ما كنت تأتيني بخير!.
حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله"، يقول : بما أنزل الله عليك وبين لك، "ولا تكن للخائنين خصيما"، فقرأ إلى قوله: "إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما". ذكر لنا أن هؤلاء الآيات أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق ، وفيما هم به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره، وبين الله شأن طعمة بن أبيرق، ووعظ نبيه وحذره أن يكون للخائنين خصيماً.
وكان طعمة بن أبيرق رجلاً من الأنصار، ثم أحد بني ظفر، سرق درعاً لعمه كانت وديعة عنده ، ثم قذفها على يهودي كان يغشاهم، يقال له: زيد بن السمين. فجاء اليهودي إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم يهنف، فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر، جاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم ، وكان نبي الله عليه السلام قد هم بعذره، حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل، فقال: "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" إلى قوله: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة"، يعني بذلك قومه ، "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، وكان طعمة قذف بها بريئاً. فلما بين الله شأن طعمة، نافق ولحق بالمشركين بمكة، فأنزل الله في شأنه. "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا" [النساء: 115].
حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"، وذلك أن نفراً من الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فسرقت درع لأحدهم، فأظن بها رجلاً من الأنصار، فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي. فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما رأى السارق ذلك، عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء، وقال لنفر من عشيرته: إني قد غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان، وستوجد عنده. فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً، فقالوا: يا نبي الله، إن صاحبنا بريء، وإن سارق الدرع فلان، وقد أحطنا بذلك علماً، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه، فإنه إلا يعصمه الله بك يهلك! فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس، فأنزل الله: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"، يقول: احكم بينهم بما أنزل الله إليك في الكتاب، "واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الآية. ثم قال للذين أتوا رسول الله عليه السلام ليلاً: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" إلى قوله: "أم من يكون عليهم وكيلا"، يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائن، ثم قال: "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"، يعني: الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب، ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، يعنى: السارق والذين يجادلون عن السارق.
حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" الآية، قال: كان رجل سرق درعاً من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وطرحه على يهودي، فقال اليهودي: والله ما سرقتها يا أبا القاسم، ولكن طرحت علي! وكان للرجل الذي سرق جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون: يا رسول الله، إن هذا اليهودي الخبيث يكفر بالله وبما جئت به! قال: حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول، فعاتبه الله عز وجل في ذلك فقال: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله"، بما قلت لهذا اليهودي -"إن الله كان غفورا رحيما"- ثم أقبل على جيرانه فقال: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" فقرأ حتى بلغ "أم من يكون عليهم وكيلا". قال: ثم عرض التوبة فقال: "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما * ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه"، فما أدخلكم أنتم أيها الناس، على خطيئة هذا تكلمون دونه، "وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا"، وإن كان مشركاً، "فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، فقرأ حتى بلغ: "لا خير في كثير من نجواهم"، فقرأ حتى بلغ: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" [النساء: 115]. قال: أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له ، وخرج إلى المشركين بمكة، فنقب بيتاً يسرقه ، فهدمه الله عليه فقتله . فذلك قول الله تبارك وتعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" [النساء: 115]، فقرأ حتى بلغ "وساءت مصيرا" [النساء: 116]، ويقال: هو طعمة بن أبيرق، وكان نازلاً في بني ظفر.
