[الزمر : 73] وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ
73 - (وسيق الذين اتقوا ربهم) بلطف (إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها) الواو فيه للحال بتقدير قد (وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم) حال (فادخلوها خالدين) مقدرين الخلود فيها وجواب إذا مقدر أي دخلوها وسوقهم وفتح الأبواب قبل مجيئهم تكرمة لهم وسوق الكفار وفتح أبواب جهنم عند مجيئهم ليبقى حرها إليهم إهانة لهم
يقول تعالى ذكره : وحشر الذين اتقوا ربهم بأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه في الدنيا ، وأخلصوا له فيه الألوهة وأفردوا له العبادة ، فلم يشركوا في عبادتهم إياه شيئاً " إلى الجنة زمراً " يعني جماعات ، فكان سوق هؤلاء إلى منازلهم من الجنة وفداً على ما قد بينا قبل في سورة مريم على نجائب من نجائب الجنة ، وسوق الأخرين إلى النار دعا وورداً ، كما قال الله .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وقد ذكرنا ذلك في أماكنه في هذا الكتاب .
وقد حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً " وفي قوله : " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " قال : كان سوق أولئك عنفا و تبعاً ودفعاً ، وقرأ " يوم يدعون إلى نار جهنم دعا " [ الطور : 13 ] قال : يدفعون دفعاً وقرأ " فذلك الذي يدع اليتيم " [ الماعون : 2 ] قال : يدفعه ، وقرأ " ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا " [ مريم : 86 ] - و - " نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا " [ مريم : 85 ] ثم قال : فهؤلاء وفد الله .
حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : ثنا يزيد ، قال : أخبرنا شريك بن عبد الله ، عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله : " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً " حتى إذا انتهوا إلى بابها ، إذا هم بشجرة يخرج من أصلها عينان ، فعمدوا إلى إحداهما ، فشربوا منها كأنما أمروا به ، فخرج ما في بطونهم من قذر أو أذى أو قذى ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتوضئوا منها كأنما أمروا به ، فجرت عليهم نظرة النعيم ، فلم تشعث رؤوسهم بعدها أبداً ولن تبلى ثيابهم بعدها ، ثم دخلوا الجنة ، فتلقتهم الوالدان كأنهم اللؤلؤ المكنون ، فيقولون : أبشر ، أعد الله لك كذا ، وأعد لك كذا وكذا ، ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه جندل اللؤلؤ الأحمر والأصفر والأخضر ، يتلألأ كأنه البرق ، فلولا أن الله قضى أن لا يذهب بصره لذهب ، ثم يأتي بعضهم إلى بعض أزواجه ، فيقول : أبشري قد قدم فلان بن فلان ، فيسميه بإسمه واسم أبيه ، فتقول : أنت رأيته ، أنت رأيته ؟ فيستخفها الفرح حتى تقوم ، فتجلس على أسكفة بابها ، فيدخل فيتكئ على سريره ، ويقرأ هذه الآية : " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " الآية [ الأعراف : 43 ] .
حدثنا محمد قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، عن السدي ، قال : ذكر أبو إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال : يساقون إلى الجنة ، فينتهون إليها ، فيجدون عند بابها شجرة في أصل ساقها عينان تجريان ، فيعمدون إلى أحداهما ، فيغتسلون منها ، فتجري عليهم نضرة النعيم ، فلن تشعث رؤوسهم بعدها أبداً ، ولن تغبر جلودهم بعدها أبداً ، كأنما دهنوا بالدهان ، ويعمدون إلى الأخرى فيشربون منها ، فيذهب ما في بطونهم من قذى أو أذى ، ثم يأتون باب الجنة فيستفتحون ، فيفتح لهم ، فتلقاهم خزنة الجنة فيقولون " سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " [ النحل : 32 ] قال : وتتلقاهم الولدان المخلدون ، يطوفون بهم كما طيف ولدان أهل الدنيا بالحميم إذا جاء من الغيبة ، يقولون : أبشر أعد الله لك كذا ، وأعد لك كذا ، فينطلق أحدهم إلى زوجته ، فيبشرها به ، فيقول : قدم فلان بإسمه الذين كان يسمى به في الدنيا ، قال : فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها ، وتقول : أنت رأيته ، أنت رأيته ؟ قال : فيقول : نعم ، قال : فيجيء حتى يأتي منزله ، فإذا أصلوه من جندل اللؤلؤ من بين أصفر وأحمر وأخضر ، قال : فيدخل فإذا الأكواب موضوعة والنمارق مصفوفة والزرابي مبثوثة قال : ثم يدخل إلى زوجته من الحور العين ، فلولا أن الله أعدها له لالتمع بصره من نورها وحسنها ، قال : فاتكأ عند ذلك ويقول ، " الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله " [ الأعراف : 43 ] قال : فتناديهم الملائكة : "أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون" [ الأعراف : 43 ] .
