[الزمر : 15] فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ
15 - (فاعبدوا ما شئتم من دونه) غيره فيه تهديد لهم وإيذان بأنهم لا يعبدون الله تعالى (قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة) بتخليد الأنفس في النار وبعدم وصولهم إلى الحور المعدة لهم في الجنة لو آمنوا (ألا ذلك هو الخسران المبين) البين
فاعبدوا أنتم أيها القوم ما شئتم من الأوثان والأصنام ، وغير ذلك مما تعبدون من سائر خلقه ، فستعلمون وبال عاقبة عبادتكم ذلك إذا لقيتم ربكم.
وقوله "قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم" يقول تعالى ذكره : قل يا محمد لهم : إن الهالكين الذين غبنوا أنفسهم ، وهلكت بعذاب الله أهلوهم مع أنفسهم ، فلم يكن لهم إذ دخلوا النار فيها أهل ، وقد كان لهم في الدنيا أهلون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي ، قال : ثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله "قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة" قال : هم الكفار الذين خلقهم الله للنار، وخلق النار لهم ، فزالت عنهم الدنيا، وحرمت عليهم الجنة ، قال الله "خسر الدنيا والآخرة" [الحج :11].
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد، في قوله "قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة"قال : هؤلاء أهل النار، خسروا أنفسهم في الدنيا، وخسروا الأهلين ، فلم يجدوا في النار أهلاً، وقد كان لهم في الدنيا أهل.
حدثت عن ابن أبي زائدة، عن ابن جريج ، عن مجاهد، قال : غبنوا أنفسهم وأهليهم ، قال ،: يخسرون أهليهم ، فلا يكون لهم أهل يرجعون إليهم ، ويخسرون أنفسهم ، فيهلكون في النار، فيموتون وهم أحياء فيخسرونهما.
وقوله "ألا ذلك هو الخسران المبين" يقول تعالى ذكره : ألا إن خسران هؤلاء المشركين أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، وذلك هلاكها هو الخسران المبين ، يقول تعالى ذكره : هو الهلاك الذي يبين لمن عاينه وعلمه أنه الخسران.
قوله تعالى : " فاعبدوا ما شئتم من دونه " أمر تهديد ووعيد وتوبيخ ، كقوله تعالى : " اعملوا ما شئتم " [ فصلت : 40] وقيل : منسوخة بآية السيف . قوله تعالى : " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة " قال ميمون بن مهران عن ابن عباس : ليس من أحد إلا وقد خلق اله له زوجة في الجنة ، فإذا دخل النار خسر نفسبه وأهله . وفي رواية عن ابن عباس : فمن عمل بطاعة الله كان له ذلك المنزل والأهل إلاما كان له قبل ذلك ، وهو قوله تعالى : " أولئك هم الوارثون " [المؤمنون : 10] .
يقول تعالى قل يا محمد وأنت رسول الله "إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" وهو يوم القيامة وهذا شرط معناه التعريض بغيره بطريق الأولى والأحرى " قل الله أعبد مخلصا له ديني * فاعبدوا ما شئتم من دونه " وهذا أيضاً تهديد وتبر منهم "قل إن الخاسرين" أي إنما الخاسرون كل الخسران "الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة" أي تفارقوا فلا التقاء لهم أبداً وسواء ذهب أهلوهم إلى الجنة وقد ذهبوا هم إلى النار أو أن الجميع أسكنوا النار ولكن لا اجتماع لهم ولا سرور "ألا ذلك هو الخسران المبين" أي هذا هو الخسران المبين الظاهر الواضح ثم وصف حالهم في النار فقال: "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل" كما قال عز وجل: " لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين ".
وقال تعالى: "يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون" وقوله جل جلاله: "ذلك يخوف الله به عباده" أي إنما يقص خبر هذا الكائن لا محالة ليخوف به عباده لينزجروا عن المحارم والمآثم. وقوله تعالى: "يا عباد فاتقون" أي اخشوا بأسي وسطوتي وعذابي ونقمتي.
15- "فاعبدوا ما شئتم" أن تعبدوه "من دونه" هذا الأمر للتهديد والتقريع والتوبيخ كقوله: " اعملوا ما شئتم " وقيل إن الأمر على حقيقته، وهو منسوخ بآية السيف، والأول أولى "قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة" أي إن الكاملين في الخسران هم هؤلاء، لأن من دخل النار فقد خسر نفسه وأهله. قال الزجاج: وهذا عيني به الكفار فإنهم خسروا وأنفسهم بالتخليد في النار، وخسروا أهليلهم، لأنهم لم يدخلوا مدخل المؤمنين الذين لهم أهل في الجنة، وجملة "ألا ذلك هو الخسران المبين" مستأنفة لتأكيد ما قبلها، وتصديرها بحرف التنبيه للإشعار بأن هذا الخسران ووصفه بكونه مبيناً، فإنه يدل على أنه الفرد الكامل من أفراد الخسران وأنه لا خسران يساويه ولا عقوبة تدانيه.
15. " فاعبدوا ما شئتم من دونه "، أمر توبيخ وتهديد، كقوله: " اعملوا ما شئتم " (فصلت-40)، " قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم "، أزواجهم وخدمهم، " يوم القيامة "، قال ابن عباس: وذلك أن الله جعل لكل إنسان منزلاً في الجنة وأهلاً، فمن عمل بطاعة الله كان ذلك المنزل والأهل له، ومن عمل بمعصية الله دخل النار، وكان ذلك المنزل والأهل لغيره ممن عمل بطاعة الله. وقيل: خسران النفس بدخول النار، وخسران الأهل بأن يفرق بينه وبين أهله، " ألا ذلك هو الخسران المبين ".
15-" فاعبدوا ما شئتم من دونه " تهديداً وخذلاناً لهم " قل إن الخاسرين " الكاملين في الخسران " الذين خسروا أنفسهم " بالضلال " وأهليهم " بالإضلال . " يوم القيامة " حين يدخلون النار بدل الجنة لأنهم جمعوا وجوه الخسران .وقيل وخسروا أهليهم لأنهم إن كانوا من أهل النار فقد خسروهم كما خسروا أنفسهم ، وإن كانوا من أهل الجنة فقد ذهبوا عنهم ذهاباً لا رجوع بعده " ألا ذلك هو الخسران المبين " مبالغة في خسرانهم لما فيه من الاستئناف والتصدير بـ" ألا " ، وتوسيط الفصل وتعريف الخسران ووصفه بـ" المبين " .
15. Then worship what ye will beside Him. Say: The losers will be those who lose themselves and their housefolk on the Day of Resurrection. Ah, that will be the manifest loss!
15 - Serve ye what ye will beside Him. Say: Truly, those in loss are those who lose their own souls and their People on the Day of Judgment: ah that is indeed the (real and) evident Loss.