وقال آخرون: بل الخيانة التي وصف الله بها من وصفه بقوله: "ولا تكن للخائنين خصيما"، جحوده وديعة كان أودعها.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط ، عن السدي: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما"، قال: أما "ما أراك الله"، فما أوحى الله إليك. قال : نزلت في طعمة بن أبيرق ، استودعه رجل من اليهود درعاً، فانطلق بها إلى داره ، فحفر لها اليهودي ثم دفنها. فخالف إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها. فلما جاء اليهودي يطلب درعه، كافره عنها. فانطلق إلى ناس من اليهود من عشيرته فقال: انطلقوا معى، فإني أعرف موضع الدرع . فلما علم بهم طعمة، أخذ الدرع فألقاها في دار أبي مليل الأنصاري. فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه ، وقال: أتخونونني! فانطلقوا يطلبونها في داره ، فأشرفوا على بيت أبي مليل ، فإذا هم بالدرع. وقال طعمة : أخذها أبو مليل! وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي ، فإني إن أكذب كذب على أهل المدينة اليهودي! فأتاه أناس من الأنصار فقالوا: يا رسول الله، جادل عن طعمة وأكذب اليهودي . فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، فأنزل الله عليه: "ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله" مما أردت، "إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما"، ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول"، يقول: يقولون ما لا يرضى من القول، "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة"، ثم دعا إلى التوبة فقال: "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"، ثم ذكر قوله حين قال: أخذها أبو مليل فقال: "ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه"، "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، ثم ذكر الأنصار وإتيانها إياه، أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه ، فقال: "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة"، يقول: النبوة، ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة، فقال: "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس". فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن، هرب حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن علاط السلمي، فنقب بيت الحجاج، فأراد أن يسرقه ، فسمع الحجاج خشخشة في بيته وقعقعة جلود كانت عنده ، فنظر فإذا هو بطعمة فقال: ضيفي وابن عمي وأردت أن تسرقني!! فأخرجه، فمات بحرة بني سليم كافراً، وأنزل الله فيه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى" إلى "وساءت مصيرا" [النساء: 115- 116].
حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة، قال: استودع رجل من الأنصار طعمة بن أبيرق مشربة له فيها درع ، وخرج فغاب . فلما قدم الأنصاري فتح مشربته ، فلم يجد الدرع ، فسأل عنها طعمة بن أبيرق ، فرمى بها رجلاً من اليهود يقال له زيد بن السمين. فتعلق صاحب الدرع بطعمة في درعه . فلما رأى ذلك قومه ، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه ليدرأ عنه، فهم بذلك ، فأنزل الله تبارك وتعالى: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم"، يعني: طعمة بن أبيرق وقومه ، "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا"، محمد صلى الله عليه وسلم وقوم طعمة، "ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما"، محمد وطعمة وقومه، قال: "ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه" الآية، طعمة، "ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا"، يعني زيد بن السمين ، "فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا"، طعمة بن أبيرق ، "ولولا فضل الله عليك ورحمته" يا محمد، "لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء"، قوم طعمة بن أبيرق ، "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما" يا محمد، "لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف"، حتى تنقضي الآية للناس عامة، "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين" الآية [النساء: 115]. قال: لما نزل القرآن في طعمة بن أبيرق ، لحق بقريش ورجع في دينه ، ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهزي ثم السلمي، حليف لبني عبد الدار، فنقبها، فسقط عليه حجر فلحج. فلما أصبح أخرجوه من مكة. فخرج فلقي ركباً من بهراء من قضاعة، فعرض لهم فقال: ابن سبيل منقطع به! فحملوه، حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ، ثم انطلق . فرجعوا في طلبه فأدركوه ، فقذفوه بالحجارة حتى مات. قال ابن جريج: فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، أنزلت في طعمة بن أبيرق ، ويقولون : إنه رمى بالدرع في دار أبي مليل بن عبد الله الخزرجي، فلما نزل القرآن لحق بقريش، فكان من أمره ما كان.
حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال ، حدثنا عبيد بن سليمان قال ، سمعت الضحاك يقول في قوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله"، يقول: بما أنزل عليك وأراكه في كتابه . ونزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعاً فجحد صاحبها، فخونه رجال من أصحاب نبي الله صلى الله عليه وسلم، فغضب له قومه ، وأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : خونوا صاحبنا، وهو أمين مسلم ، فاعذره يا نبي الله وازجر عنه! فقام نبي الله فعذره وكذب عنه ، وهو يرى أنه بريء، وأنه مكذوب عليه ، فأنزل الله بيان ذلك فقال: "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله" إلى قوله: "أم من يكون عليهم وكيلا"، فبين الله خيانته ، فلحق بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام، فنزل فيه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى" إلى قوله: "وساءت مصيرا" [النساء: 115 - 116].