حدثنا محمد ، قال : ثنا أحمد ، قال : ثنا أسباط ، قال : ذكر السدي نحوه أيضاً ، غير أنه قال : لهو أهدى إلى منزلة في الجنة منه إلى منزله في الدنيا ، ثم قرأ السدي " ويدخلهم الجنة عرفها لهم " [ محمد : 6 ] .
واختلف أهل العربية في موضع جواب < إذا > التي في قوله : " حتى إذا جاؤوها " فقال بعض نحويي البصرة : يقال أن قوله : " وقال لهم خزنتها " في معنى : قال لهم ، كأنه يلغي الواو . وقد جاء في الشعر شيء يشبة أن تكون الواو زائدة ، كما قال الشاعر :
فإذا وذلك يا كبيشة ثم يكن إلا توهم حالم بخيال
فيشبه أن يكون يريد : فإذا ذلك لم يكن . قال : وقال بعضهم : فأضمر الخبر ، وإضمار الخبر أيضاً أحسن في الآية ، وإضمار الخبر في الكلام كثير . وقال آخر منهم : هو مكفوف عن خبره ، قال :والعرب تفعل مثل هذا ، قال عبد مناف بن ربع في آخر القصيدة :
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة شلا كما تطرد الجمالة الشردا
وقال الأخطل في آخر قصيدة :
خلا أن حيا من قريش تفضلوا على الناس أو أن الأكارم نهشلا
وقال بعض نحويي الكوفة : أدخلت في < حتى إذا > وفي < فلما > الواو في جوابها وأخرجت ، فأما من أخرجها فلا شيء فيه ، ومن أدخلها شبه الأوائل بالتعجب ، فجعل الثاني نسقاً على الأول ، وإن كان الثاني جواباً كأنه قال : أتعجب لهذا وهذا .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال : الجواب متروك ، وإن كان القول الآخر غير مدفوع ، وذلك أن قوله : " وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " يدل على أن في الكلام متروكاً ، إذ كان عقيبه " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده " ، وإذا كان ذلك كذلك ، فمعنى الكلام : حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ، دخلوها وقالوا : الحمد لله الذي صدقنا وعده . وعنى بقوله : " سلام عليكم " : أمنة من الله لكم أن ينالكم بعد مكروه أو أذى . وقوله : " طبتم " يقول : طابت أعمالكم في الدنيا ، فطاب اليوم مثواكم .
وكان مجاهد يقول في ذلك : ما حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله " طبتم " قال : كنتم طيبين في طاعة الله .
قوله تعالى : " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا " يعني من الشهداء والزهاد والعلماء والقراء وغيرهم ، ممن اتقى الله تعالى وعمل بطاعته . وقال في حق الفريقين : ( وسيق ) بلفظ واحد ، فيوق أهل النار طردهم إليها بالخزي والهوان ، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل ، وسوق أهل الجنان سوق مراكبهم إلى دار الكرامة والرضوان ، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين كما يفعل بمن يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك ، فشتان ما بين السوقين . " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " قيل : الواو هنا للعطف عطف على جملة والجوال محذوف . قال المبرد : أي سعدوا وفتحت ، وحذف الحواب بليغ في كلام العرب . وأنشد :
فلو أنها نفس تموت جميعة ولكنها نفس تساقط أنفسها
فحذف جواب لو والتقدير لكان أروح . وقال الزجاج : ( حتى إذا جاؤوها ) دخلوها وهو قريب من الأول . وقيل : الواو زائدة . وقاله الكوفيون وهو خطأ عند البصريين . وقد قيل : إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله تعالى ، والتقدير حتى إذا جاؤوها ابها مفتحة ، بدليل قوله : " جنات عدن مفتحة لهم الأبواب " ص.50] وحذف الواو في قصة أهل النار ، لأنهم وفقوا على انار وفتحت بعد وقوفهم إذلالاً وترويعاً لهم . ذكره المهدوي وحكى معناه النحاس قبله .قال النحاس : فأما الحكمة في إثبات الواو في الثاني وحذفها من الأول ، فقد تكلم فيه بعض أهل العلم بقول لا أعلم أنه سبقه إليه أحد ، وهو أنه لما قال الله عزوجل في أهل النار : " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " دل لهذا على أنها كانت مغلقة ولما قال في أهل الجنة : " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " دل بهذا على أنها كانت مفتحة قبل أن يجيئوها ، والله أعلم . وقيل : إنها واو الثمانية ، فإذا بلغوا السبعة قالوا وثمانية . قاله ابو بكر بن عياش . قال الله تعالى : " سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام " [الحاقة : 7] وقال : ( التائبوهن العابدون ) ثم قال في الثامن : " والناهون عن المنكر " [التوبة : 112] وقال : " ويقولون سبعة وثامنهم " [الكهف : 22] وقال : " ثيبات وأبكارا " [التحريم : 5] وقد مضى القول في هذا في ( براءة ) مستوفى وفي ( الكهف ) أيضاً .