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بما دل عليه ظاهر الآية، قول من قال: كانت خيانته التي وصفه الله بها في هذه الآية، جحوده ما أودع ، لأن ذلك هو المعروف من معاني الخيانات في كلام العرب. وتوجيه تأويل القرآن إلى الأشهر من معاني كلام العرب ما وجد إليه سبيل، أولى من غيره.
فيه مسألة واحدة:
ذهب الطبري إلى أن المعنى ، استغفر الله من ذنبك في خصامك للخائنين ، فأمره بالاستغفار لما هم بالدفع عنهم وقد يد اليهودي وهذا مذهب من جوز الصغائر على الأنبياء صلوات الله عليهم قال ابن عطية: وهذا ليس بذنب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دفع على الظاهر وهو يعتقد براءتهم والمعنى: واستغفر الله للمذنبين من أمتك والمتخاصمين بالباطل ومحلك من الناس أن تسمع من المتداعيين وتقضي بنحو ما تسمع وتستغفر للمذنب وقيل: هو أمر بالاستغفار على طريق التسبيح كالرجل يقول: أستغفر الله على وجه التسبيح من غير أن يقصد توبة من ذنب وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد بنو أبيرق كقوله تعالى :" يا أيها النبي اتق الله " [ الأحزاب: 1] " فإن كنت في شك "[يونس:94].
يقول تعالى: مخاطباً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق" أي هو حق من الله, وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه, وقوله: "لتحكم بين الناس بما أراك الله" احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد بهذه الاية, وبما ثبت في الصحيحين من رواة هشام بن عروة, عن أبيه, عن زينب بنت أم سلمة, عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, سمع جلبة خصم بباب حجرته, فخرج إليهم فقال: "ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع, ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها" وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع, عن أم سلمة, قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست, ليس عندهما بينة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر, ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض, وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع, فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه, فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاماً في عنقه يوم القيامة" فبكى الرجلان, وقال كل منهما: حقي لأخي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما, ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما, ثم ليحلل كل منكما صاحبه" وقد رواه أبو داود من حديث أسامة بن زيد به, وزاد "إني إنما أقضي بينكما برأي فيما لم ينزل علي فيه" .
وقد روى ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته, فسرقت درع لأحدهم, فأظن بها رجل من الأنصار, فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن طعمة بن أبيرق سرق درعي, فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء, وقال لنفر من عشيرته: إني غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده, فانطلقوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان, وقد أحطنا بذلك علماً, فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس, وجادل عنه, فإنه إن لم يعصمه الله بك يهلك, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم, فبرأه وعذره على رؤوس الناس, فأنزل الله "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم" الاية.
ثم قال تعالى: للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الايتين, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين, ثم قال عز وجل: "ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه" الاية, يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين بالكذب ثم قال: "ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً" يعني السارق والذين جادلوا عن السارق, وهذا سياق غريب, وكذا ذكر مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي وابن زيد وغيرهم في هذه الاية: إنها نزلت في سارق بني أبيرق على اختلاف سياقاتهم وهي متقاربة.
وقد روى هذه القصة محمد بن إسحاق مطولة, فقال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الاية من جامعه, وابن جرير في تفسيره: "حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم الحراني, حدثنا محمد بن سلمة الحراني, حدثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة, عن أبيه, عن جده قتادة بن النعمان رضي الله عنه, قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر, وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم ينحله لبعض العرب, ثم يقول: قال فلان كذا وكذاو وقال فلان كذا وكذا, فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث أو كما قال الرجل, وقالوا ابن الأبيرق: قالها, قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام, وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير, وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الدرمك ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه, وأما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير, فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له, وفي المشربة سلاح ودرع وسيف, فعدي عليه من تحت البيت, فنقبت المشربة, وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي, إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه, فنقبت مشربتنا, فذهب بطعامنا وسلاحنا, قال: فتحسسنا في الدار وسألنا, فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم, قال: وكان بنو أبيرق قالوا ـ ونحن نسأل في الدار ـ: والله ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام, فلما سمع لبيد اخترط سيفه وقال: أنا أسرق ؟! والله ليخالطنكم هذا السيف أو لتبينن هذه السرقة, قالوا: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها, فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها, فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له, قال قتادة: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له, وأخذوا سلاحه وطعامه فليردوا علينا سلاحنا, فأما الطعام, فلا حاجة لنا فيه, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سآمر في ذلك, فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسير بن عمرو فكلموه في ذلك, فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار فقالوا: يارسول الله, إن قتادة بن النعمان وعمه, عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت, قال قتادة: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكلمته, فقال: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح, ترميهم بالسرقة على غير بينة ولا ثبت, قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك, فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: الله المستعان ", فلم نلبث أن نزل القرآن "إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً" يعني بني أبيرق, "واستغفر الله" أي مما قلت لقتادة " إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم " ـ إلى قوله ـ "رحيماً" أي لو استغفروا الله لغفر لهم " ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما * ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا " قولهم للبيد "ولولا فضل الله عليك ورحمته "ـ إلى قوله ـ "فسوف نؤتيه أجراً عظيماً" فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة, فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عسى أو عشي ـ الشك من أبي عيسى ـ في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً لما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هو في سبيل الله, فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً, فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين, فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية, فأنزل الله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا " فلما نزل على سلافة بنت سعد, هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به, فرمته في الأبطح, ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير, لفظ الترمذي ثم قال الترمذي: هذا حديث غريب, لا نعلم أحداً أسنده غير محمد بن سلمة الحراني.
ورواه يونس بن بكير وغير واحد عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده, ورواه ابن أبي حاتم عن هاشم بن القاسم الحراني عن محمد بن سلمة به ببعضه. ورواه ابن المنذر في تفسيره: حدثنا محمد بن إسماعيل يعني الصائغ, حدثنا الحسن بن أحمد بن شعيب الحراني, حدثنا محمد بن سلمة, فذكره بطوله. ورواه أبو الشيخ الأصبهاني في تفسيره عن محمد بن عياش بن أيوب والحسن بن يعقوب, كلاهما عن الحسن بن أحمد
ابن أبي شعيب الحراني عن محمد بن سلمة به, ثم قال في آخره: قال محمد بن سلمة: سمع مني هذا الحديث يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إسرائيل, وقد روى هذا الحديث الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه المستدرك عن ابن عباس الأصم, عن أحمد بن عبد الجبار العطاردي, عن يونس بن بكير, عن محمد بن إسحاق بمعناه أتم منه وفيه الشعر, ثم قال: وهذا حديث صحيح على شرط مسلم, ولم يخرجاه.
وقوله تعالى: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله" الاية, هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم, ويجاهرون الله بها, لأنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم, ولهذا قال: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا " تهديد لهم ووعيد. ثم قال تعالى: "ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا" الاية, أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدي لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك, فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي الله تعالى الذي يعلم السر وأخفى ؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم ؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً, ولهذا قال: "أم من يكون عليهم وكيلاً".
قوله 106- "واستغفر الله" أمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستغفار. قال ابن جرير: إن المعنى استغفر الله من ذنبك في خصامك للخائنين: وسيأتي بيان السبب الذي نزلت لأجله الآية، وبه يتضح المراد. وقيل المعنى: واستغفر الله للمذنبين من أمتك والمخاصمين بالباطل.
106-"واستغفر الله"، مما هممت من معاقبة اليهودي، وقال مقاتل: واستغفر الله من جدالك عن طعمة "إن الله كان غفوراً رحيماً".
106" واستغفر الله " مما همت به. " إن الله كان غفورا رحيما " لمن يستغفر.
106. And seek forgiveness of Allah. Lo! Allah is ever Forgiving, Merciful.
106 - But seek the forgiveness of God; for God is oft forgiving, most merciful.