قلت : وقد استدل بهذا من قال إن أبواب الجنة ثمانية ، وذكروا حديث عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ _ أو فيسبغ الوضوء _ ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " خرجه مسلم وغيره . وقد خرج الترمذي خديث عمر هذا وقال فيه : " فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يوم القيامة" بزيادة من ، وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية . وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكير وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر باباً ، وذكرنا هناك عظم أبوابها وسعتها حسب ما ورد في حديث من ذلك ، فمن أراده وقف عليه هناك " وقال لهم خزنتها " قيل : الوالو ملغاة تقديره حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها ( قال لهم خزنتها ) . " سلام عليكم طبتم " أي في الدنيا . قال مجاهد : بطاعة الله . وقيل : بالعمل الصالح . حكاه النقاش والمعنى واحد . وقال مقاتل : إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار ، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدينا ، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه : ( سلام عليكم ) بمعنى التحية ) " طبتم فادخلوها خالدين " . قلت : خرج البخاري حديث القنطرة هذا في جامعة من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا " وحكى النقاش : إن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر وذلك قوله تعالى : " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " [ الإنسان : 21] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم فعندها يقول لهم خزنتها : " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " وهذا يروى معناه عن علي رضي الله عنه .
وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حيث يساقون على النجائب وفداً إلى الجنة زمراً أي جماعة بعد جماعة: المقربون ثم الأبرار ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء والصديقون مع أشكالهم والشهداء مع أضرابهم, والعلماء مع أقرانهم وكل صنف مع صنف كل زمرة يناسب بعضها بعضاً " حتى إذا جاؤوها " أي وصلوا إلى أبواب الجنة بعد مجاوزة الصراط حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة وقد ورد في حديث الصور أن المؤمنين إذا انتهوا إلى أبواب الجنة تشاوروا فيمن يستأذن لهم في الدخول فيقصدون آدم ثم نوحاً ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمداً صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين كما فعلوا في العرصات عند استشفاعهم إلى الله عز وجل أن يأتي لفصل القضاء ليظهر شرف محمد صلى الله عليه وسلم على سائر البشر في المواطن كلها وقد ثبت في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا أول شفيع في الجنة" وفي لفظ لمسلم "وأنا أول من يقرع باب الجنة".
وقال الإمام أحمد: حدثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟ فأقول محمد ـ قال ـ فيقول بك أمرت أن لا افتح لأحد قبلك" ورواه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد وزهير بن حرب كلاهما عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان وهو ابن المغيرة القيسي عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به. وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يمتخطون فيها ولا يتغوطون فيها, آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله تعالى بكرة وعشيا" ورواه البخاري عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك. ورواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق كلاهما عن معمر بإسناده نحوه وكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب والفضة ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعاً في السماء" وأخرجاه أيضاً من حديث جرير وقال الزهري عن سعيد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفاً تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر" فقام عكاشة بن محصن فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال: "اللهم اجعله منهم" ثم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلني منهم فقال صلى الله عليه وسلم: "سبقك بها عكاشة" أخرجاه وقد روى هذا الحديث ـ في السبعين ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ـ البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين وابن مسعود ورفاعة بن عرابة الجهني وأم قيس بنت محصن رضي الله عنهم ولهما عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً أو سبعمائة ألف آخذ بعضهم ببعض حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة وجوههم على صورة القمر ليلة البدر". وقال أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد قال: سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً مع كل ألف سبعون ألفاً لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل" وكذا رواه الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر عن أبي اليمان عامر بن عبد الله بن لحي عن أبي أمامة ورواه الطبراني عن عتبة بن عبد السلمي "ثم مع كل ألف سبعين ألفاً" ويروى مثله عن ثوبان وأبي سعيد الأنماري وله شواهد من وجوه كثيرة. وقوله تعالى: " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " لم يذكر الجواب ههنا, وتقديره حتى إذا جاءوها وكانت هذه الأمور من فتح الأبواب لهم إكراماً وتعظيماً وتلقتهم الملائكة الخزنة بالبشارة والسلام والثناء لا كما تلقى الزبانية الكفرة بالتثريب والتأنيب فتقديره إذا كان هذا سعدوا وطابوا وسروا وفرحوا بقدر كل ما يكون لهم فيه نعيم, وإذا حذف الجواب ههنا ذهب الذهن كل مذهب في الرجاء والأمل, ومن زعم أن الواو في قوله تبارك وتعالى: "وفتحت أبوابها" واو الثمانية واستدل به على أن أبواب الجنة ثمانية فقد أبعد النجعة وأغرق في النزع, وإنما يستفاد كون أبواب الجنة ثمانية من الأحاديث الصحيحة.
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله تعالى دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب, فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة, ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة, ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد, ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان" فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله ما على أحد من ضرورة دعي من أيها دعي فهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم: "نعم وأرجو أن تكون منهم" رواه البخاري ومسلم من حديث الزهري بنحوه وفيهما من حديث أبي حازم سلمة بن دينار عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة ثمانية أبواب باب منها يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون" وفي صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء" وقال الحسن بن عرفة حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مفتاح الجنة لا إله إلا الله".
ذكر سعة أبواب الجنة ـ نسأل الله من فضله العظيم أن يجعلنا من أهلها
وفي الصحيحين من حديث أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة الطويل "فيقول الله تعالى يا محمد أدخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن وهم شركاء الناس في الأبواب الأخر والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر ـ أو هجر ومكة ـ وفي رواية ـ مكة وبصرى" وفي صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان أنه خطبهم خطبة فقال فيها ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام, وفي المسند عن حكيم بن معاوية عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله, وقال عبد بن حميد حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ما بين مصراعين في الجنة مسيرة أربعين سنة". وقوله تبارك وتعالى: "وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم" أي طابت أعمالكم وأقوالكم وطاب سعيكم وطاب جزاؤكم كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادي بين المسلمين في بعض الغزوات "إن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة ـ وفي رواية ـ مؤمنة" وقوله: "فادخلوها خالدين" أي ماكثين فيها أبداً لا يبغون عنها حولاً "وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده" أي يقول المؤمنون إذا عاينوا في الجنة ذلك الثواب الوافر والعطاء والنعيم المقيم والملك الكبير يقولون عند ذلك "الحمد لله الذي صدقنا وعده" أي الذي كان وعدنا على ألسنة رسله الكرام كما دعوا في الدنيا " ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد " "وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله لقد جاءت رسل ربنا بالحق" "وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور * الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب" وقوله: "وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين". قال أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وابن زيد أي أرض الجنة فهذه الاية كقوله تعالى: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" ولهذا قالوا "نتبوأ من الجنة حيث نشاء" أي أين شئنا حللنا فنعم الأجر أجرنا على عملنا وفي الصحيحين من حديث الزهري عن أنس رضي الله عنه في قصة المعراج قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أدخلت الجنة فإذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك".
وقال عبد الرحمن بن حميد: حدثنا روح بن عبادة حدثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة الجنة فقال در مكة بيضاء مسك خالص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صدق" وكذا رواه مسلم من حديث أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه به, ورواه مسلم أيضاً عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن الجرير عن أبي نضرة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال إن ابن صائد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال: "در مكة بيضاء مسك خالص". وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله تعالى: "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً" قال سيقوا حتى انتهوا إلى باب من أبواب الجنة فوجدوا عندها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فعمدوا إلى إحداهما فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم فلم تغير أبشارهم بعدها أبداً ولم تشعث أشعارهم أبداً بعدها كأنما دهنوا بالدهان ثم عمدوا إلى الأخرى كأنما أمروا بها فشربوا منها فأذهبت ما كان في بطونهم من أذى أو قذى وتلقتهم الملائكة على أبواب الجنة "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين" وتلقى كل غلمان صاحبهم يطوفون به فعل الولدان بالحميم جاء من الغيبة أبشر قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا وقد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا, قال وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين فيقول هذا فلان باسمه في الدنيا فيقلن أنت رأيته فيقول نعم فيستخفهن الفرح حتى تخرج إلى أسكفة الباب قال فيجيء فإذا هو بنمارق مصفوفة وأكواب موضوعة وزرابي مبثوثة, قال ثم ينظر إلى تأسيس بنيانه فإذا هو قد أسس على جندل اللؤلؤ بين أحمر وأخضر وأصفر وأبيض ومن كل لون ثم يرفع طرفه إلى سقفه فلولا أن الله تعالى قدره له لألم أن يذهب ببصره إنه لمثل البرق ثم ينظر إلى أزواجه من الحور العين ثم يتكىء على أريكة من أرائكه ثم يقول: "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله".
ثم قال: حدثنا أبي حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي قال: سمعت أبا معاذ البصري يقول إن علياً رضي الله عنه كان ذات يوم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون ـ أو يؤتون ـ بنوق لها أجنحة وعليها رحال الذهب شراك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مد البصر فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من إحداهما فتغسل ما في بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبداً وتجري عليهم نضرة النعيم فينتهون ـ أو فيأتون ـ باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب فيضربون بالحلقة على الصفيحة فيسمع لها طنين بأعلى فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتبعث قيمها فيفتح له فإذا رآه خر له ـ قال مسلمة أراه قال ساجداً ـ فيقول ارفع رأسك فإنما أنا قيمك وكلت بأمرك فيتبعه ويقفو أثره فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر الياقوت حتى تعتنقه ثم تقول أنت حبي وأنا حبك وأنا الخالدة التي لا أموت وأنا الناعمة التي لا أبأس وأنا الراضية التي لا أسخط وأنا المقيمة التي لا أظعن فيدخل بيتاً من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق أصفر وأخضر وأحمر ليس فيها طريقة تشاكل صاحبتها في البيت سبعون سريراً على كل سرير سبعون حشية على كل حشية سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه, الأنهار من تحتهم تطرد "أنهار من ماء غير آسن" ـ قال صاف لا كدر فيه ـ "وأنهار من لبن لم يتغير طعمه" ـ قال لم يخرج من ضروع الماشية ـ "وأنهار من خمرة لذة للشاربين" ـ قال لم تعصرها الرجال بأقدامهم ـ "وأنهار من عسل مصفى" ـ قال لم يخرج من بطون النحل, يستجني الثمار فإن شاء قائماً وإن شاء قاعداً وإن شاء متكئاً ـ ثم تلا "ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلاً" فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض قال وربما قال أخضر قال فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول: سلام عليكم تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت في الأرض لأضاءت الشمس معها سواداً في نور" هذا حديث غريب وكأنه مرسل, والله أعلم.
لما ذكر فيما تقدم حال الذين كفروا وسوقهم إلى جهنم، ذكر هنا حال المتقين وسوقهم إلى الجنة فقال 73- "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً" أي ساقتهم الملائكة سوق إعزاز وتشريف وتكريم. وقد سبق بيان معنى الزمر " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " جواب إذا محذوف. قال المبرد تقديره: سعدوا وفتحت، وأنشد قول الشاعر:
فلو أنها نفس تموت جميعة ولكنها نفس تساقط أنفسا
فحذف جواب لو، والتقدير: لكان أروح. وقال الزجاج: القول عندي أن الجواب محذوف على تقدير: حتى إذا جاءوها، وكانت هذه الأشياء التي ذكرت دخلوها فالجواب دخلوها وحذف لأن في الكلام دليلاً عليه. وقال الأخفش والكوفيون: الجواب فتحت والواو زائدة، وهو خطأ عند البصريين، لأن الواو من حروف المعاني فلا تزاد. وقيل إن زيادة الواو دليل على أن الأبواب فتحت لهم قبل أن يأتوا لكرامتهم على الله، والتقدير: حتى إذا جاءوها وأبوابها مفتحة بدليل قوله "جنات عدن مفتحة لهم الأبواب" وحذفت الواو في قصة أهل النار، لأنهم وقفوا على النار وفتحت بعد وقوفهم إذلالاً وترويعاً. ذكر معناه النحاس منسوباً إلى بعض أهل العلم، قال: ولا أعلم أنه سبقه إليه أحد. وعلى هذا القول تكون الواو واو الحال بتقدير قد: أي جاءوها وقد فتحت لهم الأبواب. وقيل إنها واو الثمانية، وذلك أن من عادة العرب أنهم كانوا يقولون في العدد: خمسة ستة سبعة وثمانية، وقد مضى القول في هذا في سورة براءة مستوفى وفي سورة الكهف أيضاً. ثم أخبر سبحانه أن خزنة الجنة يسلمون على المؤمنين فقال: "وقال لهم خزنتها سلام عليكم" أي سلام لكم من كل آفة "طبتم" في الدنيا فلم تتدنسوا بالشرك والمعاصي. قال مجاهد: طبتم بطاعة الله، وقيل بالعمل الصالح، والمعنى واحد. قال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم حتى إذا هذبوا طيبوا قال لهم رضوان وأصحابه " سلام عليكم " الآية "فادخلوها" أي ادخلوا الجنة "خالدين" أي مقدرين الخلود.
73. " وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها "، قال الكوفيون: هذه الواو زائدة حتى تكون جواباً لقوله: " حتى إذا جاؤوها " كما في سوق الكفار، وهذا كما قال الله تعالى: " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء " (الأنبياء-48)، [أي: ضياء]، والواو زائدة.
وقيل: الواو واو الحال، مجازه: وقد فتحت أبوابها، فأدخل الواو لبيان أنها كانت مفتحة قبل مجيئهم، وحذفها في الآية الأولى لبيان أنها كانت مغلقة قبل مجيئهم.
فإذا لم تجعل الواو زائدة في قوله: (( وفتحت )) اختلفوا في جواب قوله:
" وقال لهم خزنتها "، والواو فيه ملغاة تقديره: حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها.
وقال الزجاج : القول عندي أن الجواب محذوف، تقديره: " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها، وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " دخلوها، لدلالة الكلام عليه.
" وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم " يريد أن خزنة الجنة يسلمون عليهم ويقولون: طبتم.
قال ابن عباس: طاب لكم المقام. قال قتادة : هم إذا قطعوا النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص بعضهم من بعض حتى إذا هذبوا وطيبوا أدخلوا الجنة، فقال لهم رضوان وأصحابه: (( سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين )).
وروي عن علي عليه السلام قال: سيقوا إلى الجنة فإذا انتهوا إليها وجدوا عند بابها شجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيغتسل المؤمن من إحداهما فيطهر ظاهره، ويشرب من الأخرى فيطهر باطنه، وتلقيهم الملائكة على أبواب الجنة يقولون: " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ".
73-" وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة " إسراعاً بهم إلى دار الكرامة ، وقيل سيق مراكبهم إذ لا يذهب بهم إلا راكبين . " زمراً " على تفاوت مراتبهم في الشرف وعلو الطبقة . " حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها " حذف جواب إذا للدلالة على أن لهم حينئذ من الكرامة والتعظيم ما لا يحيط به الوصف ، وأن أبواب الجنة تفتح لهم قبل مجيئهم غير منتظرين ، وقرأ الكوفيون فتحت بالتخفيف . " قال لهم خزنتها سلام عليكم " لا يعتريكم بعد مكروه " طبتم " طهرتم من دنس المعاصي " فادخلوها خالدين " مقدرين الخلود فيها ، والفاء للدلالة على أن طيبهم سبب لدخولهم وخلودهم ، وهو لا يمنع دخول العاصي بعفوة لأنه مطهره .
73. And those who keep their duty to their Lord are driven unto the Garden in troops till, when they reach it, and the gates thereof are opened, and the warders thereof say unto them: Peace be unto you! Ye are good, so enter ye (the Garden of delight), to dwell therein;
73 - And those who feared their Lord will be led to the Garden in crowds: until behold, they arrive there; its gates will be opened; and its Keepers will say: peace be upon you. well have ye here, to dwell therein.